جفاف غير مسبوق في إسبانيا والبرتغال وحالة طوارئ في إيطاليا

جفاف غير مسبوق منذ أكثر من ألف سنة في بعض مناطق إسبانيا والبرتغال وحالة طوارئ في إيطاليا

05 يوليو 2022
أقرّت تمويلاً عاجلاً لمواجهة تداعيات موجة الجفاف (أندريا كاروبا/الأناضول)
+ الخط -

تشهد مناطق في إسبانيا والبرتغال جفافاً غير مسبوق منذ ألف عام، وسط تحول يطاول الإعصار العكسي في جزر الأزور تحت تأثير تغير المناخ، بحسب دراسة نُشرت الاثنين تحذر نتائجها من عواقب وخيمة على زراعة الكروم وأشجار الزيتون.

ويأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه إيطاليا حالة الطوارئ في خمس مناطق في شمال البلاد، وأقرّت تمويلاً عاجلاً لمواجهة تداعيات موجة الجفاف التي اجتاحت وادي بو في الأسابيع الأخيرة، ولا تنفكّ تزداد سوءاً.

وفي الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة "نيتشر جيوساينس" العلمية، بخصوص إسبانيا والبرتغال، أظهر الباحثون أن نظام الضغط الجوي المرتفع "تغير جذرياً خلال القرن الماضي، وأن هذه التغييرات غير مسبوقة في مناخ شمال الأطلسي خلال الألفية الماضية".

ويؤدي إعصار الأزور العكسي الذي يحصل عندما يكون الضغط في منطقة من الغلاف الجوي أعلى من المناطق المجاورة الواقعة على الارتفاع عينه والموجودة بشكل رئيسي قرب أرخبيل جزر الأزور، دوراً مهماً على صعيد الطقس والاتجاهات المناخية في أوروبا الغربية على المدى الطويل.

الصورة
يؤدي إعصار الأزور دوراً مهماً على صعيد الطقس (لينو بورجيس/فرانس برس)

ودرس الباحثون التغيرات في الضغط الجوي في هذه المنطقة على مدى السنوات الـ1200 الماضية، ووجدوا أن الإعصار العكسي يغطي مساحة أكبر منذ نحو 200 عام، وهو ما يتزامن تقريباً مع الثورة الصناعية.

خلال فصل الصيف، يُرسل إعصار الأزور العكسي هواءً ساخناً وجافاً نحو البرتغال وإسبانيا، وكذلك إلى دول أخرى في غرب القارة مثل فرنسا.

الصورة
خلال فصل الصيف يُرسل إعصار الأزور العكسي هواءً ساخناً وجافاً (لينو بورجيس/فرانس برس)

ومع ذلك، خلال فصل الشتاء، يمكن أن تكون هذه الظاهرة مرادفة للرطوبة والمطر.

ويشير معدو الدراسة إلى أن تساقط الأمطار في الشتاء "حيوي" للصحة البيئية والاقتصادية لشبه الجزيرة الأيبيرية.

وستزداد قوة إعصار الأزور العكسي في القرن الحادي والعشرين تحت تأثير تغيّر المناخ.

وبنتيجة ذلك، انخفض معدل تساقط الأمطار، وخصوصاً منذ النصف الثاني من القرن العشرين، ومن المتوقع أن ينخفض المستوى بنسبة إضافية تراوح بين 10% و20% بحلول نهاية القرن الحالي، ما يجعل الزراعة في شبه الجزيرة الأيبيرية "من أكثر المناطق ضعفاً في أوروبا".

وأخفقت دراسات سابقة في تحديد مسؤولية تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية في تعديل المناخ في شمال المحيط الأطلسي. ونجح الباحثون في هذه الدراسة في تحديد هذا الرابط.

وبدأ مزارعو الكروم يبحثون في كيفية التكيف مع هذا الوضع، في ظل مخاوف من احتمال انحسار المناطق المناسبة لزراعة الكرمة بمقدار الربع على الأقل، أو حتى تختفي تقريباً بحلول عام 2050 في شبه الجزيرة الأيبيرية، بينما قد ينخفض إنتاج الزيتون في جنوب إسبانيا بنسبة 30% بحلول عام 2100، بحسب دراسات سابقة.

أما في إيطاليا، فقد قالت الحكومة في بيان، إنّها أقرّت حالة الطوارئ في خمس مناطق، هي إميلي-رومانيا، وفرويلي-فينيسيا جوليان، ولومبارديا، وبيدمونت، وفينيتو، وذلك حتى 31 ديسمبر/كانون الأول.

وأضافت أنّها قرّرت أيضاً تخصيص مبلغ قدره 36.5 مليون يورو (39.5 مليون دولار) لمساعدة المتضررين.

وتواجه إيطاليا موجة حرّ مبكرة غير عادية ونقصاً في تساقط الأمطار، ولا سيّما في وادي بو الزراعي في شمال البلاد، الذي تعرّض لأسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً.

وتوفر حالة الطوارئ "صلاحيات استثنائية" للمساعدة في ضمان السلامة العامة والتعويض عن الخسائر، مع السعي لضمان ظروف معيشية طبيعية لمن هم في المنطقة.

وبحسب نقابة "كولديريتي" الزراعية الأكبر في البلاد، يهدّد الجفاف أكثر من 30 بالمئة من الإنتاج الزراعي الوطني، ونحو نصف إنتاج مزارع وادي بو للمواشي.

كذلك تضرّرت بحيرتا ماغيوري وغاردا بسبب انخفاض منسوب المياه عن المعتاد في هذا الوقت من العام، بينما انخفض أيضاً منسوب نهر التيبر جنوباً، الذي يمرّ عبر روما.

الصورة
تضررت بحيرة غاردا (Getty)

ويمثّل نهر بو أكبر خزان للمياه في شبه الجزيرة ويستخدم المزارعون معظمه.

وفي الأيام الأخيرة فرضت بلديات عدة قيوداً على استخدام المياه، حيث قامت مدينة فيرونا التي يبلغ عدد سكانها ربع مليون نسمة بترشيد استخدام مياه الشرب، فيما أعلنت ميلانو إغلاق نوافيرها المزخرفة.

ومن التبعات الأخرى للجفاف، انخفاض إنتاج الطاقة الكهرومائية بشكل حادّ.

وتشكّل المحطّات الكهرومائية، ومعظمها في المناطق الجبلية شماليّ البلاد، ما يقرب من 20 بالمائة من إنتاج الطاقة الوطني.

ويأتي هذا الإعلان بعد يوم واحد من مصرع سبعة أشخاص على الأقلّ في انهيار جليدي في جبال الألب الإيطالية، اعتبر رئيس الوزراء ماريو دراغي أنّه مرتبط "دون شكّ" بالتغيّر المناخي.

يذكر أنّ منظمة الأمم المتحدة، سبق أن حذرت في تقرير بعنوان "الجفاف بالأرقام 2022"، من موجة جفاف عالمية قد تؤثر بثلاثة أرباع سكان الأرض بحلول عام 2050، مشيرة إلى أن الجفاف زاد خلال العقدين الأخيرين بنسبة 29 في المائة.
 

(فرانس برس)

المساهمون