جزيرة فو كووك في فيتنام... حكايات اللؤلؤ بين الأصالة والتزييف

وهبت الطبيعة جزيرة فو كووك الكثير من الشواطئ الرائعة والنظيفة، ومن بين الهدايا التي تقدمها الجزيرة لزوارها وللعالم منذ سنوات إنتاج اللؤلؤ الذي يمتاز بمواصفات عالية 

تتداخل الطبيعة مع الإبداع البشري على سواحل جزيرة فو كووك الفيتنامية الساحرة، التي تلقب بـ"جزيرة اللؤلؤ"، وتعتبر اللآلئ التي تنتجها من بين الأجمل في العالم. ومنذ نحو عشر سنوات أصبحت جزيرة فو كووك تتصدر مشهد هذه الصناعة باحتضانها أكبر مزرعة لؤلؤ في البلاد، وهي تنتج لآلئ بألوان متنوعة تتميز بلمعانها وسطوعها واستدارتها المثالية، لا سيما اللؤلؤ الأسود والأزرق الداكن. وتتضافر في الجزيرة الظروف الطبيعية المثالية مع التكنولوجيا المستوردة من اليابان وأستراليا لإنتاج لآلئ تخطف الأنظار تتنوع بين المياه المالحة والعذبة.

تعتبر لآلئ المياه المالحة، بلمعانها الاستثنائي وألوانها المتنوعة، تاجاً يزين عالم المجوهرات. ورغم التحديات التي تواجه زراعتها من عمليات التطعيم الدقيق إلى فترة زراعة تمتد لثماني سنوات أو أكثر، تستحق النتيجة الاستثنائية دائماً الانتظار.

ولا تقتصر الاستفادة على استخراج اللآلئ فقط من هذا الكنز الطبيعي، إذ تستخدم اللآلئ أيضاً في صناعة منتجات مبتكرة، مثل مسحوق اللؤلؤ النقي، وكريمات العناية بالبشرة، والبخاخات المعدنية.

في قلب هذه الصناعة، تتألق مزرعة نغوك هين بيرل بوصفها واحدة من أبرز المزارع التي تحكي قصة نجاح استثنائية. وقد تأسست عام 1994 على يد هو في ثوي الذي كان بدأ رحلته من قارب صغير إلى إدارة إحدى أشهر مزارع اللؤلؤ في فيتنام.

عند الوصول إلى الجزيرة يلفت الانتباه وجود لؤلؤة ضخمة معلّقة عند مدخل مزرعة نغوك هين بيرل. تبدو كأنها همسة تدعو الزائر إلى كشف حكاياتها. وتبدأ الجولة على عالم المحار واللؤلؤ في المزرعة من طابق تحت الأرض حيث توضح مرشدة كيفية التمييز بين اللآلئ الحقيقية والمزيفة بأسلوب بسيط وفعال، إذ تطلب من الزوار فرك لؤلؤتين بلطف، فيشعرون بملمس رملي خفيف يميز اللؤلؤ الطبيعي بفضل طبقته الصدفية، ثم يمسحون اللؤلؤ بقطع قماش سوداء فتظهر بقايا بيضاء مثل الطبشور تدل على أصالته.

قضايا وناس

التحديثات الحية

متحف سجن هانوي... إرث الاستعمار الفرنسي في فيتنام

وتقف المرشدة بعد ذلك قرب قارب خشبي قديم كان الشاهد الأول على ولادة حلم هو في ثوي الذي بدأ مغامرته على متنه. وتروي حياة ثوي قصة ملهمة عن الإرادة القوية التي تتجاوز مصاعب الفقر. ففي سن التاسعة عشرة، غادر بلدته ها تنه الفقيرة وتوجه إلى فو كووك حيث بدأ مغامرته في الغوص بحثاً عن اللؤلؤ الطبيعي. وعاش ثوي مع زملائه المزارعين في جزيرة نائية بعيدة عن ضوضاء الحياة اليومية.

في البداية واجه صعوبات في الغوص إلى عمق 20 متراً، إذ تعرّض لإصابات ونزيف في الأذن، في حين فقد أحد الغواصين حياته وأصيب آخر بشلل نتيجة حادث غوص. ورغم مخاوفه أصرّ ثوي على متابعة حلمه. وبعد ثلاث سنوات من العمل الجدي والتقشف، أصبح غواصاً محترفاً قادراً على الغوص إلى عمق 60 متراً، ما أتاح له فرصة شراء قارب صغير.

وفي التسعينيات أطلقت شركة "أوكاوا" اليابانية زراعة اللؤلؤ في جزيرة فو كووك، ووظّفت ثوي لديها، بعدما اشترت منه العديد من اللآلئ الطبيعية وقاربه، ودفعت له راتباً شهرياً قدره 1.7 مليون دونغ فيتنامي، وكان هذا المبلغ جيداً جداً في ذلك الوقت. ومنذ ذلك الحين، قضى ثوي نصف يومه في الغوص والنصف الآخر في تعلم زراعة اللؤلؤ من الخبير الياباني هوريكيري سيجي.

وقال ثوي حينها: "يجري تقييم اللآلئ الطبيعية غالباً باعتبار أن قيمتها أعلى من تلك التي يصنعها الإنسان، لكن الأشكال الطبيعية قد تكون خشنة، بينما اللآلئ المصنوعة يدوياً أكثر إشراقاً ونعومة. وللحصول على لآلئ جميلة من صنع الإنسان، يحتاج الحرفيون إلى خبرة عالية ومهارات ومواهب، خصوصاً لمعرفة الوقت المناسب لنمو اللؤلؤ".

وبعد سنوات قليلة، أدّت الأزمة الاقتصادية العالمية إلى إفلاس الشركة، فاغتنم ثوي الفرصة واستحوذ على الشركة، وأعاد تسميتها مزرعة نغوك هين بيرل، وأصبحت تحت قيادته رائدة في مجال زراعة اللؤلؤ البحري في فو كووك، وجذبت الزوار المحليين والدوليين منذ تأسيسها عام 1994.

قضايا وناس

التحديثات الحية

معابد ماي سون... رموز حضارية وروحية في قلب فيتنام

واليوم تعتبر جزيرة فو كووك واحدة من أكبر مزارع اللؤلؤ في فيتنام. ولم تنشر إحصاءات عن إنتاج الجزيرة للؤلؤ عامي 2023 و2024، لكنه بلغ نحو طنين سنوياً بين عامي 2018 و2022. وتُساهم صناعة اللؤلؤ في تعزيز الاقتصاد المحلي للجزيرة وهي من أهم مصادر الدخل للجزيرة، وتوفر فرص عمل لآلاف السكان المحليين، سواء في المزارع أو القطاع السياحي.