حراك لإغلاق ملف النزوح الداخلي في العراق: عقبات أمنية وسياسية

حراك لإغلاق ملف النزوح الداخلي في العراق: عقبات أمنية وسياسية

11 يونيو 2021
عقبات أمام إعادة جميع العراقيين إلى مدنهم ومناطقهم الأصلية (سباستيان ماير/Getty)
+ الخط -

تشهد العاصمة العراقية بغداد، حراكاً حكومياً وأممياً واسعاً منذ أسابيع لإغلاق ملف النزوح الداخلي وإعادة جميع العراقيين إلى مدنهم ومناطقهم الأصلية. إلاّ أنّ هذه الجهود بالمجمل تصطدم بعقبات غالبيتها أمنية، تتمثل بسيطرة مليشيات مسلّحة حليفة لطهران على مدن وبلدات عديدة، تمنع أهلها من العودة، كما هو الحال في مدن جرف الصخر والعوجة ويثرب وعزيز بلد والعويسات والثرثار وذرع دجلة وضواحي بيجي ومناطق أخرى شمال وغرب ووسط البلاد، ما زال مئات الآلاف من السكّان مبعدين عنها.

وقالت الأربعاء، وزيرة الهجرة العراقية، إيفان فائق، خلال زيارة ميدانية لها إلى محافظة الأنبار غربي البلاد، إنّ الحكومة تولي ملف النازحين اهتماماً كبيراً، وتمّ فعلاً إعادة الكثير من الأسر التي كانت في مخيمات النزوح إلى مناطقها"، دون أن تتطرق إلى مصير سكان المناطق التي باتت تصنّف على أنها "مناطق منزوعة السكان".

لكن مسؤولاً في الحكومة قال لـ"العربي الجديد"، إنّ رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، يتواصل مع قيادات سياسية في البلاد، أبرزها تحالف (الفتح) بزعامة هادي العامري، و(دولة القانون) بزعامة نوري المالكي، فضلاً عن قيادات في فصائل مسلّحة، بغية حلّ مشكلة المناطق التي ما زالت تسيطر عليها الجماعات المسلّحة.

وأضاف أنّ "هناك بلدات ومناطق ترفض فصائل مسلّحة الانسحاب منها، وأبرزها جرف الصخر والعوجة والعويسات"، كاشفاً عن رفض كتائب حزب الله دخول وفد حكومي نهاية الشهر الماضي إلى إحدى تلك المناطق التي تسيطر عليها، بدعوى "عدم وجود موافقة مسبقة".

وأكّد "استمرار الجهود الحكومية من أجل تفكيك عقد صعبة في ملف النازحين، إذ إنّ هناك جهات مسلّحة ترغب بإعادة توطينهم في مناطق بديلة، وهو ما يُعتبر مخالفاً للقانون والدستور، كما أنه ينطوي على جريمة تغيير ديموغرافي خطيرة".

من جانبه، قال عضو البرلمان عن محافظة الأنبار، يحيى المحمدي، لـ"العربي الجديد" إنّ الحكومة لم تتمكن من حسم ملف النزوح، مع أنها سبق أن تعهدت في أكثر من مرة بإنهاء الملف".

وتحدّث عن "وجود مناطق لم يعد أهلها لأسباب أمنية وأخرى سياسية، مثل جرف الصخر والعوجة، وأخرى لم يعد أهلها لأسباب تتعلق بعدم الحصول على تعويضات تمكنهم من بناء منازلهم التي دمرت بسبب الإرهاب، أو نتيجة لمشاكل عشائرية".

وأضاف بأنه لا يعتقد بأنّ الحكومة ستتمكن من إغلاق الملف، قبل انتخابات أكتوبر/تشرين الأول المقبل، معتبراً أنّ بعض المناطق "تعد محرّمة على أهلها وأمرها بيد جهات لها ارتباطات خارجية".

في السياق ذاته، قال نائب رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان، حسين عرب، إنّ البرنامج الحكومي تضمّن إغلاق مخيمات النزوح في جميع أنحاء العراق، إذ ليس من المعقول وجود مخيمات للنزوح رغم مرور سنوات على الحرب ضدّ تنظيم داعش". ولفت في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى وجود "مشاكل كثيرة، منها سياسية وأخرى حكومية وعشائرية، تحول دون عودة جميع النازحين".

وأضاف عرب: "لا ينبغي أن يكون هناك نازحون، باستثناء المناطق التي تعاني من مشاكل سياسية". وأقرّ بأنّ أزمة مدينة جرف الصخر هي سيطرة مليشيات موالية لإيران عليها، بالقول "موضوع جرف الصخر سياسي". 

بالمقابل، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السابق، حامد المطلك، لـ "العربي الجديد" أنّ على الحكومة إيجاد حلول مناسبة تضمن عودة نازحي جرف الصخر إلى مناطقهم، لأنها مسؤولة عن أمن واستقرار وأموال وحياة المواطنين، وأضاف أنّ "من غير الصحيح ألاّ يجد المواطن العراقي مكاناً له في بلده، وأن يكون لاجئاً متنقلاً بين منطقة وأخرى". 

وأشار إلى أنّ "الحلول السليمة والصحيحة يجب أن تتضمن إعادة جميع النازحين إلى مناطقهم"، ودعا إلى "وقف تصرفات الفصائل المسلحة التي تستولي على أراضي وممتلكات العراقيين". 

وختم قائلاً: "من غير المعقول وجود جماعات مسلّحة تقوم باغتصاب الأراضي والأموال وتطرد المواطنين من مناطقهم". 

من جانبه، أكّد مسؤول في وزارة الهجرة العراقية، على أنّ إصرار الحكومة على إعادة جميع النازحين إلى مناطقهم، لا يعني إنكار وجود مشاكل تحول دون عودتهم إلى بعض المناطق، موضحاً في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنّ الوزارة وبقية المؤسسات الحكومية المعنية، جادة في البحث عن حلول لجميع المشاكل لتمهيد الطريق أمام عودة جميع النازحين. 

وتعدّ بلدة جرف الصخر، التي تزيد مساحتها عن 50 كيلومتراً مربعاً، وتقع على مسافة نحو 60 كيلومتراً إلى الجنوب من العاصمة بغداد وإلى الشمال من محافظة بابل، واحدة من البلدات العراقية التي تستولي عليها الفصائل المسلّحة منذ 7 سنوات وتمنع أهلها من العودة، رغم محاولات سياسية وحكومية لإقناعها بالانسحاب منها. 

ولم تتمكن الحكومات العراقية المتعاقبة، من ضمنها الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، من استعادة السيطرة على جرف الصخر التي يسيطر عليها خليط من المليشيات المرتبطة بإيران، وأبرزها "كتائب حزب الله" و"سرايا الخراساني" و"عصائب أهل الحق" و"كتائب الإمام علي" وحركة "النجباء". 

المساهمون