جمعيات مدنية تحذّر من التطبيع مع العنصرية في تونس

21 مارس 2025
تظاهرة ضدّ المهاجرين في صفاقس وسط تونس، 25 يونيو 2023 (حسام الزواري/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حذّرت 23 جمعية مدنية في تونس من تصاعد خطابات التمييز والكراهية، مشددة على أهمية تفعيل القانون رقم 50 لسنة 2018 لمكافحة التمييز العنصري ومراجعة تركيبة اللجنة الوطنية لضمان تمثيل المجتمع المدني.

- أشار رمضان بن عمر إلى أن السلطات التونسية تستخدم قانون التمييز العنصري كأداة سياسية، داعياً لمراجعة قرار سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان.

- تواجه تونس تحديات مع المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، حيث لجأ الآلاف إلى حقول الزيتون بعد طردهم من صفاقس، ويقدر عددهم بأكثر من 63 ألفاً.

حذّرت جمعيات مدنية في تونس من مخاطر التطبيع مع خطابات التمييز والكراهية، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على التمييز العنصري، ورأت أنّ ذلك "يفتك بالنسيج المجتمعي ويهدّد قيم العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية في تونس". وعبّرت 23 جمعية، من بينها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمنظمة التونسية لمناهضة العنصرية والكراهية، في بيان مشترك، عن مخاوف إزاء ما وصفته بأنّه "تصاعد خطاب التمييز والكراهية على منصات التواصل ووسائل الإعلام، بل في السياسات الرسمية أيضاً".

وأفادت الجمعيات الموقّعة على البيان، اليوم الجمعة، بأنّ ذلك صار يمثّل "خطراً مباشراً على إرث تونس الحضاري ونضالها التاريخي ضدّ العبودية والاستبداد". ورأت أنّ "الخطاب العنصري يروّج سردياتٍ مهينةً لتاريخ تونس عبر إثارة مشاعر الكراهية والتمييز عند عموم الناس واستعمال الخطاب المشحون والأخبار المضللة والمعلومات الزائفة والتلاعب بالعواطف وبثّ المخاوف والرعب تحت شعارات الأمن القومي". وشّددت على أنّها متمسّكة بالقانون رقم 50 لسنة 2018 المتعلق بالقضاء على كلّ أشكال التمييز العنصري، داعيةً إلى تفعيل بنوده وإطلاق نشاط اللجنة الوطنية لمكافحة التمييز العنصري بعد مراجعة تركيبتها، بما يضمن تمثيلاً أكبر للمجتمع المدني.

في هذا الإطار، قال المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر لـ"العربي الجديد" إنّ "سلطات تونس باتت تتعامل مع قانون التمييز العنصري بوصفه جزءاً من مرحلة الانتقال الديمقراطي السياسية التي تسعى إلى إلغائها". أضاف بن عمر أنّ "السلطات التونسية استخدمت قانون مناهضة العنصرية بوصفه أداةً لطمأنة الدول الأفريقية إبان أزمة المهاجرين في عام 2023، غير أنّها لا تعترف فعلاً بأحكامه ولا تسعى إلى تطبيقه".

تجدر الإشارة إلى أنّه في عام 2018، كانت تونس الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تسنّ قانوناً يعاقب التمييز العنصري ويسمح لضحايا العنصرية بالتماس الإنصاف عن الإساءة اللفظية أو الأفعال العنصرية الجسدية ضدهم.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ودعا بن عمر إلى "مراجعة قرار سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في تلقّي العرائض من الأفراد والمنظمات غير الحكومية، بوصفها مكسباً أفريقياً للحضارة الإنسانية وثمرة نضال أجيال ضدّ الاستعمار والاستبداد والفقر والعنصرية والحروب".

وكانت تونس قد أعلنت، أمس الخميس، انسحابها من بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن إنشاء المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وهو البروتوكول الذي يسمح بموجب إعلان قبول الاختصاص للأفراد والمنظمات غير الحكومية برفع الدعاوى مباشرةً إلى المحكمة الأفريقية بعد استنفاد آليّات الانتصاف المحلية.

ورأت الجمعيات المدنية الـ23، في بيانها اليوم، أنّ "مكافحة العنصرية في تونس لم تعد مسألة إدانة خطابية أو بيانات، بل معركة وجودية تتطلب إجراءات حازمة واحترام قوانين وآليات محاسبة فورية لكلّ من ينشر خطاب الكراهية أو يمارس التمييز، مهما علا شأنه". وتعهدت الجمعيات بـ"عدم السماح بإنتاج ما عاناه الأسلاف من استعباد واستعمار وعنصرية". وذكرت الجمعيات أنّ التونسيين يتعرّضون في دول المهجر، بدورهم، لتصريحات عنصرية واعتداءات ممنهجة، وكذلك للترحيل والطرد الجماعي القسري، داعيةً إلى عدم إنتاج هذه الممارسات والخطابات في تونس عبر سياسات رسمية أو صمت متواطئ.

وتزداد مجدّداً في تونس حدّة رفض وجود المهاجرين المتحدّرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وسط مطالب بتكثيف عمليات ترحيل هؤلاء إلى بلدانهم الأصلية. ومذ طردت قوات الأمن التونسية المهاجرين من الساحات العامة في وسط مدينة صفاقس وسط البلاد، في أغسطس/ آب من عام 2023، لجأ آلاف منهم إلى حقول الزيتون في منطقتَي العامرة وجبنيانة التابعتَين لولاية صفاقس، حيث أقاموا مخيمات لهم، فُكّك عدد منها تحت الضغط الشعبي قبل أيام.

وتقدّر المنظمة الدولية للهجرة عدد المهاجرين في تونس، وفقاً لأحدث البيانات التي نشرتها على موقعها، بما يزيد عن 63 ألفاً، وهو العدد الأقلّ مقارنة بدول الجوار التي يصل عدد المهاجرين فيها إلى أكثر 259 ألفاً في الجزائر و897 ألفاً في ليبيا.

المساهمون