تونس: طرد عاملات منازل بسبب كورونا

تونس: طرد عاملات منازل بسبب كورونا

23 ديسمبر 2020
عاملة تنظيف في تونس- العربي الجديد
+ الخط -

أشارت بيانات المعهد الوطني للإحصاء، في تونس، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى أنّ نحو 70 ألف عاطل من العمل من بين مجمل العاطلين من العمل في البلاد، فقدوا عملهم بسبب فيروس كورونا الجديد. كذلك، كشفت الإحصاءات أنّ 29 ألفاً من هؤلاء لم يعودوا إلى العمل بالرغم أن مشغّليهم قد استأنفوا نشاطهم بعد فترة الحجر الصحي.

وكشفت دراسة تقييمية عن تأثير كورونا، أنجزها المعهد التونسي للقدرة التنافسية في مايو/ أيار الماضي، أنّ عدد الأعمال التي فُقدت بشكل مؤقت بسبب أزمة الجائحة في حدود 143 ألفاً لفترة شهر، و430 ألفاً لفترة ثلاثة أشهر من الحجر الصحي حتى يونيو/ حزيران الماضي. وأغلب الأعمال التي تأثرت بالجائحة وفق الهيئات الرسمية كانت في قطاع المهن غير المنتظمة، على غرار عمال البناء والفلاحين وبعض أصحاب المشاريع الصغرى، لا سيما العاملات المنزليات اللواتي فقدن عملهن، خصوصاً في فترة الحجر الصحي الشامل الذي فرض العمل عن بعد.

انضمت الثلاثينية، رفيقة الزيدي، إلى قطاع العمالة المنزلية منذ أربع سنوات تقريباً. تقول لـ"العربي الجديد" إنّها كانت تعمل بصفة أسبوعية في بعض المنازل، لتنتقل إلى العمل بشكل يومي في منزل بأحد ضواحي العاصمة منذ ثلاث سنوات. كانت تحظى بأجر شهري يبلغ 150 دولاراً أميركياً، ولا تتمتع بتغطية اجتماعية أو صحية، لكن يُوفّر لها عملها دخلاً يساعد زوجها في نفقات الأسرة. لكن، مع تفشي كورونا انقلبت الأوضاع، لتفقد عملها بعد الاستغناء عنها من قبل الأسرة التي كانت تعمل لديها. تضيف رفيقة: "منذ فرض الحجر الصحي الشامل في إبريل/ نيسان الماضي، استغنت عني، وتولت القيام بشؤون بيتها بمفردها. وحتى بعد عودة الحياة إلى نسقها الطبيعي خلال الصيف الماضي، لم تتصل بي للعودة إلى العمل كما لم تشغّل عاملة غيري لديها، بسبب ظروفها المالية".

في الحديث عن المهن غير المنتظمة، فإنّ العاملات المنزليات هن الحلقة الأضعف في سلسلة القطاعات الهشة، إذ تحيط بهن المخاطر، خصوصاً خلال الأزمات، ويطاردهن هاجس البطالة في أيّ وقت. وقد سجلت عاملات المنازل سواء العاملات بالأجور اليومية أو الأجور الشهرية، بطالة غير مسبوقة، بعد التخلي عنهن نتيجة الأزمة المالية من جهة والخوف من الإصابة بعدوى كورونا".

نتيجة تداعيات أزمة كورونا فقدت إيمان (45 عاماً) عملها هي الأخرى، واستغنت عنها الأسر التي كانت تعمل لديها. تقول: "بعض الأسر باتت تعاني من تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية بعد التخفيض في الأجور، أو حتى بسبب فقدان أصحاب تلك البيوت مهنهم، فيما دفع الخوف من الإصابة بعدوى فيروس كورونا بعض الأسر إلى التخلي عن العاملات المنزليات. وقد تخلت أغلب الأسر التي كنت أعمل لديها عنّي مخافة نقلي العدوى إلى بيوتهم". وتضيف إيمان: "بسبب تنقلي في وسائل النقل العمومي جرى التخلي عني مخافة أن أصاب بفيروس كورونا الجديد، وأنقل العدوى لأفراد تلك الأسر. على الرغم من أنّني لا أتواصل معهم بطريقة مباشرة، وألتزم بالكمامة حتى خلال عملي الذي يدوم بضع ساعات أكون فيها أغلب الوقت بمفردي في البيت".

الاتحاد الوطني للمرأة التونسية كان قد أنجز مشروع قانون ينظم العمل في قطاع العمالة المنزلية. وذلك لضمان حقوق العاملات في هذا القطاع. وأشارت راضية الجربي، رئيسة الاتحاد لـ"العربي الجديد" إلى أنّ المرأة العاملة في الخدمة المنزلية من بين أكثر العاملات التي تعاني من البطالة والطرد في أيّ وقت. وقد أثرت أزمة كورونا على العديد من القطاعات الهشة خصوصاً. وفقدت آلاف النسوة عملهن بسبب الأزمة. ولأنّهن يعملن في وضعيات هشة ولا يتمتعن بأبسط الحقوق، جعل طردهن أمراً سهلاً بالنسبة للمشغلين. لذلك، فإنّ مشروع القانون سيعمل على فرض تشغيلهن بعقود تحمي حقوقهن، وضرورة تحديد حدّ أدنى للأجور. مع تنظيم ساعات العمل. وتمكين العاملات في البيوت من راحة أسبوعية. كذلك، يضمنّ حصولهنّ على حقوقهن في حال طردهن من العمل".

وقد أعلنت وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ أنّها خصصت خطّ تمويل بقيمة 600 ألف دولار أميركي، خصوصاً على مستوى العاملات المنزليات، لمساعدتهن في تجاوز تداعيات أزمة كورونا والآثار السلبية للحجر الصحي، مؤكدة أنّ أزمة كورونا مثّلت مناسبة للوقوف على حضور المرأة المكثف في الأنشطة الاقتصادية غير المنظمة، ذلك أنّ التقييمات الأولية، لآثار الجائحة كشفت أنّ النساء هنّ أكثر الفئات عرضة للهشاشة ولفقدان الأعمال. كذلك، ذكرت الوزارة أنّها تعمل على تمكين النساء من الحصول على فرص العمل، أو التحفيز لإطلاق المشاريع الخاصة.

المساهمون