استمع إلى الملخص
- يثير المشروع جدلاً بين الناشطين الحقوقيين الذين يعتبرونه مخالفاً للاتفاقيات الدولية، ويشددون على ضرورة العودة الطوعية، بينما تنتقد المنظمات المدنية الترحيل القسري من بعض الدول الأوروبية.
- تشير البيانات إلى وجود أكثر من 20 ألف مهاجر غير نظامي في تونس، مع تراجع تدفقهم بسبب الظروف القاسية، مما يدفعهم للعودة الطوعية بتمويل أوروبي.
يحاول نواب في البرلمان التونسي توسيع النقاشات بشأن مقترح قانون يجيز ترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية، وذلك بعد أن نجحت السلطات في ترحيل ما يزيد عن سبعة آلاف مهاجر "طوعياً" في العام الماضي، فيما نبّه ناشطون محليون من مخاطر خرق المعاهدات الدولية للهجرة التي تلتزم بها البلاد. وأحال مكتب البرلمان على أكاديمية مجلس نواب الشعب مقترح قانون أساسي تقدّمت به مجموعة برلمانية، يهدف إلى وضع حدّ لظاهرة الهجرة غير النظامية عبر آلية الترحيل من أجل توسيع الحوار بشأن إمكانيات تطبيقه.
ويقترح مشروع القانون تنظيم عملية ترحيل المهاجرين بطريقة قانونية، مع احترام حقوق الإنسان والالتزام بمعايير المعاهدات الدولية وتوفير بيئة آمنة ومنظمة للأشخاص الذين خاضوا رحلات هجرة غير نظامية. ويُعَدّ الترحيل، بحسب بنود القانون، إجراءً قانونياً يمكن للسلطات التونسية اتّخاذه بحق شخص أو مجموعة أشخاص فيقضي بترحيلهم من الدولة المعنيّة إلى بلدانهم الأصلية استناداً إلى عدم توفّر الشروط القانونية للإقامة النظامية.
في المقابل، يضمن مشروع القانون منع ترحيل المهاجر غير النظامي في حال توفُّر أسباب وجيهة للاعتقاد بأنّه يواجه خطر التعرّض لانتهاك حقوقه الأساسية أو تعرّضه للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كذلك يجيز مشروع القانون للمهاجر تقديم طعن في قرار الترحيل أمام المحكمة الإدارية مع تقديم الإثباتات اللازمة التي تدعم الطعن. وتحاول سلطات تونس إيجاد حلول لأزمة المهاجرين غير النظاميين الذين يتجمّعون في مناطق عديدة من البلاد، وتفعيل الآليات الممكنة للعودة الطوعية التي تنفّذها بالتعاون مع منظمات وهيئات دولية.
وأعلنت السلطات التونسية، أمس الأربعاء، أنّ تعاونها مع المنظمات الدولية والوكالات التابعة للأمم المتحدة، ولا سيّما المنظمة الدولية للهجرة، أدّى إلى عودة 7.250 مهاجراً غير نظامي إلى بلدانهم طوعاً في عام 2024. جاء ذلك في بيانات كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد بن عياد، عُرضت أمام مجلس نواب الشعب.
ويرى رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان مصطفى عبد الكبير أنّ "بنود مشروع القانون تخالف كلّ الاتفاقيات الدولية التي وقّعتها تونس بشأن المهاجرين"، لافتاً إلى أنّ "كلمة الترحيل في حدّ ذاتها تتعارض مع القانون التونسي". يضيف عبد الكبير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ البرلمان "حاول إيجاد تخريجة لمناقشة مشروع القانون من دون تبنّيه عبر إحالته إلى الأكاديمية التابعة لمجلس نواب الشعب"، مشيراً إلى أنّ "تبنّي البرلمان هذا القانون يعني تبنّيه كذلك من قبل السلطات التونسية".
ويوضح عبد الكبير أنّ "ترحيل المهاجرين لا يمكن أن يجري إلا عبر العودة الطوعية، حتى وإن كانوا في وضع إقامة غير نظامية على التراب التونسي استناداً إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة التونسية وتلتزم بها". ويتابع أنّ "المنظمات المدنية التونسية تنتقد ما تمارسه السلطات الإيطالية من ترحيل قسري للمهاجرين التونسيين، وتتبنّى الموقف ذاته في ما يخصّ المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء لتعارضه مع حقوق البشر في التنقّل". ويبيّن عبد الكبير أنّ "مكتب البرلمان اختار تأجيل مناقشة المشروع في أكاديميته، من أجل تجنّب الوقوع في مطبّات توحي بتبنّيه مشروع قانون يخالف المعاهدات الدولية".
في سياق متصل، يقول المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر لـ"العربي الجديد" إنّ "تونس تمارس فعلاً ترحيلاً قسرياً للمهاجرين تحت غطاء أوروبي". ويوضح أنّ "وضع المهاجرين في ظروف قاسية يجبرهم على قبول العودة الطوعية التي تنفّذها المنظمة الدولية للهجرة بتمويلٍ من الاتحاد الأوروبي". ويرى أنّ "مشروع القانون يأتي في إطار الحلول الشعبوية لأزمة المهاجرين".
وتفيد بيانات كشفت عنها التفقدية العامة للحرس الوطني في تونس، استناداً إلى إحصاءات منظمة الهجرة الدولية، بوجود أكثر من 20 ألف مھاجر غير نظامي في جھة العامرة بمحافظة صفاقس، في نهاية عام 2024. تضيف البيانات أنّ المهاجرين يتحدّرون من 22 دولة أفريقية، وأنّ تدفّقهم إلى الأراضي التونسية تراجع في العام الماضي بنسبة 64%، كذلك انخفض معدّل وصولهم إلى تونس عبر المسالك البرية الحدودية بنسبة 84%.