تونس: حراسة القوارب مفتاح رزق الصيادين

تونس: حراسة القوارب مفتاح رزق الصيادين

03 ابريل 2022
فقد صيادون تونسيون كُثر قواربهم بسبب السرقات (العربي الجديد)
+ الخط -

يعمل عبد الناصر الكريفي (38 عاماً) منذ عشر سنوات على قارب صغير لصيد السمك مستخدماً أدوات بسيطة تتألف من شباك صغيرة وسنّارة وجرّار أحياناً. لا يملك زورقاً كبيراً ولا معدات متطورة لصيد كميات كبيرة من السمك، وقاربه صغير يتسع لعشرة أشخاص فقط. تبدأ رحلة صيده عند الخامسة صباحاً حتى الساعة العاشرة، ويعود ببعض الأسماك التي يبيعها إلى تجار السمك في سوق مدينة منستير التونسية

قضايا وناس
التحديثات الحية

امتلك عبد الناصر في السابق قارباً جهّزه بمحرك يسمح بدخوله كيلومترات في عرض البحر، لكنّه سرق منه قبل سنتين فاضطر إلى اقتناء قارب صغير من دون محرّك. يقول لـ"العربي الجديد": "سرق عناصر في شبكات الهجرة السرّية إلى أوروبا قاربي، وهو ما حصل لبحارة آخرين. كلّ من يملك قارباً مزوداً بمحرّك يخشى سرقته، لكنّه لا يملك إلا خيار حراسته ليلاً من أجل منع سرقته، من هنا بادر بحّارة إلى تنظيم عمليات حراسة دورية رغم البرد وسوء الأحوال الجوية، فهم مضطرون لحماية مصادر رزقهم، لكن رغم ذلك تنفذ سرقات حين يتغافلون عن حراسة القوارب، ومنفذوها لا يمكن كشفهم بسهولة، علماً أن بعض القوارب المسروقة قد تنقل مباشرة إلى إيطاليا". 

ويشير إلى أنّ "الشكاوى لم تنفع في استرجاع القوارب المسروقة، علماً أن غالبية هذه القوارب تغرق ولا تصمد في عرض البحر، ويُفقد المهاجرون على متنها".
ويختار منظمو رحلات الهجرة السرّية القوارب المزوّدة بمحركات بسبب سهولة قيادتها وإمكان إيصالها بسرعة إلى الضفة الأوروبية، بعكس القوارب الأخرى التي تشق طريقها في البحر باستخدام مجاديف، وتحتاج إلى وقت طويل للعبور.  

الصورة
لا تكشف السلطات بسهولة سارقي القوارب (العربي الجديد)
لا تكشف السلطات بسهولة سارقي القوارب (العربي الجديد)

يقول البحار في مدينة بنزرت محمد عبد الله (45 عاماً) لـ"العربي الجديد": "أزيل محرّك قاربي يومياً بعد انتهاء عملية الصيد، وأنقله إلى البيت، ثم أعيد تركيبه حين أبدأ رحلة الصيد في الصباح. إنه أمر متعب، لكنّه ضروري لتجنب عمليات سرقة القوارب التي تتكرر، خصوصاً تلك المزوّدة بمحركات، وسبق أن سرق قاربي قبل أربع سنوات، قبل أن تجده قوات الحرس البحري لدى تصديهم لعملية هجرة سرّية انطلقت من أحد سواحل المنطقة". 
يضيف: "شكل بحارة في المنطقة مجموعات لحراسة مراكبهم ليلاً، خاصة خلال الصيف الذي يشهد عمليات هجرة سرّية كثيفة مع تحسن الأحوال الجوية، وهدوء البحر. كما يختار المهاجرون الأوقات التي يسطع فيها ضوء القمر كي يضيء مسارهم في الليل".
من جهته، يشير بحار آخر يدعى عيسى حيوني إلى أنّ "بعض المهاجرين يختارون أحياناً إطلاق رحلات خلال الأحوال الجوية السيئة رغم أن خطر الموت كبير في عرض البحر من أجل الهروب من دوريات الحرس البحري. وأحياناً يعمل البحارة في النهار ويحرسون قواربهم ليلا خشية سرقتها. وهم يضطرون أحياناً إلى تشغيل شبان لحراسة قواربنا في ميناء بنزرت القديم". 

الصورة
شبكات الهجرة السرّية وراء السرقات (العربي الجديد)
شبكات الهجرة السرّية وراء السرقات (العربي الجديد)

ويوضح رضا، أحد معاوني الحرس البحري لـ"العربي الجديد": "يشتري بعض منظمي الرحلات السرّية قوارب من بحارة. لكن تفادي أي شبهات قد تطاول أي شخص يقتني قارباًـ خصوصاً إذا كان غير بحار، يدفعهم إلى سرقة القوارب، خاصة خلال الليل والانطلاق بها مباشرة في رحلات هجرة سرّية. وقد يستطيع البحارة استرجاع بعض القوارب من خلال إحباط قوات الحرس البحري عمليات للهجرة السرّية، لكن هذه القوارب تغرق غالباً، وتفقد بمن على متنها". 
وارتفع عدد عمليات الهجرة غير النظامية في شكل كبير خلال السنوات الأخيرة. وسجل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تقريره السنوي حول الهجرة السرّية لعام 2021، وصول أكثر من 15671 مهاجراً سرّياً تونسياً إلى سواحل إيطاليا، ومنع أكثر من 25 ألف مهاجر من الوصول إلى هذه السواحل انطلاقاً من تونس.

وأفاد تقرير أصدره المنتدى بأن أكثر من 6800 قاصر وصلوا إلى سواحل إيطاليا في السنوات الخمس الأخيرة، بينهم 5500 دون مرافقين، وأن أكثر من 450 سقطوا أو اعتبروا مفقودين على سواحل تونس، في حين وصل حوالي 870 مهاجراً سرّياً تونسياً إلى السواحل الإيطالية، ومنعت السلطات التونسية وصول أكثر من 2722 مهاجراً سرّياً تونسياً إلى الوجهة ذاتها.
وكان التقرير السنوي للمنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية حول الهجرة السرّية لعام 2020، كشف ارتفاع عدد المهاجرين السرّيين وصولاً إلى 12,700. 

المساهمون