دخل الجدل حول نزاهة امتحانات الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة في المغرب، مُنعطفاً جديداً، في ظل تباين المواقف بخصوص نزاهتها وارتفاع أصوات مطالبة بالتحقيق في ادعاءات ومزاعم بوجود فساد وزبونية ومحسوبية، وإقالة وزير العدل عبد اللطيف وهبي.
وتحوّلت نتائج اختبارات المحامين التي أُعلِنَت بداية يناير/ كانون الثاني الجاري، إلى قضية رأي عام في المغرب، بعد الكشف عن تضمن لوائح الناجحين أسماء نجل وزير العدل الحالي وأقارب له، وأبناء محامين ومسؤولين في وزارة العدل، بالإضافة إلى برلمانيين سابقين وحاليين.
وفي تطور لافت في الجدل الذي أثير بشأن نتائج اختبارات الأهلية لممارسة المحاماة، خرجت جمعية "هيئات المحامين بالمغرب"، عن صمتها بإصدار بيان رسمي أمس الجمعة، أكدت فيه نزاهة اختبارات الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، وعبّرت عن رفضها لما وصفته بـ"استغلال" نتائج الاختبارات لـ"استهداف المهنة وكيل الاتهامات للمؤسسات المهنية والطعن في مصداقيتها".
وشجبت الجمعية "الدوافع والأهداف والجهات التي تقف وراء استغلال كل المناسبات لضرب مهنة المحاماة"، لافتة إلى أن "الولوج إلى المحاماة منظم بمقتضى القانون وخاضع لرقابة مؤسساتية وفقاً لشروط قانونية وواقعية تضمن توفير الشروط الضرورية أمام الوافدين لقضاء فترة التمرين في ظروف تؤهلهم للتشبع بالمبادئ والقيم الأساسية لممارسة المهنة".
ونددت بـ"ردود الأفعال غير المبررة التي تجاوزت حدود الحق المشروع في الاحتجاج، وانحرفت عن المسارات القانونية والإدارية الممكنة، إلى المسّ والإساءة والتشهير بالمعلن عن نجاحهم وأسرهم وكذا بالمؤسسات المعنية والمشرفة على الامتحان".
وفي السياق ذاته، عبّر بعض من المترشحين الناجحين في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، عن رفضهم لما سموه الاتهامات الخطيرة الموجهة لهم عقب تفجر هذه القضية إعلامياً وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، معتبرين، في بيان أصدروه أمس، أن "قرابة مرشح بمسؤول أو قاضٍ أو محامٍ ليست من موانع اجتياز الامتحان ولا نافية للكفاءة العلمية، ولا ماسة بالأخلاق الحميدة، ولا خارقة للنظام العام".
بالمقابل، طالبت البرلمانية عن جهة فاس مكناس، ريم شباط، وزير العدل بضرورة إلغاء نتائج امتحانات المحاماة وترتيب الجزاءات ومحاسبة المتورطين، عقب تفجر فضيحة تقدم مدير مركزي لهذه الامتحانات في خرق فاضح للقانون، لوجود حالة التنافي وضرب مبدأ الشفافية والمصداقية وتكافؤ الفرص.
ووصفت البرلمانية، في سؤال كتابي وجّهته إلى وزير العدل، ما حدث في امتحانات المحاماة، بـ"المهزلة ووصمة العار"، داعية إلى فتح تحقيق شفاف في الواقعة لكشف المتورطين ومحاسبتهم.
وتعليقاً على الجدل الدائر، قال المحامي ورئيس "الجمعية المغربية لحماية المال العام" (غير حكومية) محمد الغلوسي، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت:" الذين طالبوا بشفافية امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة لم يسيئوا للمهنة ولا لرسالة الدفاع، فقط طالبوا بإجراء تحقيق وبحث حول افتراض شبهة فساد شابت الامتحان وهو حق مشروع يضمنه الدستور والقانون، وهم بذلك يدافعون عن نبل المهنة وشموخها وتحصينها من أية خدوش أو انزلاقات مفترضة تمسّ بجوهر رسالة المحاماة، كما أن سلوكهم هذا يعد انتصاراً للقانون والعدالة".
وتابع: "المطالبة بإجراء تحقيق لا يتضمن أية إساءة للمهنة، بل إنه من صميم دولة الحق والقانون، وشيطنة ذلك لا يمكن أن يفهم إلا بكونه خوفاً من نتائج البحث والتحقيق. لا يمكن لأي منتسب لمهنة المحاماة ومؤمن برسالتها أن يكون ضد فتح أي بحث حول ادعاءات ومزاعم بوجود فساد أو زبونية أو محسوبية أو أن يعتبر ذلك استهدافاً للمهنة وللأشخاص، بل إنه سيكون مدافعاً شرساً عن ضرورة إجراء هذا البحث خوفاً على المهنة ورفضاً لأي شبهة تلصق بأهلها وإدانة لكل ما من شأنه أن يلحق بها أي ضرر".
وكان إعلان نتائج امتحان الأهلية قد أثار غضب عدد من المتبارين الراسبين، الذين احتجوا الثلاثاء الماضي أمام مقر البرلمان المغربي، للمطالبة بفتح تحقيق في هذه النتائج وإبطالها وإعادة تصحيح الأوراق.
كذلك دشن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وسم (هاشتاغ) #مباراة المحاباة وليس المحاماة، شككوا من خلاله في نزاهة الامتحان والنتائج، منددين بمحاولات "توريث" مهنة المحاماة داخل العائلات النافذة وإقصاء أبناء الطبقات الفقيرة وتحطيم أحلامهم.