حرائق متنقّلة في لبنان أشدّها جنوباً ووزير البيئة يفتح تحقيقاً

حرائق متنقّلة في لبنان أشدّها جنوباً ووزير البيئة يفتح تحقيقاً

14 نوفمبر 2021
من حرائق منطقة بت مري وعين سعاده (حسين بيضون)
+ الخط -

عادت حرائق لبنان لتلتهم ما تبقّى من مساحاتٍ حرجية وزراعية، حيث اندلعت النيران في أكثر من بلدةٍ في جنوب وشمال البلاد، وسط مناشدات الأهالي والبلديات لإنقاذ أرزاقهم وأملاكهم قبل أن تتحوّل إلى رمادٍ، خصوصاً أنّ النيران وصلت في بعض المناطق إلى حدود المنازل السكنية، مخلّفةً أضراراً جسيمة في الثروة الطبيعية، من دون وقوع خسائر بشرية.

في الجنوب، استفاق الأهالي، فجر السبت، على حرائق طاولت قرابة 27 بلدة بين صور والنبطية، كانت قد بدأت من وادي زبقين (قضاء صور) وامتدّت بفعل اشتداد سرعة الرياح إلى بلدات المنصوري، الحنية، خراج مجدل زون، جب سويد، جبال البطم، طيرفلسيه، برج الشمالي، الخرايب، أرزون، زبقين، ياطر، دير قانون النهر، وادي العزية، سلعا، شحور، القصيبة، محيط باريش والمنطقة الحرجية بين الزرارية وصير الغربية وبريقع وقانا والمطرية وغيرها.

وقد عملت عناصر الدفاع المدني اللبناني وطوّافات الجيش وقوات الطوارئ الدولية في الجنوب "اليونيفيل" على إخماد النيران ومحاولة السيطرة على الحرائق، وذلك بمساعدة الأهالي والمتطوّعين والجمعيات المحلية في الجنوب، في حين تمّ تسجيل حالات اختناق وإخلاء بعض المنازل.

وكان روّاد مواقع التواصل الاجتماعي ناشدوا المعنيّين بتوفير الدعم اللازم لإخماد الحرائق التي لا تزال مستعرة في بعض المناطق الجنوبية. كما تداولوا صوراً ومقاطع فيديو تحت وسم #الجنوب_يحترق، أظهرت كثافة النيران وحجم الخسائر.

وقد تزامنت موجة الحرائق مع جولة جنوبية لوزير البيئة اللبناني ناصر ياسين، الذي عاين المناطق المتضرّرة، وأكّد، في حديث تلفزيوني، "فتح تحقيق بالموضوع"، مرجّحاً أن "يكون السبب عائداً للإهمال، وأنّ بعض الحرائق قد يكون متعمّداً". ولفت إلى أنّ"الرياح أعاقت عمل طوافات الجيش و"اليونيفيل".

من جهته، تواصل وزير الزراعة اللبناني، عباس الحاج حسن، مع قيادة الجيش ووزارة الداخلية والبلديات ووزارة البيئة و"اليونيفيل"، من أجل الاستجابة السريعة والمساعدة في إخماد الحرائق.

الصورة
حرائق في منطقة بت مري وعين سعاده (حسين بيضون)
حسين بيضون)

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي تابع بدوره موضوع الحرائق، وأجرى اتصالات مع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي ووزير البيئة ناصر ياسين وقيادة الجيش، لاستنفار كل الأجهزة المعنية للإسراع في إخماد الحرائق ومنع تمدّدها. كما أجرى اتصالات استباقية طلباً للمساعدة من الدول المجاورة في حال اقتضت الحاجة لذلك. وتلقّى كذلك اتصالاً من وزير الزراعة عباس الحاج حسن، الذي أطلعه على حجم الأضرار الناتجة عن الحرائق.

كما رأى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أنّ "الحرائق المندلعة في أكثر من منطقة تطرح جملة من التساؤلات ينتظر الإجابة عنها من الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة"، واعتبر أنّ "تحصين الوطن وحفظ ما تبقى من ماء الوجه الوطني ومن ثروة حرجية يكون بتعيين مأموري أحراج خارج القيد الطائفي".

عملت عناصر الدفاع المدني اللبناني وطوّافات الجيش وقوات الطوارئ الدولية في الجنوب "اليونيفيل"على إخماد النيران ومحاولة السيطرة على الحرائق

وفي اتصالٍ لـ"العربي الجديد"، أكّد مدير العمليات في الدفاع المدني اللبناني، جورج أبو موسى، أنّه "لا يمكن حاليّاً إحصاء حجم الأضرار، لكن الوضع اليوم أفضل ممّا كان عليه أمس (السبت)".

وقال: "بدأت الحرائق صباح أمس في جنوب البلاد وبمحاذاة الناقورة (المنطقة الحدودية)، وقد طاولت نحو 27 بلدة بين قضاءَي النبطية وصور، واقتصرت الأضرار على المزروعات والمساحات الحرجية، من دون أن تُسجّل أيّ خسائر بشرية. وما زلنا نواصل عمليّة إخماد حريقين، وعندها يمكن القول إنّنا سيطرنا كليّاً على الحرائق".

وأضاف: "أمّا في عكار (شمالاً)، فالحرائق اقتصرت على الأعشاب، وكذلك حرائق محافظة جبل لبنان في كلّ من بيت مري وغريفة، حيث سُجّلت حرائق صغيرة".

من جهته، كشف زكريا مراد، ابن بلدة بريقع الجنوبية (محافظة النبطية)، أنّ "حرائق الجنوب أغلبها مفتعل، ولكن للأسف كالعادة لا يُفتح أيّ تحقيق ولا نعرف هوية الفاعلين، في حين يخسر المواطنون أرزاقهم. فقد احترقت على سبيل المثال، أكثر من 250 شجرة زيتون، بشكلٍ كلّي وجزئي، بين بلدتَي بريقع وصير الغربية. كما أنّ سرعة الرياح يوم أمس تسبّبت بامتداد النيران وبوقوع خسائر كبيرة، بحيث وصل لهب النيران إلى حدود 5 أمتار".

ولفت إلى أنّ "معظم البلدات استفاقت على أكثر من حريق داخل البلدة الواحدة"، مشدّدا على أنّ "السبب لا يعود للإهمال، فمنطقتنا معروفة بالزيتون، وقد سبق للمزارعين أن نظّفوا حقولهم قبل موسم القطاف، لكنّهم للأسف خسروا اليوم العديد من الأشجار، ولم يعد أمامهم سوى انتظار سنوات عديدة ليعود الموسم كالسابق".

وأوضح أنّ "الخسائر طاولت المساحات الحرجية (الصنوبر والسنديان) والمساحات المزروعة (الزيتون)، لكنّ البيوت لم تتضرّر، حيث حاولنا قدر الإمكان حمايتها، واضطررنا لخلع بعض أبواب المنازل التي لم يكن أصحابها بداخلها، بهدف الوصول إلى الشرفات وإطفاء الحريق المجاور".

وأضاف: "قد تكون الحرائق مفتعلة من أجل الحصول على الحطب كما يُقال، لكن المعروف في منطقتنا أنّها تكون عادة مفتعلة من قبل بعض رعاة الماعز الذين يشعلون النيران خلال هذه الفترة من السنة للقضاء على الأشجار وتحويل المساحة بأكملها مساحة شاسعة لرعي الماعز. ومن المحتمل أيضاً أن تكون نتجت عن إشعال مكبّات النفايات العشوائية، لكن حصول الحرائق بنفس التوقيت كما حصل الأسبوع الماضي، يؤكّد أنّها مفتعلة".

وكانت الحرائق اندلعت يوم أمس كذلك في شمال لبنان، حيث أشارت "الوكالة الوطنية للإعلام" إلى أنّ النيران تمدّدت في أحراج الصنوبر في خراج بلدتَي برقايل والقرقف (عكار)، وقضت على المزيد من الأشجار الحرجية والنباتات البرية، وبلغت حدود العديد من المنازل السكنية القريبة.

وقد عملت عناصر الدفاع المدني بالتعاون مع الأهالي وفريق التدخل السريع في "جمعية درب عكار"، على منع تمدّد رقعة النار والحد من الخسائر.

كما اشتعل حريق في خراج بلدة بيت يونس العكارية، التهم مساحة من الأعشاب اليابسة، وامتدّ بفعل الرياح إلى الأشجار الحرجية.

وعملت عناصر الدفاع المدني على تطويق النيران وإخمادها قبل امتدادها إلى الأراضي المجاورة.

كذلك الحال في خراج بلدة مشحا العكارية، حيث أتى الحريق على مساحة من الأرض العشبية اليابسة، وجرى إخماده قبل تمدّده.

يذكر أنّ منطقة شمال لبنان سبق أن عانت كارثة حرائق حقيقية خلال صيف 2021، تسبّبت حينها بخسائر هائلة في الثروة الحرجية والغطاء النباتي.

وفي محافظة جبل لبنان، جرى أمس إخماد حريق في بلدة صربا (قضاء كسروان)، وآخر كان شبّ في أشجار حرجية وأعشاب في بلدة كفردبيان (قضاء كسروان). كما تمّت السيطرة على حريق كبير اندلع في أحراج بيت مري (قضاء المتن الشمالي)، وسرعان ما توسّعت رقعته بفعل الرياح.