حرب أوكرانيا تكشف التمييز الأوروبي: "صفر لاجئ من خارج القارة"

حرب أوكرانيا تكشف التمييز الأوروبي بين اللاجئين: "صفر لاجئ من خارج القارة"

04 يوليو 2022
تفضيل إسكان الأوكرانيين مكان القادمين من خارج أوروبا (Getty)
+ الخط -

تكشف سلاسة التعامل مع الموجات التاريخية من اللجوء الأوكراني، الذي تجاوز 8 ملايين شخص (وعاد منهم نحو مليونين)، تمييزاً واضحاً وقصوراً أوروبياً في التعامل مع غيرهم، ممن اعتبر تدفق أكثر من مليون منهم في 2015 من خارج القارة أزمة لاجئين. 

وتنتقد منظمة العفو الدولية (أمنستي)، وغيرها من منظمات معنية بحقّ اللجوء في أوروبا، تركيز ساسة القارة على صدّ اللاجئين بدل دراسة طلباتهم. ويبدو النموذج البريطاني، وإلى حد كبير الدنماركي، في البحث عن ترحيل القادمين من خارج أوروبا نحو رواندا أحد نماذج السعي الأوروبي إلى تطبيق سياسة "صفر لاجئين من خارج حدود القارة". 

واعتبرت المحاولة الأخيرة لنحو ألفي ساعٍ إلى الهجرة لاختراق الجدار الفاصل بين المغرب وسبتة التي تسيطر عليها إسبانيا، ووفاة عدد منهم، مناسبة للتذكير بأن خطوط اللجوء نحو أوروبا لم تتوقف تماما. فتقدر وكالة حماية الحدود الأوروبية، فرونتكيس، أن الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 2022 شهدت عبورا "غير شرعي للحدود البرية" من قبل 86 ألفا و420 مهاجرا، وذلك يعني زيادة بنحو 82 في المائة عما شهدته ذات الفترة من العام الماضي.

وتفيد إحصاءات الوكالة الأوروبية بأن محاولات دخول دول الاتحاد الأوروبي تشهد زيادة ملحوظة، ويبقى العبور من دول البلقان وبحري إيجه والمتوسط الأكثر شيوعا.  

القارة الأوروبية تواصل انتهاج سياسة تمييزية بناء على الأصل وبلاد الانطلاق

مقابل أزمة اللجوء من بيلاروسيا التي اندلعت منذ خريف العام الماضي، وسمحت فيها سلطات مينسك باستخدام المهاجرين كوسيلة ضغط سياسي، بتسهيل الوصول إلى حدودها مع بولندا ودول البلطيق، إذ يعيش آلاف الناس في ظروف صعبة، يبدو أن القارة الأوروبية تواصل انتهاج سياسة تمييزية بناء على الأصل وبلاد الانطلاق.

شهادات طالبي لجوء عن ممارسات أوروبية، من اليونان جنوبا وحتى الشمال الأوروبي، تفيد بتفضيل إسكان الأوكرانيين مكان القادمين من خارج أوروبا والذين ينتظرون دون حسم مصيرهم.

وتكشف أمنستي الإجراءات التي سارعت معظم الدول الأوروبية في تطبيقها بتفضيل الأوكرانيين من خلال المسارعة بمنحهم أوراق إقامة وعمل في وقت قصير، بينما البعض من خارج القارة ينتظر سنوات بدون أفق. وأشارت مرارا إلى أن إسبانيا ودول الاتحاد الأوروبي يميزون علانية ضد اللاجئين والمهاجرين من أفريقيا والشرق الأوسط. 

 فمدريد، التي تحكم من قبل الحزب الاشتراكي، استقبلت خلال أسابيع قليلة، أكثر من 120 ألفا من أوكرانيا، في الوقت الذي تعتبر وصول 14 ألف لاجئ ومهاجر من خارج أوروبا بمثابة أزمة كبيرة. ذلك على الأقل ما تتحدث عنه "أمنستي"، التي ذهبت خبيرة اللجوء فيها، فيرجينيا ألفاريز، بعيد وقوع ضحايا في حادثة محاولة اقتحام جدار سبتة المغربية، إلى اعتبار الازدواجية في المعايير أمراً واقعاً.

ونوهت في تصريحات صحافية، إلى أن "سلطات مدريد أظهرت أنها تستطيع التعامل مع القادمين متى أرادت. ففي إسبانيا، إذا كنت أوكرانيا، يمكنك الحصول على أوراق اللجوء الخاصة بك في غضون 24-48 ساعة، ولكن إذا لم تكن أوكرانياً، فعليك الانتظار لشهور". 

وما يسري في إسبانيا يعيشه طالبو اللجوء في اليونان، والذين وجد بعضهم أنفسهم، بحسب شهادات نقلتها منظمات إغاثة أوروبية، في مدينة سيريس (شمال)، مجبرين على إخلاء منازل يقطنونها جماعيا لمصلحة إسكان الأوكرانيين الذين تدفقوا بالآلاف على البلد المتوسطي الذي يعاني مشاكل اقتصادية ومن ضغط معسكرات اللجوء. 

عزّز اتهام أمنستي ومنظمات أوروبية للاتحاد الأوروبي بالتمييز، التصريح الرسمي لوزير داخلية اليونان نوتيس ميتاراشي الذي اعتبر فيه أن "الأوكرانيين لاجئون حقيقيون"، ومنحهم إقامة لمدة عام مع حق العمل، بينما ينتظر غير الأوروبي سنوات لينال الحقوق نفسها.  

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وفي المجمل، تعتبر أمنستي أن إظهار الأوروبيين قدرة على تنظيم إقامة اللاجئين من أوكرانيا يمكن أن يكون نموذجاً حول "الطريقة الصحيحة التي يجب أن تتعامل من خلالها أوروبا مع اللاجئين، لكن للأسف التمييز متواصل في كل أنحاء أوروبا"، كما صرحت فيرجينيا ألفاريز. 

وشهد البحر الأبيض المتوسط بين 2015 و2016، وفقا للمفوضية السامية للجوء في الأمم المتحدة، وصول نحو مليون و400 ألف مهاجر/لاجئ إلى أوروبا. وبدأت الأعداد بالانخفاض منذ 2017، 185 ألفا، وصولا إلى نحو 95 ألفا في 2020، لتبدأ الأرقام بالتزايد مع العام الماضي الذي شهد عبور أكثر من 123 ألفا، وخلال الأشهر الخمسة الأخيرة من العام الحالي عبر نحو 46 ألف مهاجر من خلال قوارب تحطم بعضهم وغرق كثيرين قبل وصولهم إلى البر الأوروبي.

ولا يزال عشرات الآلاف ينتظرون في اليونان فرصة الانتقال إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، بينما تقدر منظمات حقوقية وإغاثية أوروبية وجود الآلاف في معسكرات ليتوانيا وفي الغابات الفاصلة بين بيلاروسيا وبولندا، مع استمرار محاولات التدفق عبر مسار البلقان. 

المساهمون