حلويات تقليدية وحشائش و"شاربات" في رمضان الجزائر

حلويات تقليدية وحشائش و"شاربات" في رمضان الجزائر

10 مايو 2021
حشائش في الجزائر في غياب تدابير الوقاية من كورونا (العربي الجديد)
+ الخط -

 

يُعَدّ شهر رمضان فرصة لهؤلاء الذين يسوّقون بضائع موسمية خاصة به. وتكون هذه البضائع بمعظمها تقليدية تخصّ بلداً أو منطقة من دون سواهما. هذه هي الحال في الجزائر، كما هي في كل البلدان المحتفية بهذه المناسبة.

في شهر رمضان، تمتلئ أسواق الجزائر بالسلع والمنتجات الغذائية الموسمية. وفي حين أنّ الجزائري قد يتمكّن من العثور على بعض منها في أوقات أخرى، غير أنّ ثمّة أنواعاً كثيرة لا تتوفّر في البلاد إلا في هذا الوقت من العام، فتكون موسمية عن حقّ. وتُعرَض تلك البضائع في واجهات المحال وعلى الأرصفة وعند مداخل الأسواق، إذ يغتنم بائعوها هذا الشهر لجني الأرباح نتيجة إقبال الجزائريين الكبير عليها. ومنها نذكر الحشائش، وتحديداً المعدنوس أو البقدونس والقصبر أو الكزبرة والكرافس المطلوبة لتحضير أطباق الإفطار، بالإضافة إلى الحلويات التي تفرض نفسها في مثل هذه الأيام، من قبيل الزلابية وقلب اللوز والقطايف، فتزيّن موائد السهرات عندما تجتمع العائلة والأحبة. ولا ننسى "الشاربات" وهو مشروب يصنع بطريقة تقليدية وله نكهته الخاصة.

والإقبال على هذه المنتجات ينعش التجارة في هذه الأيام، إذ يدفع شباناً كثراً إلى اغتنام الفرصة لجني المال، فيما يلجأ آخرون إلى تغيير نشاطهم تماشياً مع متطلبات السوق، خصوصاً إذا كانت أعمالهم تعرف ركوداً كبيراً في شهر رمضان. الشاب حكيم واحد من هؤلاء، وهو يملك محلاً في مدينة حجوط في ولاية تيبازة غرب العاصمة الجزائرية، يقصده مئات الزبائن لشراء حلوى قلب اللوز التي تُعَدّ من الحلويات الأكثر شعبية في البلاد. يقول حكيم لـ"العربي الجديد" إنّ الأمور ليست سهلة في هذا العام، "خصوصاً مع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأولية التي تُستخدم في صناعة الحلويات، لا سيّما الزيت، وهو ما زاد الطين بلة، فصرنا مضطرين إلى رفع الأسعار مقارنة بالأعوام الماضية". يضيف حكيم أنّ "صناعة قلب اللوز هي حرفة توارثناها أبّا عن جدّ، ومحلّنا معروف على مستوى المنطقة، وفي شهر رمضان نضاعف نشاطنا، لأنّنا نتلقى الطلبات من تجار صغار يتكفلون ببيع منتجاتنا في بلديات أخرى. لكنّنا وجدنا صعوبة كبيرة في هذا العام لإقناعهم بضرورة رفع الأسعار تماشياً مع غلاء المواد التي نستخدمها".

الصورة
زلابية في رمضان في الجزائر (بلال بن سالم/ Getty)
الزلابية لا تُفوَّت في رمضان (بلال بن سالم/ Getty)

في سياق متصل، يعمد شبان كثر إلى استئجار محلات لبيع مشروبات رمضان وحلوياته بالإضافة إلى الخبز التقليدي، ويسعون إلى أن تكون المواقع مميّزة على مقربة من الأسواق الشعبية وأماكن تجمّع المواطنين، ليضمنوا ترويجاً جيداً لسلعهم. كذلك يعمد أصحاب مطاعم ومحلات وجبات سريعة إلى تغيير نشاطاتهم، فيتوجهون إلى بيع المشروبات التي تصنع يدوياً إلى جانب أخرى غازية، فيما يعرضون أطباق حلويات من مختلف الأصناف. إبراهيم واحد من هؤلاء، علماً أنّه يملك مطعماً في وسط مدينة شرشال العتيقة في ولاية تيبازة. وهو في هذه الأيام، ينهمك منذ الصباح في تحضير "الشاربات" أو عصير الليمون الطبيعي بوصفة خاصة ينافس من خلالها نظراءه، فيجذب أكبر عدد من الزبائن. يقول إبراهيم لـ"العربي الجديد" إنّه "مع توقف نشاطنا الخاص في المطعم في خلال رمضان، نضطر إلى تغيير نشاطنا. ونعمد منذ أعوام إلى ذلك، فنبيع الحلويات والمشروبات والخبز التقليدي حفاظاً على مدخولنا حتى نتمكن من دفع رواتب عمال المطعم، ومسايرة متطلبات الزبائن في رمضان". يأتي ذلك في حين أنّ الأزمة الوبائية أثّرت بشكل بالغ على الوضع الاجتماعي وعلى النشاط التجاري في البلاد.

ويرى جزائريون كثر في شهر رمضان فرصة مواتية للاسترزاق، مثل الشاب سليم الذي يبيع الحشائش منذ سنوات، والتي تعرف طلباً متزايداً في رمضان من قبيل القصبر  والمعدنوس والنعناع والكرافس والسبانخ أو السلق. فيتنقّل بسيارته الخاصة في عدد من الأسواق، حيث يوزّع كمية كبيرة منها على بعض التجار بعد شرائها من الفلاحين، خصوصاً في سوق المكسيك المشهور في مدينة القليعة على مقربة من العاصمة الجزائرية. ويقول سليم لـ"العربي الجديد": "متعلق بزبائني، وهذا ما يجعلني أتردد إلى سوق المكسيك يومياً من أجل بيع الحشائش، بالإضافة إلى الزيتون والخبز المصنوع في البيوت وفي الفرن الطيني وشرائح العجين التي تُعرف باسم "الديول". وهي تُستخدم في إعداد أصابع محشية بالتونة والجبن ومسحوق البطاطا. وأنا أحرص على اختيار النوعية الجيدة حفاظاً على سمعتي. وبعد انتهاء شهر رمضان، أختار تجارة أخرى تتناسب مع المرحلة".

تجدر الإشارة إلى أنّه، وبينما تأثّر بائعو المنتجات الموسمية في رمضان الماضي بسبب حظر البيع والتجوّل تطبيقاً لتدابير الوقاية من فيروس كورونا الجديد، يسعى هؤلاء هذا العام إلى تعويض ما فاتهم، خصوصاً أنّ السلطات سهّلت الأمور هذا العام من خلال إتاحة مساحات لتصريف المنتجات وتنظيم نشاط الباعة.

المساهمون