تونس: صانعات خبز ومعجّنات في مواجهة نقص الدقيق والملاحقات القضائية

تونس: صانعات خبز ومعجّنات في مواجهة نقص الدقيق والملاحقات القضائية

18 مارس 2022
النقص في المواد الأولية يقيّد هذه الصناعة المنزلية في تونس (العربي الجديد)
+ الخط -

 

تحيل أزمة الدقيق في تونس صانعات المعجّنات إلى البطالة القسرية بسبب نقص كبير في المواد الغذائية الأولية ومخاوف من ملاحقات قضائية في حال الحصول على كميات من دون فواتير قانونية. وتوفّر صناعة المعجّنات، وهي أصناف من خبز "الملاوي" و"الطابونة" وكذلك "النواصر" و"الحلالم" و"الملسوقة"، مورد رزق ثابتاً لآلاف التونسيات اللواتي يشتغلنَ من بيوتهنّ أو في محلات صغيرة تؤمّن الخبز التقليدي وغيره من منتجات يُقبل عليها التونسيون بكثافة.

ولا يخلو حيّ في تونس من محلّ لبيع أرغفة الملاوي أو خبز الطابونة اللذَين يُحضَّران في أفران تقليدية ويُعَدّان من أشهى أنواع الخبز القديم الذي يَحضر على موائد التونسيين أو يُستخدمان في صناعة الأكلات السريعة. كذلك تصنع النساء في بيوتهنّ أصنافاً من المعجّنات، من بينها "النواصر" و"الحلالم" وأوراق الملسوقة التي يزيد الاقبال عليها في رمضان، غير أنّ النقص في المواد الأولية صار يقيّد هذه الصناعة المنزلية ويؤثّر على مداخيل الأسر التي تعتاش منها.

وتعرف أسواق تونس نقصاً في تموين الدقيق فيما يعيد الخطاب الرسمي هذا النقص إلى الاحتكار والمضاربة، الأمر الذي استدعى تدخّلاً مكثّفاً لفرق المراقبة التي شنّت حملات مداهمة على مخازن تجّار الجملة وكذلك محلات صنع المعجّنات التي تديرها عموماً نساء ينتمينَ من ذوات الدخل المحدود.

الصورة
نساء تونسيات وخبز في تونس 2 (العربي الجديد)
لا تخفي التونسيات قلقهنّ من الملاحقات القضائية العشوائية (العربي الجديد)

نعيمة العوادي (67 عاماً) من هؤلاء السناء، وهي تعمل "منذ سنوات طويلة في صنع أصناف عديدة من الخبز التقليدي وكذلك معجّنات تقليدية، ولها زبائنها كما تزوّد بعض محلات المواد الغذائية بمنتجاتها"، مؤكدة أنّ "هذه الصناعة التي ورثتها عن والدتي توفّر لي مكسباً محترماً". وتخبر نعيمة "العربي الجديد": "كنت أتزوّد بمادة الدقيق من تاجر تجزئة في الحيّ حيث أقطن، من دون الحصول على فواتير شراء. كذلك كنت أوفّر في الغالب مخزوناً من الدقيق لا يقلّ عن 100 كيلوغرام حتى أضمن استمرارية العمل لمدّة لا تقلّ عن أسبوع".

لكنّ الوضع تغيّر بالنسبة إلى المرأة الستينية التي قلّصت نشاطها بأكثر من 50 في المائة، "فصرت بالتالي غير قادرة على تلبية طلبيات زبائني، خصوصاً في هذه الفترة التي تتزامن مع الاستعداد لشهر رمضان والتي يزيد فيها الإقبال على المعجّنات التقليدية". ولا تخفي نعيمة أنّها "في رحلة بحث مستمرة عن الدقيق الذي شحّ جداً لدى تجار التجزئة"، لافتة إلى أنّها تبذل مجهوداً كبيراً لجمع الكميات التي تحتاجها من التجار الذين يقيّدون الشراء بكميات لا تتجاوز كيلوغرامَين لكلّ شارٍ.

ولا يختلف وضع نعيمة العوادي عن تونسيات كثيرات يشتغلنَ في صناعة الخبز التقليدي والمعجّنات، ويزداد قلقهنّ من تواصل نقص المواد الأولية من دقيق وزيت مع اقتراب شهر رمضان الذي يزيد فيه الطلب على منتجاتهنّ. كذلك لا تخفي النساء قلقهنّ من الملاحقات القضائية العشوائية وحجز سلعهنّ في إطار حملات تعقّب محتكري الدقيق.

تجدر الإشارة إلى أنّ القضاء التونسي أصدر أخيراً حكماً بغرامة مالية بقيمة 60 ديناراً تونسياً (نحو 20 دولاراً أميركياً) بحقّ امرأة تونسية تصنع الخبز التقليدي، علماً أنّها تواجه منذ عام 2018 تهمة استخدام دقيق مدعوم حصلت عليه من دون فاتورة شراء قانونية. والنساء يعملنَ في قطاع صناعة المعجّنات التي تُعَد من "مهن الهامش" والتي توفّر قوتاً يومياً للأسر، وتُموَّل مشاريعهنّ في العادة من خلال قروض صغرى من مؤسسات القرض الصغير أو بواسطة جمعيات تساعدهنّ على الاندماج الاقتصادي.

المساهمون