حرب الالتحام بالأوبئة في السودان

20 فبراير 2025
انتشرت أمراض بيئية كثيرة في السودان بعد الحرب، 12 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الحرب في السودان منذ أبريل 2023 تسببت في تدهور بيئي وصحي كبير، حيث انتشرت الأوبئة مثل حمى الضنك والكوليرا، خاصة في شرق السودان، مع تزايد الإصابات بين النازحين وغياب القدرة على توفير العلاج والوقاية.

- انتشار وباء ملتحمة العين الحادة، وهو مرض فيروسي سريع العدوى، تفاقم بسبب التلوث البيئي الناتج عن الحرب، مع ضعف الاستجابة الحكومية، مما يهدد بفقدان البصر خاصة بين المسنين.

- جهود المتطوعين لمواجهة الأوبئة تواجه تحديات كبيرة بسبب القيود الأمنية وتوقف التمويل، مما يزيد من صعوبة السيطرة على الوضع الصحي المتدهور.

لحقت أضرار جسيمة بكل مواطن سوداني، وبالنظام البيئي بكامله من جراء الحرب الدائرة في السودان منذ 15 إبريل/نيسان 2023. ويضرب التلوث البيئي العاصمة السودانية ونحو 13 ولاية واقعة تحت القصف والعمليات العسكرية، في ظل تراجع الخدمات الصحية تبعاً للدمار الذي أحدثته الحرب في البنى التحتية، الأمر الذي كان ينذر بانتشار الوبائيات، والتي بدأت بانتشار حمى الضنك، والكوليرا في أنحاء عديدة خاصة شرق السودان، وتتزايد المخاوف بسبب ارتفاع عدد الإصابات وسط النازحين، دون مقدرة على مواجهة الوباء، إن كانت على مستوى توفير العلاج أو الوقاية ومحاصرة الوباء من خلال الرصد والحجر، وتوفير المعلومات الكافية والموثوق بها منعاً للضغط للمزيد من الانتشار.
بدأ الأمر بانتشار وباء ملتحمة العين الحادة في ظل تكتم حكومي، وانشغال منابر الإعلام الرسمية والشعبية بمتابعة أخبار الحرب، وتلكؤ الأطراف في إحلال السلام ليتفرغ الجميع للبناء بعد 16 شهراً، في حينه، من الاقتتال. وقد رصدت غرف الطوارئ في محلية شرق النيل بولاية الخرطوم، وبالولاية الشمالية نحو 450 حالة إصابة بالوباء، لم يتمكن أغلبها من مقابلة الأطباء. حدث ذلك بفعل الأمطار والفيضانات الكبيرة التي وصلت إلى مناطق كانت بعيدة عن مثل هذه الكوارث.

موقف
التحديثات الحية

تقول الدوائر الطبية إن وباء ملتحمة العين الحادة، من الأمراض البيئية التي تنتشر عادة في البلدان التي تعاني النزاعات المسلحة، والتي تصل فيها البيئة إلى درجة كبيرة من التلوث، بسبب مخلفات الحرب، وانتشار الذباب، وضعف الاهتمام الحكومي بصحة البيئة.
ملتحمة العين الحادة مرض فيروسي سريع العدوى، ينتشر من خلال ملامسة المصاب للأسطح وعبر المصافحة، ويزداد انتشاره مع عدم قدرة الناس على التباعد الاجتماعي، كما أن الوباء مقاوم للمضادات الحيوية التقليدية، ما يعني أن المصابين سيواجهون مشكلة البروتوكولات العلاجية المناسبة. ويتهددهم فقدان البصر الكامل، خاصة المسنين الذين أجروا عمليات جراحية للعيون في المخيمات الميدانية.
ومع تزايد الحالات في شمال السودان، أسس متطوعون في غرف الطوارئ بالمدن وحدات لتلقي البلاغات من المصابين، كما انتشرت قصاصات تدعو إلى اتخاذ التدابير اللازمة مثل التباعد الاجتماعي وغسل اليدين بالمنظفات عند مصافحة الأشخاص. بيد أن هذه المجهودات من غرف الطوارئ والمنظمات الإنسانية تصطدم بتقييد العمل، إذ إن عليها الحصول على تصاريح عمل من السلطات الأمنية، التي تهدد حركة هؤلاء الناشطين، في ظل نهج التكتم على الوباء. وأضيف إلى هذه المصاعب توقف التمويل القادم من المعونة الأميركية في الآونة الأخيرة.
والآن يزيد الحديث بعد قرابة العامين من الحرب عن أمراض الكوليرا وحمى الضنك، وكل أمراض تلوث المياه، بل حتى أمراض الملاريا والحمّيات التي يتسبب فيها التدهور الكبير في صحة البيئة، وعدم قدرة الإدارات المحلية على أداء دورها في ظل الوضع الأمني المتردي.
فهل يحل السلام في السودان، ويلتفت المسؤولون إلى مبادرات محو الآثار البيئية للحرب؟
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون