حرائق الغابات تؤثّر سلباً على جودة الهواء... حتى على بعد آلاف الكيلومترات
استمع إلى الملخص
- حرائق في الأمازون وكندا وسيبيريا زادت من الجسيمات الدقيقة، مما يؤثر على الصحة، ويبرز الحاجة لتحسين الرصد والسياسات لحماية الصحة البشرية والبيئية.
- شهدت الصين تحسناً في جودة الهواء بفضل سياساتها البيئية، مما يبرز أهمية الإجراءات الفعالة مثل التحول للسيارات الكهربائية لتحسين جودة الهواء عالمياً.
أفادت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بأنّ حرائق الغابات تطلق "مزيجاً ساماً" من الملوّثات يمكن أن يؤثّر سلباً على جودة الهواء في مناطق تبعد آلاف الكيلومترات من مكان اندلاعها، الأمر الذي يهدّد صحة السكان. وأوضحت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أنّ جودة الهواء الذي يتنفّسه الناس مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتغيّر المناخ، مشدّدةً على وجوب معالجة هذَين التحديَّين معاً.
وفي نشرتها السنوية الخامسة حول جودة الهواء والمناخ، أوضحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أنّ حرائق الغابات في مناطق الأمازون وكندا وسيبيريا كشفت مدى تأثّر جودة الهواء على نطاق واسع نتيجة هذه الحرائق. وقالت نائبة الأمين العام للمنظمة كو باريت إنّ "تغيّر المناخ وتلوّث الهواء لا يعترفان بأيّ حدود وطنية، مثلما يتّضح من موجات الحرّ والجفاف الشديدة التي تغذّي حرائق الغابات وتؤدّي إلى تدهور جودة الهواء لملايين الأشخاص".
ودرست المنظمة العلاقة ما بين جودة الهواء والمناخ، وركّزت الضوء على دور الجسيمات الدقيقة المعروفة بـ"الهباء الجوي" في حرائق الغابات وتكوّن الضباب الشتوي والانبعاثات الناجمة عن النقل البحري والتلوّث الحضري. وتُعَدّ الجسيمات التي يقلّ قطرها عن 2.5 ميكرومتر ضارة خصوصاً، إذ يمكنها التغلغل عميقاً في الرئتَين أو الدخول إلى نظام القلب والأوعية الدموية.
وأشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أنّ حرائق الغابات أدّت، في عام 2024، إلى ارتفاع مستويات الجسيمات لتتخطّى المعدّلات الطبيعية في كلّ من كندا وسيبيريا ووسط أفريقيا، في حين سُجّل أعلى ارتفاع لهذه الجسيمات الدقيقة في حوض الأمازون.
Better air quality monitoring means healthier people, stronger economies, and thriving ecosystems.
— World Meteorological Organization (@WMO) September 5, 2025
Find out more in WMO's latest Air Quality and Climate Bulletin 2025.
🔗 https://t.co/mRXaalg0FQ pic.twitter.com/qRwPmTosHB
تداعيات حرائق الغابات عابرة للقارات
وقال المدير العلمي الرئيسي للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية لورينزو لابرادور إنّ "موسم حرائق الغابات يميل إلى أن يكون أكثر حدّة وأطول مدّة في كلّ عام، بسبب تغيّر المناخ". وقد أدّت حرائق الغابات في كندا إلى تلوّث جوي في أوروبا. وأوضح لابرادور، في مؤتمر صحافي، أنّ "هذا حدث في العام الماضي وفي العام الجاري. لذا، تتدهور جودة الهواء عبر القارات عندما تتوفّر الظروف الجوية المؤاتية لذلك". أضاف أنّ "هذه الحرائق أنتجت في الأساس مزيجاً ساماً من المكوّنات التي تلوّث الهواء".
تجدر الإشارة إلى أنّ بيانات منظمة الصحة العالمية تفيد بأنّ تلوّث الهواء يسبّب أكثر من 4.5 ملايين وفاة مبكرة سنوياً حول العالم، ويسبّب تكاليف بيئية واقتصادية كبيرة. وفي هذا الإطار، دعت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى تحسين عمليات الرصد وتبنّي سياسات أفضل لحماية الصحة البشرية والبيئية والتقليل من الخسائر على صعيدَي الزراعة والاقتصاد عموماً.
وأضاءت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في تقريرها نفسه، على نقاط ساخنة لتلوّث الهواء في شمال الهند، مشيرةً إلى أنّ سهل الغانج الهندوسي الذي يقطنه أكثر من 900 مليون شخص شهد زيادة ملحوظة في تلوّث الهواء، خصوصاً بسبب احتراق الكتلة الحيوية الزراعية، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع عدد فترات الضباب الشتوي وحجمها. وبيّنت أنّ "استمرار الضباب لم يعد مجرّد حدث جوي موسمي بسيط، بل هو أحد أعراض التأثير المتزايد للأنشطة البشرية على البيئة".
الأوضاع في الصين إلى تحسّن
في سياق متصل، واصلت مستويات الجسيمات الدقيقة انخفاضها في شرق الصين، في خلال العام الماضي، الأمر الذي تنسبه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى السياسات التي تُنفّذها البلاد. وقال المسؤول عن شؤون الغلاف الجوي العالمي لدى المنظمة باولو لاج إنّ "اتّخاذ الدول إجراءات لمكافحة تردّي جودة الهواء ينعكس بوضوح في البيانات المناخية، إذ يظهر التحسن جلياً".
وبيّن لاج أنّ "في خلال عشر سنوات، حسّنت المدن الصينية بصورة كبيرة من جودة الهواء فيها"، مشدّداً على أنّ "ما حقّقته هذه المدن مثير للإعجاب حقاً". وأشار إلى أنّه "لا إجراءات واحدة عالمية كفيلة بإحداث تغيير جذري، مثل التحوّل إلى السيّارات الكهربائية، "لكن عندما تُتخذ الإجراءات فإنّها تؤتي ثمارها". وأكمل أنّ: "في أوروبا، لا ندرك أنّ ما كنّا نتنشّقه قبل 20 عاماً أسوأ بكثير ممّا هو عليه اليوم".
(فرانس برس)