حقيقة الخلاف حول لقاح أكسفورد بين المملكة المتحدة وألمانيا

حقيقة الخلاف حول لقاح أكسفورد بين المملكة المتحدة وألمانيا

29 يناير 2021
الجدل حول اللقاح متواصل (Getty)
+ الخط -

لا يزال الخلاف بين المملكة المتحدة وألمانيا حول مدى فاعلية لقاح أكسفورد للأشخاص الذين يبلغون فوق 65 عاماً متصدراً عناوين الصحف العالمية، بعدما نشرت الصحف الألمانية  تقارير تفيد بأن لقاح أكسفورد -أسترازينكا  قد يكون أقل فعالية بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً.

وبحسب صحيفة Handelsblatt الألمانية، فإن اللقاح قد يكون فعالاً بنسبة 8% فقط بين أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً. وهو رقم أقل بكثير من الفعالية الإجمالية البالغة 70% بين البالغين التي تحدث عنها باحثو لقاح أكسفورد العام الماضي، إذ قالوا إن نسبة الفاعلية تصل إلى 62% من بين أولئك الذين حقنوا جرعتين كاملتين من اللقاح. وبناء عليه، تمت الموافقة لاحقًا على اللقاح من قبل وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في المملكة المتحدة. غير أن شركة أسترازينكا المصنعة للقاح أكسفورد رفضت ادعاءات الصحيفة الألمانية المنقولة عن مصدر لم تذكره، واعتبرتها غير صحيحة تماماً.

وأشعلت التقارير الألمانية حرباً على صعيد التصريحات، حيث كان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أول من ردّ عليها قائلاً: "إنه لا يشعر بالقلق من التوصية الألمانية. السلطات الصحية البريطانية أوضحت أن لقاح أكسفورد يعمل بشكل فعال لدى جميع الفئات العمرية".

هذا النزاع تجدّد بعدما أوصت لجنة اللقاحات الألمانية، أمس الخميس، بأن جرعة لقاح أكسفورد يجب أن تُعطى فقط للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً. وأشارت اللجنة إلى أن "البيانات غير كافية" حول فعاليتها بالنسبة لكبار السن، فيما لم تقرر  وكالة الأدوية الأوروبية ما إذا كانت ستوافق على اللقاح للاستخدام في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

وقالت لجنة اللقاحات المستقلة التي تقدم المشورة للحكومة الألمانية إن "البيانات المتاحة حالياً غير كافية لتقييم فعالية اللقاح بدءاً من 65 عاماً"، وأوصت بأن "لقاح أكسفورد يجب تقديمه فقط للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً في كل مرحلة".

وبحسب الصحف الألمانية، ليست لدى الهيئة العلمية الألمانية مشكلة في البيانات الموجودة، بل مكمن المشكلة  في البيانات غير الموجودة. وفي الأساس، تم تجنيد عدد قليل جداً من الأشخاص فوق سن 65 في التجارب التي تم الإبلاغ عنها حتى الآن. وقالت الشركة المصنعة للدواء إن حوالي 10 % من المشاركين كانوا من كبار السن.

 

وظهرت العديد من التقارير التي تم نقلها من مسودة توصية السلطات الألمانية، لتشير إلى أن فعالية  اللقاح في الفئة العمرية الأكبر سناً بنسبة 6.3%. غير  أن العديد من الخبراء اعتبروا أن هذا الرقم لا معنى له لأنه يعتمد على إصابتين فقط، واحدة بين المشاركين الملقحين في التجربة والأخرى بين أولئك الذين يتلقون الدواء الوهمي؛ وهو ما أقرت به السلطات الألمانية.

وقال باسكال سوريوت، الرئيس التنفيذي لشركة أسترازينكا، في مقابلة مع صحيفة "لا ريبابليكا"، إ ن "التجارب السابقة أجريت من قبل الأكاديميين في جامعة أكسفورد الذين اخترعوا اللقاح"، ويضيف "إنهم أخلاقيون وأكاديميون للغاية لذلك لم يرغبوا في تطعيم كبار السن حتى جمعوا الكثير من بيانات السلامة في مجموعة 18 إلى 55 عاماً قبل البدء بالتجارب على كبار السن".

غياب المعلومات

وترى اللجنة الدائمة المعنية بالتطعيم في معهد روبرت كوخ، ووكالة مكافحة الأمراض في ألمانيا، أنه: "لا توجد بيانات كافية للحكم على مدى فعالية التطعيم فوق 65 عاماً". وقال الباحثون في دراسة نشرت في مجلة لانسيت "إنه لم يكن هناك ما يكفي من الحالات بين كبار السن في ذلك الوقت لاستكشاف مدى فعالية اللقاح وقدرته على حمايتهم من المرض". وكتب الفريق: "لا يمكن تقييم فعالية اللقاح على الفئات العمرية الأكبر، ولكن سيتم تحديدها، إذا توفرت بيانات كافية، في تحليل مستقبلي بعد تراكم المزيد من الحالات".

ما مدى فعالية اللقاح عند كبار السن؟

تستخدم المملكة المتحدة لقاح أكسفورد في برنامج التحصين الشامل منذ أسابيع حتى الآن، ويقول مسؤولو الصحة العامة إنه آمن ويوفر مستويات عالية من الحماية، بحسب شبكة بي بي سي البريطانية.

وفي الوقت نفسه، يرى بول هانتر، أستاذ الطب في جامعة إيست أنجليا، لشبكة "بي بي سي" البريطانية، "إن اللقاح آمن للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، ويوفر فوائد كبيرة من حيث الوقاية من الأمراض الشديدة وتقليل فرص الذهاب إلى المستشفى".

وتقول الدكتورة ماري رامزي، رئيسة التحصين في الصحة العامة في إنكلترا "إن لقاحي أسترازينكا، وفايزر-بيونيك آمنان ويوفران مستويات عالية من الحماية ضد فيروس كورونا"، وتضيف "كان هناك عدد قليل جدًا من الحالات لدى كبار السن في تجارب أسترازينكا، لمراقبة مستويات دقيقة من الحماية في هذه المجموعة، لكن البيانات المتعلقة بالاستجابات المناعية كانت مطمئنة للغاية".

 

ماذا قال الباحثون ومطورو اللقاحات؟

رفض الباحثون ومطورو اللقاحات الادعاءات الألمانية بشأن اللقاح. وقال متحدث باسم جامعة أكسفورد إن التجارب السريرية أظهرت استجابات مناعية مماثلة لدى البالغين الأصغر سناً، فضلاً عن كبار السن لصحيفة "الغارديان" البريطانية، وأظهرت التجارب أن اللقاح آمن و جيد. ووفقاً للباحثين، "لا يوجد أساس لادعاءات الفعالية المنخفضة للغاية للقاح أكسفورد - أسترازينيكا التي تم تداولها في وسائل الإعلام".

كيف يعمل لقاح أكسفورد؟

بحسب البيانات، يعمل لقاح أكسفورد من نسخة ضعيفة من فيروس البرد الشائع (المعروف باسم الفيروس الغدي) من الشمبانزي. تم تعديله ليبدو أقرب إلى فيروس كورونا، على الرغم من أنه لا يمكن أن يسبب المرض. عندما يتم حقن اللقاح في المريض، فإنه يدفع الجهاز المناعي إلى البدء بصنع الأجسام المضادة وإعدادها لمهاجمة أي عدوى بفيروس كورونا.

مشاكل في التوريد

يأتي الإعلان الألماني في الوقت الذي يختلف فيه الاتحاد الأوروبي مع الشركات المصنعة الرائدة بشأن نقص اللقاحات في القارة، وهي مشكلة أخرى ترخي بظلالها على عاتق شركة أسترازينكا.  إذ قالت شركة أسترازينكا التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها إن مشكلات الإنتاج في مصانعها التي تتخذ من أوروبا مقراً لها تعني أنها لن تكون قادرة على تسليم العدد الموعود من الجرعات إلى الكتلة. لكن الاتحاد الأوروبي يقول إن الشركة يجب أن تفي بالتزاماتها وتدعو الأعضاء إلى "الاستفادة من جميع الوسائل القانونية" لتأمين التوريد. ووقّع الاتحاد الأوروبي صفقة مع الشركة في أغسطس/ آب مقابل 300 مليون جرعة، مع خيار 100 مليون جرعة أخرى، لكن الشركة البريطانية السويدية أبلغت عن تأخيرات في الإنتاج في مصانع في هولندا وبلجيكا. 

المساهمون