جرادة في الكف

جرادة في الكف

05 أكتوبر 2021
الجراد من أقدم الآفات المهاجرة في العالم (ياسويوشي تشيبا/ فرانس برس)
+ الخط -

 

عندما نردد "جرادة في الكف ولا ألف طايرة"، هل نعني القناعة، أم نؤكد فائدة الجراد لمن يأكلونه، أم هي قراءة أعمق لعلاقة البشر بالجراد؟ فمن ناحية يُعَدّ الجراد من أقدم الآفات المهاجرة في العالم، ويتسبب في تدمير الغابات والحقول، وبالتالي سبل كسب عيش عُشر سكان العالم من الريفيين، ومن ناحية أخرى هو واحد من أغذية مواسم الجوع. 

تنشط المنظمات الأممية في تكثيف جهود توفير الحبوب لإطعام البشر من خلال منع انتشار الجراد الصحراوي في عشر دول، من بينها تسع دول أفريقية هي السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا وكينيا والصومال وأوغندا وتنزانيا. ففي إبريل/ نيسان الماضي واجهت كينيا موجة عاتية من أسراب الجراد هدّدت المحاصيل والثروة الحيوانية والأمن الغذائي. كذلك تأثّر أكثر من مليون شخص في مدغشقر التي يسكنها 28 مليون نسمة في يونيو/ حزيران الماضي بموجة جفاف أجبرت آلاف الأسر على أكل الجراد وثمار الصبّار الأحمر وأوراق الشجر.

والجراد من الأكلات المفضلة لدى بعض الشعوب، فهو غني بالبروتينات والفيتامينات التي تشكل 62 في المائة من تكوينه الغذائي، إلى جانب عدد من المواد العضوية كالمنغنيز والكالسيوم والحديد والصوديوم والبوتاسيوم والفسفور التي تشكل نسبة 21 في المائة، فيما تشكل الدهون نسبة 17 في المائة. ويعدّه كثيرون من أكثر المقويات والمنشطات فعالية. كذلك يُشاع أنّه يعالج الروماتيزم وآلام الظهر، ويساعد في علاج النموّ لدى الأطفال. وتذهب دراسة أجريت في جامعة روما (2019) أبعد من ذلك، إذ أفادت بأنّ تناول الجراد والنمل والديدان القشرية يساعد في الحماية من الإصابة بالسرطان، لاحتوائها على مضادات أكسدة أكثر من عصير البرتقال بخمس مرات.

في الوقت ذاته، تحذّر دوائر صحية من أكل الجراد الصحراوي لتسببه في حالات التسمم نتيجة تعرّضه إلى عمليات رشّ (بمبيدات). ويقول أهل دارفور في غرب السودان إنّهم يأكلون ما يتمّ اصطياده من الجراد الذي يعيش في البساتين والحقول والمزارع الخلوية، أي النوع الذي لا يتعرض لعمليات الرش، ومع ذلك يغلونه جيداً في الماء ثم يجففونه، ومنهم من يغليه في الزيت ثم  يأكله مقرمشاً.

موقف
التحديثات الحية

وعن انتشار النوع الصحراوي من الجراد، تقول الدراسات إنّه قادر على تغطية ما بين 30 و60 بلداً في خلال طفراته، إذ يستطيع سرب صغير بمساحة كيلومترين مربّعَين أن يلتهم ما يتناوله 35 ألف شخص في اليوم. ولعلّ ما يجعل أمر القضاء عليه صعباً هو انتشاره في مساحات واسعة عبر الحدود، الأمر الذي يقتضي تنسيقاً عالياً في ظل محدودية الموارد لدى دول القارة (الأفريقية) الفقيرة. وتقوم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) عبر هيئة المعلومات عن الجراد الصحراوي برصد حالة الجراد في العالم على مدار الساعة، وتقدّم توقّعات وتنبيهات إنذار مبكّر بشأن توقيت وحجم وموقع تحركات الجراد وتكاثره.

(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون