استمع إلى الملخص
- أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية البريطانيين يؤيدون منح اللاجئين حق التقدم للجنسية، بينما يعارض جزء كبير من ناخبي حزب المحافظين وحزب الإصلاح، مما يعكس انقسامًا في الرأي العام.
- تواجه السياسات الجديدة انتقادات من منظمات حقوقية وسياسيين، حيث تُعتبر غير منطقية وتعيق اندماج اللاجئين، وتأتي بعد حملة إعلامية لتشديد الإجراءات ضد الهجرة غير النظامية.
يتواصل الجدل في بريطانيا حول ملف الهجرة والباحثين عن اللجوء في المملكة المتحدة عبر القوارب ومكانتهم القانونية، بعد أن بدأت الحكومة البريطانية هذا الأسبوع بتصوير فيديوهات لترحيل اللاجئين غير النظاميين ونشرها للجمهور، في مسعى من حكومة حزب العمال لتحقيق إنجازات في قضايا وعدت بها الناخبين خلال الانتخابات الأخيرة، وتأخذ زخمًا في ظل تصاعد قوّة اليمين المتطرف.
ونشرت وزارة الداخلية، اليوم الأربعاء، إرشادات جديدة تنص على أن اللاجئين الذين يصلون بشكل "غير قانوني" إلى المملكة المتحدة في قوارب صغيرة أو مختبئين في شاحنات سيُرفض منحهم الجنسية البريطانية. وأقرّ مجلس العموم البريطاني يوم الاثنين بالقراءة الثانية مشروع قانون أمن الحدود واللجوء والهجرة، وهو تشريع يلغي الكثير من قانون سياسة رواندا الذي أقره حزب المحافظين في الحكومة السابقة، ويمنح سلطة جديدة على غرار مكافحة الإرهاب لمعالجة تهريب البشر.
وخلال المناقشة في البرلمان، قال وزير الداخلية في حكومة الظل، كريس فيلب، إن أحد أسباب معارضة المحافظين لمشروع القانون هو أنه ألغى المادة 32 من قانون الهجرة غير النظامية لعام 2023 الذي "يمنع الأشخاص الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني من الحصول على الجنسية". واعتبر أن إلغاء هذا القسم سيخلق طريقًا للحصول على الجنسية للأشخاص الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، وهو ما يعارضه حزبه. في المقابل، ردّت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر قائلة إن وزارة الداخلية "عززت الصلاحيات لضمان عدم حصول الوافدين على القوارب الصغيرة على الجنسية من خلال تعزيز القواعد".
وقالت صحيفة "ذا غارديان"، اليوم الأربعاء: "يتّضح الآن أن ما كانت تتحدث عنه كوبر يبدو صحيحًا، إذ شددت وزارة الداخلية القانون في ما يتعلق بالجنسية. يتخلص حزب العمال في هذه الأيام من قانون المحافظين الذي كان من المفترض أن يمنع الأشخاص الذين يصلون على متن قوارب صغيرة من المطالبة باللجوء. لكن منح اللجوء ليس مثل الحصول على الجنسية، ووزارة الداخلية تشدد في الوقت نفسه الإرشادات لجعل الأمر أكثر صعوبة - لدرجة شبه مستحيلة - بالنسبة للوافدين على القوارب الصغيرة للمطالبة بالجنسية".
أغلبية ترفض منع الحصول على الجنسية
وكان النقاش في السابق حول منح الباحثين عن اللجوء في المملكة المتحدة القادمين عبر القوارب الصغيرة اللجوء أم لا، وما إذا كان عليهم البقاء في البلاد أم لا، لكن النقاش تحوّل إلى المواطنة وليس الإقامة من خلال سياسة جديدة من شأنها أن تجعل من الصعب للغاية على جميع المهاجرين (وليس اللاجئين فقط) أن يصبحوا مواطنين بريطانيين. هذا ما بدأت به زعيمة حزب المحافظين الأسبوع الماضي في نشاطها، الأمر الذي دفع وزارة الداخلية الجديدة تبدو وكأنها تقوم بسياسة مشابهة رغم أن غالبية ناخبي حزب العمال، وأغلبية البريطانيين، يقولون إن اللاجئين القادمين من قوارب صغيرة يجب أن يتمكنوا من الحصول على الجنسية، كما يشير أحدث استطلاع للرأي عن ذلك.
ونشر معهد المستقبل البريطاني في وقت سابق من هذا الأسبوع، وهو معهد بحثي يركز على العرق والهجرة والهوية، بعض استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن أغلبية ناخبي حزب العمال، وأغلبية البريطانيين، يعتقدون أن الأشخاص الذين حصلوا على حق اللجوء في المملكة المتحدة يجب أن يتمكنوا من الحصول على الجنسية، حتى لو وصلوا على متن قارب صغير. وأُجري هذا الاستطلاع بعد إعلان سياسة حزب المحافظين بشأن الجنسية، لكنه يأخذ أهمية أكثر بعد تغييرات مرتقبة في سياسة وزارة الداخلية لحكومة حزب العمّال.
وسأل الاستطلاع أيضًا عن قدرة اللاجئين على التقدم بطلب للحصول على الجنسية. وافقت الأغلبية (44%) على أنه "إذا حصل شخص ما على وضع اللاجئ وعاش بشكل قانوني في بريطانيا لمدة ست سنوات، فيجب أن يكون قادرًا على التقدم بطلب للحصول على الجنسية البريطانية، بغض النظر عن كيفية وصوله إلى المملكة المتحدة للمطالبة باللجوء"، بينما لا يتفق الثلث (33%). ستة من كل عشرة ناخبين من حزب العمال (62%) والديمقراطيين الليبراليين (60%) يؤيدون منح اللاجئين حق المواطنة، بغض النظر عن كيفية وصولهم إلى المملكة المتحدة، في حين لا يتفق 20% من ناخبي حزب العمال مع هذا الرأي. أما المحافظون فهم منقسمون، حيث يوافق 40% على أنه ينبغي منح اللاجئين حق التقدم للحصول على الجنسية البريطانية، بغض النظر عن كيفية وصولهم إلى المملكة المتحدة، في حين لا يتفق 42% مع هذا الرأي. أما ناخبو الإصلاح، فيستجيبون بشكل مختلف تمامًا، حيث لا يتفق 68% مع هذا البيان.
انتقادات للسياسات الجديدة
وتواجه هذه الخطوة انتقادات شديدة، إذ قال مجلس اللاجئين في المملكة المتحدة في بيان أمس: "إن هذا التغيير يتعارض مع المنطق. فالجمهور البريطاني يريد للاجئين الذين حصلوا على الأمان في بلدنا أن يندمجوا في مجتمعاتهم الجديدة ويساهموا فيها، لذا فليس من المنطقي أن تقيم الحكومة المزيد من الحواجز". وأضاف: "نحن نعلم أن الرجال والنساء والأطفال اللاجئين يريدون أن يشعروا بأنهم جزء من البلد الذي منحهم وطنًا، ودعمًا لإعادة بناء حياتهم. أصبح العديد من اللاجئين على مدى أجيال عديدة مواطنين بريطانيين فخورين يعملون بجد أطباءَ ورجالَ أعمال ومهنيين آخرين. لقد ساعدهم الحصول على الجنسية البريطانية على رد الجميل لمجتمعاتهم، ويجب الاحتفال بهذا، وليس منعه. ونحن نحث الوزراء على إعادة النظر بشكل عاجل".
كما تحدثت النائبة العمالية ستيلا كريسي ضد التوجيهات الجديدة. ففي منشور لها على موقع بلو سكاي أمس، قالت إن السياسة "يجب أن تتغير في أسرع وقت ممكن". وقالت لبرنامج توداي، الأربعاء، إنها لا تعتقد أنه من المنطقي السماح للاجئين بالبقاء في البلاد، ولكن ليس حرمانهم من الجنسية. وقالت إنها سعيدة بالتصويت لصالح مشروع القانون ليلة الاثنين، لكنها تابعت: "ما تقوله هذه الرسالة هو أننا سنحكم على طلب اللجوء الخاص بك، لذلك سنسمح لك بالبقاء في البلاد، لكننا لن نتوقع منك أن تكون جزءًا من مجتمعنا. أنا فقط أقول بصدق ولطف لزملائي في المقاعد الأمامية، أعتقد أن هذا غير منتج. هذا ليس هو موقف الجمهور البريطاني".
وأضافت: "إنهم يدركون أنه لا توجد طرق آمنة (للكثير من اللاجئين الذين يريدون القدوم إلى المملكة المتحدة). إذا كنت منشقًّا إيرانيًّا الآن يفر من النظام، فلا يوجد طريق آمن. لذا، ربما تكون قد وصلت إلى هنا في قارب. يجب علينا بالتأكيد أن نستجوب طلبك. إذا لم يكن طلبك قائمًا على أسس سليمة، فلا ينبغي أن تتمكن من البقاء، ولكن إذا سمحنا لك بالبقاء في هذا البلد، فيجب أن يكون لدينا أيضًا طريق يمكنك من خلاله أن تكون جزءًا من هذا البلد، وهذا هو ما تعنيه المواطنة".
حملة منظمة من وزارة الداخلية
وبحسب الإرشادات الجديدة، فإن الأشخاص الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة "بشكل غير قانوني بعد القيام برحلة خطيرة.. سيُرفض منحهم الجنسية عادةً، اعتبارًا من 10 فبراير/ شباط، بغض النظر عن وقت وصولهم". وتقول الإرشادات إن الرحلة الخطيرة "لا تقتصر على السفر بقارب صغير أو مختبئين في مركبة أو وسيلة نقل أخرى"، كما توضح الإرشادات أن هذا لا يشمل الوصول مسافراً على متن شركة طيران تجارية. في السابق، كان على اللاجئين الذين وصلوا بطرق غير نظامية الانتظار لمدة 10 سنوات قبل النظر في منحهم الجنسية.
وجاءت هذه التشريعات الجديدة بعد حملة إعلامية منظمة للغاية من قبل وزارة الداخلية، والتي شهدت نشر الوزارة لصور مهاجرين "غير نظاميين" يُرحلون لأول مرة. كما نشرت وزارة الداخلية أيضًا لقطات لفرق إنفاذ القانون وهي تداهم 828 مبنى، بما في ذلك صالونات التجميل ومغاسل السيارات والمطاعم، وأجرت 609 اعتقالات - بزيادة 73% عن يناير السابق.