الطفلة جنّات مطور.. رصاص قناص إسرائيلي يطفئ بريق عينيها

15 فبراير 2025
قناص إسرائيلي استهدف عيني جنّات، طوباس، 4 فبراير 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرضت الطفلة الفلسطينية جنّات مطور لإصابة خطيرة في عينيها بسبب رصاصة قنّاص إسرائيلي، مما أدى إلى فقدانها البصر بعد عودتها من المدرسة في بلدة بيت عينون.
- تم نقل جنّات إلى مستشفى الميزان التخصصي، حيث أكد الأطباء ضرورة إجراء عملية جراحية عاجلة في العين اليمنى، مع وجود فرصة لاستعادة البصر فيها.
- يعيش والدا جنّات على أمل استعادة بصرها، ويناشدان الجهات المعنية لتقديم المساعدة اللازمة لعلاجها، بينما تتمنى جنّات العودة إلى مدرستها وحياتها الطبيعية.

ما إن عادت الطفلة الفلسطينية جنّات مطور، التي لم تكمل بعدُ عامها التاسع، إلى منزل عائلتها في بلدة بيت عينون، شمال شرق الخليل، جنوب الضفة الغربية، تحمل شهادتها المدرسية والفرحة تتطاير من عينيها، متراقصة أمام والديها طلباً لهدية تفوّقها، غير مدركة أن تلك اللحظات ستكون الأخيرة التي تبصر فيها، إذ حوّلت رصاصةٌ من قنّاص إسرائيلي في لحظة خاطفة حياة الطفلة جنّات إلى سواد قاتم بفعل شظايا الرصاص التي اخترقت عينيها.

كان ذلك خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة بيت عينون، في الحادي عشر من الشهر الجاري، حين اقتحمت قوات الاحتلال بلدة السموع، المحاذية لبيت عينون، وقتلت الشاب عبد الله مراد حسين فروخ (19 عاماً).

يروي فيصل المطور، والد جنّات لـ"العربي الجديد" تفاصيل لحظة إصابتها، قائلًا: "كانت جنّات في غرفة النوم في المنزل، وخلال اقتحام قوات الاحتلال للمنطقة، كان شقيقها الصغير، البالغ من العمر ثلاث سنوات، يجلس على نافذة الغرفة، وعندما رأت جنّات جنود الاحتلال يقفون على بعد أمتار قليلة من النافذة، سارعت إلى حمل شقيقها وإنزاله عن النافذة، وما إن رفعت رأسها بعد ذلك، حتى رأت قنّاصاً من جيش الاحتلال يصوّب سلاحه نحوها، ثم أطلق النار مباشرة عليها".

 
سقطت جنّات على الأرض، والدماء تغطي وجهها، ولم تدرك حينها ما جرى معها، فيما يتساءل والدها قائلاً: "تخيّل أنها في الصباح ترى ألوان الكتب المدرسية، وبعد الظهر لا ترى إلّا السواد، وتتساءل لماذا لا ترى بعينيها؟"

تستذكر جنّات لحظة إصابتها، وتصف لوالدها تلك الحادثة قائلة: "كان جندياً أشقر، قصير القامة، يحمل سلاحاً، أطلق النار، فاخترقت الرصاصة زجاج النافذة، ثم شعرت كأنني في حلم"، بينما يؤكد والدها أن إطلاق النار لم يكن عشوائياً، بل كان استهدافاً مباشراً من قنّاص تحفظ جنّات شكله وتصفه.

حملها والدها إلى مستشفى الميزان التخصصي في الخليل، وهو أقرب مكان يمكنه تقديم العلاج لها، فتبيّن أن رصاصةً تسببت في تهتّك فروة رأسها، وأحدثت ضرراً بالغاً في عينيها، ما أدى إلى فقدانها البصر في تلك اللحظات، وكان الأطباء واضحين أن لا وقت لتأخير العملية الجراحية، ولا مجال لانتظار تنسيقِ نقلها للعلاج خارج البلاد.

تضررت عين جنّات اليسرى كثيراً، وبات من الصعب عودة الرؤية فيها، يقول والدها في لحظة أسى: "العين اليمنى، رغم خطورة وضعها، إلا أن الأمل في استعادة البصر فيها أكبر. ولهذا، من المقرر إجراء عملية جراحية لها في العين اليمنى، غداً الأحد، لأن فرص نجاحها أكبر (...)، ما يهمّني هو عودة البصر لابنتي". يصف والد جنّات، ابنته بأنها كـ "قطعة الحلوى" في المنزل، فهي ابنته البكر، ولديه طفلان اثنان، تعتني جنّات بهما وكأنها فتاة كبيرة لأنها تتمتع بالذكاء، والطلاقة في الحديث والكلام. قائلاً: "إن جنّات بين لحظات وعيها وغفوتها من شدّة الألم، كانت تواسي نفسها بغناء طفولي خافِت: (بابا جابلي بالون.. يا عيني.. يا عيني).

أما والدتها التي ترافق جنّات منذ لحظة إصابتها في المستشفى، تقف يومياً عاجزة أمام سؤال جنّات عن موعد عودتها إلى المدرسة التي كانت تتفوق فيها وهي بالمرحلة الابتدائية الثالثة، وهي منذ لحظة إصابتها، تسأل من حولها: "متى سأعود إلى المدرسة؟ لا أريد الغياب عنها وعن صديقاتي في الصفّ"، كما تسأل والدتَها دائماً عن سبب إطلاق الجنديّ النار عليها.

جنّات ابنة الثمانية أعوام وبضعة أشهر، تمتثل للعناية الطبية المكثّفة على سرير الشفاء في المستشفى وتعاني في هذه الساعات الفارقة في حياتها، إذ قد تفقد بصرها تماماً، وهذا ما يخشاه والداها ألّا تعود كما كانت. يقول والدها الذي يتألم لرؤيتها في هذه الحالة: "نناشد الجهات المعنية والمسؤولة لمساعدتها في استعادة بصرها، كل ما أتمناه أن تستعيد ابنتي نظرها، وأن تعود لترى كما كانت، لتواصل حياتها الطبيعية في مدرستها ومنزلنا، نحن مستعدون لنقلها إلى أيّ دولة تستطيع تقديم العلاج لها، حتى تتمكن من الرؤية مجدداً".

المساهمون