استمع إلى الملخص
- تتميز الجزر بتنوعها الثقافي والطبيعي، مع وسائل تنقل صديقة للبيئة ومعالم تاريخية مثل دير آية يورجي وكنيسة بورجي، وتشتهر جزيرة هيبيلي بخضرتها وكنائسها البيزنطية.
- تضم الجزر الصغرى كينالي وياسّي، التي شهدت محاكمات سياسية، وجزر غير مأهولة مثل سيفري وكاشيك أداسي وتافشان أداسي.
يعتقد سياح خلال عبورهم البحر إلى جزر الأميرات في تركيا أن الطريق إليها أكثر جمالاً ومتعة منها. ومهما كانت عوامل الجذب والإغراء، تبدأ المتعة منذ اتخاذ قرار زيارتها من خلال الحجز على متن سفن من مرفأي أمينيو وكابتاش، وعبور مضيق البوسفور برفقة النوارس التي تنتظر قطع الخبز (إيكمك)، وتتسابق إليها بعد رميها من الركاب.
ويتغيّر هذ الاعتقاد لدى الوصول إلى الرصيف العتيق في الجزيرة الكبرى (بيوك أضا)، حيث تهب نسائم البحر الممزوجة بكل لغات العالم ووجوه السياح وروائح السمك، ويرى الزائر تاريخاً متكاملاً من قصور ومعابد ومتاحف، وأيضاً شواهد لقصص موجعة عن اختيار الجزر لنفي سياسيين وأمراء وإعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس في 17 سبتمبر/ أيلول 1961 بعد الانقلاب العسكري عام 1960.
ومن الضروري التفريق بين جزر الأميرات في بحر مرمرة الذي يتصل بالبحر الأسود عبر مضيق البوسفور، وجزر ساموس وباطموس وليروس وكاليمنوس في بحر إيجة التي تتصل بدورها بالبحر الأسود عبر مضيق الدردنيل، في حين أن الخلط لا ينحصر في السياح، بل يشمل أيضاً أدلاء سياحيين يمزجون بين الجزر الأربع في بحر إيجة والجزر الأربع الأكثر شهرة ضمن جزر الأميرات ببحر مرمرة، وهي كينالي وبورغاز وهيبيلي وبيوك أضا التي تحتوي بيت ثاني رئيس للجمهورية هو عصمت إينونو، الذي تحوّل إلى متحف، ومنزل الكاتب الشهير سعيد فائق، وكنيسة بورجي الشهيرة وجامع الحميدية.
واللافت أن التنقل المتاح في جزر الأميرات وبيوك أضا حصراً للعربات التي تجرّها الخيول أو الدراجات الهوائية في الشوارع الضيّقة والمرصوفة، وهي تحافظ على نقاء الجو وجمال الطبيعة في ظل منع دخول السيارات مع ملاحظة استثناءات تشمل سكان الجزر أو بعض مالكي القصور.
وبيوك أضا كبرى جزر الأميرات بمساحة تزيد عن 5.4 كيلومترات مربعة، ويسكنها ألفا شخص يتضاعفون خلال الصيف جراء استئجار السياح وعودة مُلّاك البيوت والقصور للجزيرة.
وتتميز هذه الجزيرة بتلة جنوبية ترتفع 203 أمتار وأخرى شمالية تسمى الدبر وترتفع 164 متراً عن سطح البحر، وتشتهر بأنها كنز لعملات ذهبية وُجدت فيها، والتي تقول روايات إن كمياتها كانت هائلة وتعود إلى حقبة والد الإسكندر الأكبر، الملك فيليب الثاني، ملك مقدونيا، وعُثر عليها عام 1930 قرب مقابر الروم الأرثوذكس في منطقة كاراجا بيك.
وبقيت بيوك أضا منفى لمعارضين وأمراء وسياسيين حتى ثلاثينيات القرن الماضي حين بدأت تزدان بالقصور والمباني المزخرفة والملونة، وتحوّلت إلى أهم المقاصد السياحية في إسطنبول، وهي لا تفتقر إلى المعالم، إذ يقع على قمة أعلى هضاب الجزيرة دير آية يورجي التاريخي الذي كان أول بناء شُيد في المنطقة خلال القرن السادس بعد الميلاد. وتضم هذه المنطقة كنائس وأديرة صمدت بعضها على مر التاريخ وأخرى لم يبق منها إلا أطلال. وتقع على تلة عيسى كنيسة ودير خريستوس إلى جانب دار أيتام الروم التي تحوّلت إلى أطلال وهي إحدى كبريات المباني الخشبية في العالم.
وبرمزية تآخي الأديان، يقابل الكنيسة جامع الحميدية الأكبر ضمن أربعة جوامع في الجزيرة. أما بالنسبة إلى التاريخ، فتضم بيوك أضا متحف جزر الأميرات، وهو أول متحف معاصر مفتوح في إسطنبول، الذي يحتوي مئات الوثائق والمعروضات حول تاريخ الجزر فضلاً عن 20 ألف وثيقة وستة آلاف صورة فوتوغرافية، ومئات الأفلام الوثائقية، وتسجيلات مصورة ونصية تسرد قصة الجزر.
وثانية جزر الأميرات وأكثرها اخضراراً هي هيبيلي التي عرفت سابقاً باسم "هالكي"، أي النحاس باليونانية القديمة، وتضم أربع تلَّات رئيسية، ويزيد عدد سكانها عن سبعة آلاف في الصيف ويزورها 20 ألف شخص يومياً.
وتأتي كنيسة كامرايوتيسا البيزنطية المشيّدة على شكل زهرة في جزيرة هيبيلي، إلى جانب دير آيا يورجي ودير تاركالدنيا في مقدمة معالم الجزيرة الأكثر زيارة، وبعدها مقبرة سفير الملكة البريطانية إليزابيث الأولى إدوارد بارتون، ومدرسة الرهبان الأرثوذكس الرومانية، وقصر عباس حلمي باشا، وهو أول مصح في تاريخ تركيا.
وثالثة جزر الأميرات على صعيد المساحة والإقبال هي بورغاز، التي تتميز بنقاء هوائها وخضرتها وقصورها التاريخية وبيوتها الفارهة ذات الأسعار المرتفعة جداً سواء للإيجار أو الشراء.
وتعتبر القصور والمنازل الجميلة الملونة التي يخترقها شارع النزهات فضلاً عن التلة المطلة على البحر وأقدم شاطئ ومرسى بحري ومنارة بالجزر التسع، من أهم معالم جزيرة بورغاز وعوامل جذبها، وهي تفتقر إلى المعالم التاريخية وتضم فقط جامعاً بني عام 1953 ودير آيه يورجي، لكنها تكتظ بالخدمات البحرية والشاطئية مثل خليجي كالبازان كايا ومارتا.
أما الجزيرة "المحناة"، بسبب لونها الأحمر، واسمها كينالي بالتركية، فتضم ثلاث تلال رئيسية، هي شجرة الدلب والتشويقية والدير.
ومن يزر كينالي يُدهش من وجود أجهزة وأبراج اتصالات خاصة بوسائل النقل الإذاعي والتلفزيوني، وتلفت انتباهه الصخور التي زودت أسوار القسطنطينية بالحجارة خلال العهدين الروماني والبيزنطي. وبسبب تأخر تزويدها بخدمات المياه والكهرباء حتى عام 1981، وقلّة المعالم الأثرية فيها، تحتل جزيرة كينالي موقعاً متأخراً على صعيد السكن وفي جدول زيارات السياح الذين يقصدون بالدرجة الأولى بيوك أضا حتى الساعة السادسة مساء، موعد عودة السفن إلى موانئ إسطنبول.
إلى ذلك تعتبر جزيرة صدف الأخت الصغرى لجزر الأميرات، واستوحيَ اسمها من شكلها القريب من صدفة البحر، ويملكها منذ عام 1850 فريد باشا، الذي حوّل قسماً كبيراً منها إلى واحات خضراء زالت بعد وفاته. أما "عديمة الخير" (هير سيز)، فهو لقب جزيرة ياسّي الصغيرة التي يبلغ عرضها 185 متراً وطولها 740 متراً، لكن أرضها المسطحة جعلتها السجن الأبرز خلال العهد البيزنطي لنفي سياسيين معارضين.
وتأتي شهرة الجزيرة، وربما سبب تسميتها بـ"عديمة الخير"، لأنها شهدت عام 1961 محاكمة وإعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس وعدد من السياسيين، من بينهم فطِن رشدي زورلو وحسن بولاتكان. كما شهدت الفترة التالية محاكمة سياسيين واحتجاز عدد منهم.
وعام 1993 أحيل حق استخدام الجزيرة إلى كلية الموارد المائية التابعة لجامعة إسطنبول، ثم أصبحت مهجورة بعد عامين.
أيضاً تلقب جزيرة سيفري بـ"عديمة الخير" ربما لأنها غير مأهولة، وتضم تلة ترتفع نحو 90 متراً عن سطح البحر. ويقع في جهتها الجنوبية ميناء بحري، كما تضم بئر مياه جوفية عذبة واحدة فقط. وهي استخدمت في إحدى الفترات منفى للمعارضين وغير المرغوب بهم، واشتهرت في العصور القديمة بأنها أحد الأماكن المفضلة لمحبي العزلة، علماً أنها تضم ديراً قديماً يعود إلى القرن العاشر الميلادي لم تبقَ منه سوى أطلال. واحتوت الجزيرة سابقاً أحد مناجم الحجارة والصخور التي استخدمت في أعمال البناء خلال عصري الدولتين البيزنطية والعثمانية. وتشير وثائق تاريخية إلى أن الأحجار كانت تنقل من ميناء حيدر باشا في إسطنبول.
وعام 1911 نُقِلت كلاب ضالة من إسطنبول إلى الجزيرة، وتعتبر هذه الواقعة غاية في الأهمية في تاريخ الجزيرة التي شهدت صراع البقاء بين الكلاب التي كانت تقتل بعضها بعضاً جوعاً وعطشاً.
ومن الجزر الصغرى وغير المأهولة أو قليلة الجذب كاشيك أداسي (الملعقة)، نظراً إلى شبهها بالملعقة، وتقع في الجهة الشرقية من جزيرة بورغاز، وتضم مرسى بحرياً صغيراً ومنزلين صغيرين، وهي أملاك خاصة لم تتح للسكان في أي وقت، علماً أنها بيعت إلى أسرة أجنبية تُعرف باسم "دانون" عام 1950 ثم لشركة سياحة.
وآخر الجزر هي تافشان أداسي (الأرانب)، التي تقع في أبعد نقطة من جهة الجنوب من جزر الأميرات، وهي جرداء خالية من النبات والأشجار، وتظهر كقطعة صخرية وسط البحر، ويبلغ طولها نحو 90 متراً فقط، وتضم تلة عالية بارتفاع 40 متراً وتكثر الأرانب فيها. وفي بعض الخرائط قد تسمى جزيرة صياد السمك، لأن صيادين يقصدونها.