حلب: نزوح عائلات إلى مناطق سيطرة النظام

30 نوفمبر 2024
قوات من المعارضة المسلحة إلى جانب مواطنين بحلب، 29 نوفمبر 2024 (محمود حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت حلب نزوحاً هادئاً خلال الأيام الماضية، حيث انتقل الأهالي داخل المدينة أو إلى مدن أخرى خوفاً من ردود فعل القوى المتحاربة، مع تركز النزوح قبل وصول الفصائل المعارضة.
- لم يحدث نزوح جماعي في الأحياء الغربية باستثناء بعض العائلات، وسُلمت المدينة دون مواجهات، مما أوقف النزوح، لكن الأهالي يعيشون في خوف بعد انسحاب القوات.
- فرّ الأهالي إلى مناطق آمنة مثل دمشق ومناطق قسد، حيث قدمت منظمات مدنية المأوى والمساعدات، واستقبلت السويداء مئات الطلاب الذين تم إجلاؤهم.

شهدت مدينة حلب والريف المجاور خلال الأيام الثلاثة الماضية حركة نزوح للأهالي وُصفت بالهادئة والآمنة داخل أحياء المدينة وخارجها إلى بعض المدن والمحافظات. وكان معظمها يوحي بإعادة تموضع داخل المدينة للعديد من الأهالي أو بالهروب من المجهول نتيجة الخوف والقلق من ردة فعل القوى المتحاربة.

وتركزت حركة النزوح إلى خارج المحافظة قبل وصول الفصائل المعارضة إلى حلب وفي أثناء دخولها إلى بعض الأحياء الغربية منها، وتوجهت عشرات العائلات إلى الساحل السوري وحمص ودمشق عبر طريق حمص الرئيسي قبل أن تصل إليه الاشتباكات المسلحة ويضطر العديد من العائلات إلى سلوك الطريق الآمن شرقاً إلى خناصر، ومنها باتجاه حماه وحمص.

ويقول أحد الطلبة المقيمين في حيّ الزهراء، لـ "العربي الجديد، إن العديد من عائلات العسكريين والموظفين الكبار وبعض التجار قد بدأت بالرحيل من الأحياء الغربية في مدينة حلب قبل انطلاق معركة "ردع العدوان" بأيام، بينما لم تشهد هذه الأحياء من سكانها الأساسيين سوى بعض التنقلات إلى الأحياء الشرقية، وخصوصاً منطقة "الشيخ مقصود"، وذلك تخوفاً من احتدام المعارك والقصف العشوائي.

وأكد في حديثه عدم مشاهدة حالات نزوح جماعي من المدينة إلا تلك القافلة من المدنيين التي رافقت قوّات الجيش السوري المنسحبة من حلب باتجاه طريق خناصر شرقاً وسط تأكيد العديد من الناس أن معظم العائلات المرافقة للقوات السورية هي من عائلات العسكريين ومن الأهالي المقيمين حديثاً وطلاب الجامعات. أما عن الفيديو المتداول بكثرة عن حالات النزوح، فهو يصور الطلبة السوريين في أثناء خروجهم من المدينة الجامعية باتجاه الكراجات الخاصة بمحافظاتهم.

وكان رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي، قد كتب على موقعه على "فيسبوك": "خُذلنا أمنياً عام 2012، وخُذلنا بعدها خدمياً واقتصادياً ومعيشياً ولسنوات، وخُذلنا مرة أخرى البارحة وتم تسليمنا بهدوء في مشهد شبيه بما حدث في الموصل عام 2014. ماذا فعلنا لنستحق كل هذا الخذلان؟"، مؤكداً اضطراره إلى مغادرة حلب.

ووسط استغراب محلي ودولي لما يحصل في حلب وريفها وسهولة وصول فصائل المعارضة إلى معظم المراكز الأمنية والحكومية من دون عمليات اقتتال تُذكر ودون مقاومة، وانسحاب كامل لقوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية الحليفة، أكد العديد من أهالي حلب، لـ "العربي الجديد"، أن المدينة سُلمت دون مواجهات، ما أدى إلى وقف حالات النزوح والهرب، في الوقت الذي يعيش فيه أهالي المدينة حالة من الخوف والترقب.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد ذكر أن "العمليات العسكرية أودت بحياة 255 شخصاً، معظمهم من العسكريين وعناصر الفصائل المعارضة، فيما أودت بحياة 24 مدنياً من سكان المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، الذين قضوا بقصف طائرات روسية.

يقول محمد العتر، وهو نازح من حيّ الشيخ مقصود بحلب، إحدى المناطق التي تسيطر عليها الفصائل الكردية، لـ "العربي الجديد": "لم تطاول المعارك منطقتي حتى الآن، لكنني قررت الهرب بعائلتي إلى دمشق تحسباً لأي حدث طارئ، فليس باستطاعتي تحمّل أي حدث يجري في المستقبل إذا ما قررت الجهات المتنازعة القيام بأي عمليات عسكرية في منطقتي. يكفي ما كنا نعانيه من مضايقات من قبل فصائل قوات سورية الديمقراطية، ولست مضطراً إلى أن تتعرض عائلتي لأي مكروه".

في المقابل، فرّت خلود عقيل، وهي نازحة من حيّ الجميلية بمدينة حلب، لتلجأ إلى مناطق سيطرة قسد بعد سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على عدة أحياء في المدينة، نافية تعرضها لأي نوع من أنواع الانتهاكات. إلا أنها فضلت النأي بنفسها وبأبنائها وبناتها عن الصراع الدائر. وتشير إلى أن منظمات مدنية في المنطقة التي لجأت إليها أمّنت مسكناً لها ولأولادها، ومنحتها سلة غذائية وبطانيات وحرامات وسلة طبية صغيرة.

وتحدث أحد النازحين من مدينة حلب إلى دمشق، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، عن ظروف الطريق الذي سلكه هو وعدد من النازحين في حافلة نقل جماعي عبر طريق أثريا ـ خناصر ـ دمشق، مشيراً إلى أن القلق والخوف رافقاهم طوال الطريق الذي كان الأكثر أماناً لرحلتهم، مشيراً إلى أن حافلتهم كانت من ضمن قافلة، ولم تتعرّض أي جهة لهم. إلا أن المسافة الطويلة كانت كفيلة بإرهاقهم.

وكانت محافظة السويداء قد استقبلت ليل أمس ما يقارب 600 طالب وطالبة كانوا يدرسون في حلب، واستمرت عملية إجلائهم 16 ساعة. وذكر العديد من الطلاب أن سبب التأخير عمليات التفتيش والتفييش على الأسماء من قبل عناصر الأمن السوري في الكراجات التي استغرقت لساعات، مؤكدين أنهم لم يتعرضوا لأي انتهاك طوال رحلتهم الطويلة.

المساهمون