تونس: جمعيات مدنية تحل نفسها وسط تراجع العمل الأهلي

18 فبراير 2025
مواطن يحمل علم بلاده في تظاهرة بتونس، في 4 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بعد ثورة يناير 2011، شهدت تونس زيادة كبيرة في عدد الجمعيات الأهلية، حيث تم إنشاء أكثر من 25 ألف جمعية. ومع ذلك، تواجه هذه الجمعيات تحديات كبيرة، مثل القلق من الملاحقات القضائية والخوف من وصم العمل المدني بالعمالة، مما أدى إلى طلب 481 جمعية حلّها تلقائياً حتى نوفمبر 2024.

- إغلاق الجمعيات يُعتبر خسارة لهياكل إسناد مهمة للدولة، حيث كانت تقدم خدمات متنوعة وتكشف عن قضايا فساد. ومع تراجع عدد الجمعيات، لن تتمكن الدولة من تعويض هذه الخسارة بسبب قلة الإمكانيات الحكومية.

- رغم وجود أكثر من 25 ألف جمعية، إلا أن الفاعلة منها تُقدر بنحو 8 آلاف فقط، وهو عدد ضعيف مقارنة بدول الجوار. تتركز معظم الجمعيات في العاصمة، مع تراجع النشاط الحقوقي إلى 2% فقط، مما يعكس وضعاً سلبياً للمجتمع المدني في تونس.

اختارت جمعيات مدنية في تونس التوقف عن ممارسة أنشطتها وأدوارها، بعد أن شهدت البلاد على مدار السنوات التي تلت ثورة يناير/ كانون الثاني، طفرة في نشاط المجتمع الأهلي نتج عنها إنشاء أكثر من 25 ألف جمعية في اختصاصات مختلفة. لكن حالة من الفتور باتت تسيطر على عملها، إذ كشفت الإدارة العامة للجمعيات والأحزاب السياسية برئاسة الحكومة، أن 481 جمعية طلبت حلّها تلقائيا وذلك إلى غاية تاريخ 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وذكرت الإدارة العامة للجمعيات والأحزاب في آخر تحيين لوضع الجمعيات نشرته قبل يومين، أن المنظمات المدنية التي تقدمت بطلبات للحل التلقائي تنشط في عدة مجالات بكافة محافظات البلاد. ولم تذكر الإدارة دواعي وأسباب تقدم أكثر من 480 جمعية بطلبات لإنهاء نشاطها بشكل قانوني، غير أن الناشط المدني ورئيس مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية أمين غالي اعتبر أن" حالة القلق التي باتت تطبق على المنظمات المدنية والخوف من الملاحقات القضائية، هي السبب الرئيسي وراء الإغلاق المكثف للجمعيات". وقال غالي لـ"العربي الجديد" إن "الملاحقات القضائية وسجن مشرفين على جمعيات مدنية خلق حالة من الخوف لدى مسيّري المجتمع الأهلي وهو ما نتج عنه قرارات بالانسحاب النهائي من العمل المدني".

وتابع: "هناك العديد من النشطاء المدنيين في السجون حاليا وتمت شيطنة العمل المدني ووصمه بالعمالة وتلقي التمويلات الأجنبية دون تقديم المؤيدات الكافية لإثبات ذلك" بحسب قوله. وأفاد بأن "غلق الجمعيات سينتج عنه خسارة لهياكل إسناد مهمة لعمل الدولة"، مؤكدا أن "المجتمع المدني كان له دور فعال في تقديم خدمات متنوعة للمواطنين، فضلا عن الدور الذي لعبه في الكشف عن قضايا فساد". وأشار في سياق متصل إلى أن "الدولة لن تحل محل هذه الجمعيات، وهو ما سيؤدي إلى تراجع الخدمات العامة نظرا لقلة الإمكانيات الحكومية ومحاصرة العمل الأهلي" .

وتنشط المنظمات المدنية في تونس استنادا إلى أحكام القانون المؤرخ في 24 سبتمبر/أيلول 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات. وتوجب بنود هذا القانون على الجمعيات نشر المساعدات والتبرعات والهبات الأجنبية التي تتلقاها، وذكر مصدرها وقيمتها وموضوعها بإحدى وسائل الإعلام المكتوبة في ظرف شهر.

ووفقا لبيانات صادرة عن هيئة الرقابة الإدارية والمالية، لم تلتزم أكثر من 500 جمعية، من بين 1005 جمعيات معنية بالانتفاع بالتمويل الأجنبي، بالإجراءات القانونية المنصوص عليها، رغم تلقيها تنبيهات بهذا الشأن.

ويقول أمين غالي إن "جزءا كبيرا من الجمعيات التي أنشئت في تونس منذ عام 2011 لم تعد ناشطة فعليا، وهي جمعيات نائمة"، مقدرا عدد الجمعيات الفاعلة بنحو 8 آلاف من أصل 25 ألف جمعية أحصتها الإدارة العامة للجمعيات. وأشار رئيس مركز الكواكبي إلى أن عدد الجمعيات في تونس يُعتبر ضعيفا مقارنة بالعديد من دول الجوار والمنطقة المتوسطية التي يصل فيها العدد لجمعية لكل 230 مواطنا على غرار المغرب أو جمعية لكل 280 في فرنسا. في المقابل أكد المتحدث أن "هذا العدد لا يتعدى جمعية لكل 2000 مواطن في تونس باحتساب الجمعيات الناشطة فعليا"، معتبرا أن "تراجع عددها مؤشر سلبي" .

ويضم نسيج الجمعيات في تونس ما يزيد عن 25 ألف جمعية، وفق آخر الأرقام المحيّنة الصادرة عن رئاسة الحكومة، وتتركز معظمها في تونس العاصمة، وتنشط أكثر من 20% منها في المجال الثقافي والفني، ونحو 11% منها في المجال الخيري والاجتماعي، فيما تتخذ من المجال الحقوقي مجالاً لنشاطها قرابة 2% فقط من الجمعيات الناشطة.

المساهمون