حلب تستعيد الخدمات الأساسية بعد أيام على التحرير

09 ديسمبر 2024
الحركة شبه طبيعية في وسط حلب، 5 ديسمبر 2024 (أمين سانسار/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت حلب تحسناً في البنية التحتية والخدمات الأساسية بعد سيطرة المعارضة، حيث قامت "حكومة الإنقاذ" بإصلاح شبكات المياه والكهرباء والاتصالات، مما حسّن حياة السكان بشكل ملحوظ.
- تطور قطاع النقل مع إعادة فتح الطرق والجسور، وتحسن الاتصالات بفضل أبراج "سيريا فون"، مما دعم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية.
- رغم التحسينات، تواجه حلب تحديات مثل نقص التمويل، لكن جهود المجتمع المدني والحكومة مستمرة في استعادة الخدمات وافتتاح المستشفيات، مما يشير إلى بداية التعافي.

فور سيطرة فصائل المعارضة السورية على مدينة حلب، توجهت الأنظار نحو المؤسسات الخدمية، ومدى القدرة على استعادة دورها الأساسي في تلبية احتياجات المواطنين، ولا سيما التعليم والصحة والكهرباء والاتصالات، بعد سنوات من التحديات التي واجهتها المدينة نتيجة الصراع الذي ألقى بظلال ثقيلة على البنية التحتية والخدمات الأساسية.
وشكلت عودة المياه والكهرباء في العديد من أحياء المدينة أحد أهم مؤشرات التعافي، إذ قامت فرق تابعة لـ"حكومة الإنقاذ" بإعادة تأهيل الشبكات، وإصلاح الأضرار، ما ساهم في توفير المياه الصالحة للشرب والتيار الكهربائي في معظم المناطق.
وشهد قطاع النقل أيضاً تطوراً ملموساً مع فتح العديد من الطرق والجسور التي تربط أحياء المدينة، ما يسهل حركة السكان والبضائع، كما استأنفت وسائل النقل العام عملها كي تقلل من أعباء التنقل اليومي.
يقول محمد الأشرفي، من حي الصاخور: "لم أكن أتوقع أن تعود الكهرباء إلى الحيّ بهذه السرعة، فقد عشنا سنوات قاسية كنا نعتمد فيها على المولدات. الآن، وبفضل إعادة تشغيل الشبكة، أشعر بأن الحياة تعود إلى طبيعتها تدريجياً. كانت الكهرباء تصلنا في السابق لفترات قصيرة لا تتجاوز الساعتين صباحاً، وساعة مساء، وبعض المناطق على أطراف المدينة لا تصل إليها الكهرباء مطلقاً. أصبح الوضع أفضل حالياً مع وصول الكهرباء لفترات أطول".
وتقول سلمى الباشا، من حي الحميدية في حلب، لـ"العربي الجديد": "الاهتمام بالخدمات مؤشر على بداية مرحلة جديدة، وأشعر أن المستقبل سيكون أفضل، فعودة المياه والكهرباء والإنترنت تعني أن بإمكاننا أن نبني حياتنا، وأن حلب اليوم لم تعد كما كانت. نأمل في عودة الحياة إلى طبيعتها، والمضي قدماً نحو إعادة البناء، ليس فقط في العمران، بل أيضاً الروح والنسيج الاجتماعي".
يمتلك مروان الأقرع محل حدادة في حي السكري، ويقول إن "عودة الكهرباء سمحت لي بإعادة تشغيل الورشة بعد سنوات من التعطل. كنت مضطراً في السابق إلى استخدام مولد كهربائي، لكنه مكلف، وما أحصل عليه لقاء عملي لا يكاد يغطي تكلفة تشغيله نظراً إلى غلاء الوقود، وانقطاعه في كثير من الأحيان".

حلب ثاني أكبر مدن سورية. 5 ديسمبر 2024 (أمين سانسار/الأناضول)
حلب ثاني أكبر مدن سورية. 5 ديسمبر 2024 (أمين سانسار/الأناضول)

وتقول علا يوسف من حي صلاح الدين: "المياه كانت أكبر التحديات التي نواجهها يومياً، وكنا ننتظر قدومها لأسابيع، أما الآن، فقد عادت شبكة المياه للعمل بشكل شبه يومي، وأصبحت الأمور أفضل. ليت المعارضة دخلت المدينة قبل سنوات، لكان حالنا أفضل بكثير. كنت أعمل على تقنين استخدام المياه عبر تقليل مرات الغسل والتنظيف والاستحمام، والآن لم يعد هناك ما يستدعي ذلك مع توفر كميات أكبر من المياه".
بدورها، تقول طالبة المرحلة الثانوية، هبة السعد: "أتوقع افتتاح المدارس قريباً، فقد شاهدت من يتفقدون أحوال المدارس. شعرت بالقلق على المستقبل حين دخلت فصائل المعارضة إلى حلب، إذ كنت أتوقع الفوضى، غير أن قلقي تبدد سريعاً مع الممارسات المطمئنة للفصائل، وحرصهم على سلامة المدنيين والمرافق العامة".
ويؤكد خالد الأسود أهمية عودة المواصلات العامة، قائلاً: "إعادة تأهيل النقل العام ساعد في توفير وقتنا وجهدنا وأموالنا. وسائل النقل خطوة مهمة لتعزيز الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المدينة، وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع، ما يدعم الأسواق المحلية، والوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المدارس والمستشفيات والأسواق. عودة وسائل النقل إلى حلب ستكون عاملاً مساعداً في بناء مستقبل المدينة".
ولم يكن قطاع الاتصالات بمنأى عن الاهتمام، فمنذ سيطرة فصائل المعارضة على حلب، بدأت جهود إنشاء أبراج الاتصالات من قبل شركة "سيريا فون"، والتي حصلت على ترخيص من "حكومة الإنقاذ" في عام 2022، والتي بدأت العمل على توفير بديل لشبكات الاتصالات التي يديرها النظام المخلوع، بعد أن قامت حكومة الإنقاذ بإزالة أبراج الاتصالات الخاصة بشبكات أخرى مثل "سيريتل" و"MTN" في حلب.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويؤكد عبد الرحمن السلوم، أن "هناك تغيراً ملحوظاً في تغطية الشبكة بالمناطق التي تم تركيب أبراج الاتصالات فيها، وهذه الخطوة ستسهم في تحسين حياتنا اليومية، سواء في العمل أو التواصل مع الأهل بعد سنوات من ضعف الاتصالات، والانقطاع المتكرر بسبب الظروف السياسية. التوجه نحو تعزيز الاتصالات عبر (سيريا فون) يسلط الضوء على التحركات الإيجابية للحكومة الجديدة، وأتمنى أن تغطي شبكات الاتصالات كافة المناطق قريباً".
ويبدي محمد البرهوم، وهو طالب جامعي، فرحته بما يشاهده من تحسينات على الخدمات الأساسية، ومن بينها الإنترنت. قائلاً: "خلال حكم نظام الأسد، كان من المستحيل الاعتماد على الإنترنت، رغم أنه مهم في حياتنا اليومية، إما لضعفه، أو لمراقبته، وكنت أقصد أحياء أخرى للحصول على اتصال جيد، لكن بعد إعادة تأهيل الشبكة، أصبحت قادراً على الوصول لمحاضراتي عبر الإنترنت، وتحميل المواد الدراسية بسهولة، صحيح أن السرعة ليست مثالية، لكن الوضع أفضل بكثير من السابق".
وشهد قطاع الصحة أيضاً بعض الانتعاش مع إعادة افتتاح المستشفيات والمراكز الصحية، وإعادة تجهيز المستشفيات التي تعرضت للتدمير أو القصف الانتقامي من قبل طائرات النظام السابق. يقول مدير المشاريع في فريق ملهم التطوعي، فيصل الأسود، لـ"العربي الجديد": "رغم كل الجهود المبذولة، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه المؤسسات الخدمية في حلب، فنقص التمويل يعطل تأمين بعض الموارد، كما أن إعادة بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات يتطلب مزيداً من الوقت. تتضافر جهود منظمات المجتمع المدني مع جهود الحكومة لاستعادة الخدمات، وفريقنا ساهم بتزويد المشافي بالعديد من المعدات والمستلزمات الطبية".

المساهمون