حرّاقات النفط شرقي سورية تخلّف تشوّهات ووفيات

حرّاقات النفط شرقي سورية تخلّف تشوّهات ووفيات بين حديثي الولادة والأجنّة

23 ابريل 2022
التلوث الناجم عن حرّاقات النفط البدائية يتسبّب في أضرار صحية كثيرة (أليس مارتنز/فرانس برس)
+ الخط -

تُسجَّل في المناطق الواقعة شمال شرقي سورية، حيث تكثر حرّاقات النفط البدائية، عشرات حالات الوفيات والتشوّهات بين الأجنّة والأطفال حديثي الولادة، وذلك نتيجة التلوّث والانبعاثات السامة في الهواء، بالإضافة إلى جريان مياه "وادي الأملاح" الملوّثة بالنفط في قرى المنطقة. وكانت حرّاقات النفط البدائية قد بدأت تنتشر منذ عام 2011، مع خروج معظم آبار النفط عن سيطرة النظام السوري، فكانت بالتالي بديلاً يوفّر المشتقات النفطية للمنطقة وسكانها.

يقول الطبيب سليمان العلي المتخصص في الأمراض التنفسية لـ"العربي الجديد" إنّ "حرّاقات النفط البدائية تسبّبت في آثار كارثية قد تمتدّ لتطاول أجيالاً مقبلة، وقد بتنا نشهد زيادة في الالتهابات الرئوية والأمراض الجلدية بسبب الانبعاثات الناجمة عنها، إلى جانب حالات عقم وتشوّهات لدى الأجنّة. كذلك فإنّ الغازات الصادرة عنها تتسبّب في ولادة أطفال مشوّهين أو قد تؤدّي إلى وفاة الأجنّة في أرحام أمّهاتهم".

ويشير العلي إلى أنّ "أكثر المتضرّرين هم الذين يعملون في هذه الحرّاقات والذين يسكنون بالقرب من مناطق تمركزها. فهؤلاء من أكثر الأشخاص الذين يقصدون المراكز الطبية، وفي حالات كثيرة أصيب الناس بأمراض دائمة أجبرتهم على ملازمة منازلهم وقد صاروا عاجزين عن العمل، من دون وجود أيّ جهة تعوّضهم عمّا لحق بهم من أضرار".

أحمد المشرفي واحد من عمّال الحرّاقات في ريف دير الزور، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "زوجتي أجهضت مرّتَين، وفي كلّ مرّة كانت تعلمنا الطبيبة النسائية بأنّ السبب ناجم عن تلوّث غير معروف، يُعتقد أنّه بسبب استنشاق انبعاثات حرّاقات النفط".

وفي تقرير أخير لوكالة أنباء "نورث برس" العاملة في مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) شمال شرقي البلاد، أفادت بأنّه في الأعوام الأخيرة ظهرت حالات تشوّه بنسب كبيرة عند الأطفال حديثي الولادة، فضلاً عن فقدان حوامل أجنتهنّ في بلدة المالكية بريف الحسكة وقرى تابعة لها.

كذلك تناول التقرير قصة امرأة (24 عاماً) أطلق عليها اسم آمنة عباس، وهو اسم مستعار، من سكان قرية فطومة بريف تل كوجر (اليعربية) في محافظة الحسكة. هي رُزقت بطفلة تشكو من ثقب في القلب وضمور في الدماغ وتأخّر في النموّ، وكذلك تبيّن أنّها عاجزة عن فتح عينَيها. وقد فسّر أطباء الأمر الأخير بأنّها لا تملك عينَين فيما رأى آخرون أنّهما موجودتان إنّما تحت الجلد، وقد يرتبط ذلك بعوامل بيئية.

وفي مثال آخر، استعرض التقرير حالة داليا عسكر (40 عاماً) من سكان قرية فطومة، أمّ لسبعة أطفال. في خلاله أخبرت أنّها لاحظت أمراً غير طبيعي في حجم أحد مواليدها، إذ هو صغير ويبكي باستمرار ونبضات قلبه سريعة. اليوم هو في الخامسة من عمره وفي حاجة إلى تبديل شريان في القلب نتيجة تشوّه فيه. أضافت أنّ لديها طفلاً آخر يعاني من ضمور في الدماغ وتأخّر في الحركة.

وفي هذا الإطار، أفادت القابلة القانونية مها حميرة، في التقرير، بأنّ حالات إسقاط النساء أجنتهنّ أمر يتكرّر، وقد وصل عدد الحالات إلى أربع أو خمس في أسبوع واحد في تل كوجر.

من جهتها، لاحظت متخصّصة في الطبّ النسائي في بلدة معبدة فضّلت عدم الكشف عن هويتها في التقرير نفسه حالات عديدة من "الشفّة الأرنبية"، بالإضافة إلى فشل النّمو والولادة المبكرة. وبحسب ما تبيّن لها، فإنّ نسبة التشوّهات بين حديثي الولادة وصلت إلى خمسة في المائة.

وفي سياق متصل، نقل التقرير عن متخصص في طبّ الأطفال في تل كوجر، فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ التشوّهات في الأجنّة وبين حديثي الولادة تزايدت بشكل ملحوظ، من قبيل ضمور الدماغ ونقص الأكسجة وتشوّه الأطراف وغيرها، فيما ارتفع معدّل المصابين بالربو بخمسة أضعاف، فضلاً عن حالات كثيرة من التهاب الأنف التحسسي، بسبب التلوّث.

المساهمون