تونس: النقل المدرسي في الريف "متوفر مشياً"

تونس: النقل المدرسي في الريف "متوفر مشياً"

26 أكتوبر 2021
في الطريق إلى المدرسة (العربي الجديد)
+ الخط -

يقطع التلميذ في الصف الرابع محمد أمين نحو أربعة كيلومترات مشياً على الأقدام يومياً للذهاب إلى مدرسته والعودة منها في منطقة ريف جندوبة، بسبب عدم توفر النقل المدرسي في المنطقة على غرار مناطق ريفية عدة. 
يقول رابح والد التلميذ: "الأمر عادي في عدة مناطق ريفية بتونس. السير على الأقدام أكثر من ثلاثة كيلومترات للوصول إلى قاعات الدرس أمر مألوف بالنسبة إلى تلاميذ الأرياف المحرومين من النقل المدرسي بسبب الطرق التي تحتوي على تضاريس صعبة، وبسبب قلة عدد التلاميذ وسكنهم في أماكن متفرقة لا تصل إليها الباصات. لكن ذلك لا يمنع مواصلة تلاميذ الأرياف رحلتهم الشاقة، خصوصاً في فصل الشتاء، من أجل الوصول إلى مقاعد الدراسة".  
وشهدت الأسابيع القليلة الأخيرة التي تلت انطلاق العام الدراسي تنظيم أهالٍ في مناطق ريفية احتجاجات للمطالبة بتوفير النقل المدرسي، وبينهم في الرمضانية بمحافظة القيروان حيث أغلقوا الطريق. ويشتكي هؤلاء أيضاً من أن أصحاب النقل الريفي يرفضون نقل الأبناء إلى المدارس والمعاهد بسبب عدم دفع مستحقاتهم المالية الخاصة بالعام الدراسي السابق، ما يدفعهم إلى المطالبة بعدم اللجوء إلى حلول ترقيع تلحظ تكليف النقل الخاص إيصال الأبناء، وتوفير باصات مدرسية مخصصة لنقل التلاميذ دون سواهم، تعمل طوال اليوم. 

احتجاجات متكررة
وتحتضن محافظات القيروان وجندوبة وسليانة والقصرين في الجنوب غالبية المناطق الريفية التي يغيب فيها النقل المدرسي. وتتكرر احتجاجات الأهالي سنوياً، لكن المشكلة ما زالت مستمرة، ما يجعلهم لا يأملون بمعالجتها عبر توفير نقل مدرسي خاص بأبنائهم، وهو ما يزيده إدراكهم صعوبة عبور الطرق الجبلية الوعرة وغير المعبّدة.  
وهكذا يضطر العديد من أولياء التلاميذ في المناطق الريفية إلى نقل أبنائهم على الدواب بسبب بعد المدارس عن المنازل، ويواجهون خطر التنقل في الظروف المناخية الصعبة وعقبات الطرق الوعرة التي لا يستطيع الأبناء أن يسلكوها. وقد شهدت المناطق الريفية في السنوات الأخيرة وفاة تلاميذ بسبب السقوط في أودية خلال رحلتي الذهاب إلى المدرسة والعودة منها. 
واللافت أن مشكلة عدم توفر النقل المدرسي لا تقتصر على المناطق الريفية النائية، إذ يشتكي سكان قرى ومدن صغيرة من ظروف انتقال أبنائهم إلى المدارس والمعاهد البعيدة، خصوصاً تلك الجديدة التي تشيّد على أطراف مدن وقرى.

باص واحد
ورغم أن العام الدراسي الحالي انطلق وسط معاناة مؤسسات التعليم من نواقص في الصيانة والتجهيزات ومن افتقار للمياه الصالحة للشرب، والنقص في عدد المعلمين، واصل الأهالي في بعض المناطق تحركاتهم للاحتجاج على عدم توفر وسائل نقل لأبنائهم. واشتكى بعضهم من غياب الخطوط الكافية لتغطية شبكة المؤسّسات التربوية في غالبية المناطق، وحصول اضطراب مستمر في مواعيد رحلات الباصات، ما يجعل تلاميذ كُثرا يتخلفون عن حضور الحصص الصباحية الأولى. 

الصورة
التخلف مرجح عن الحصص الصباحية (العربي الجديد)
التخلف مرجح عن الحصص الصباحية (العربي الجديد)

وقد وجّه أهالي منطقة بازمة في ولاية قبلي نداءات متكررة للمطالبة بتوفير وسائل نقل كافية لتلاميذ المنطقة، خصوصاً أن باصاً واحداً فقط يؤمن الرحلات المدرسية. كما طالب عدد من أهالي منطقة أولاد مبروك بمحافظة صفاقس بتوفير النقل المدرسي وإيجاد حلّ لتأخر الباصات في الصباح، مؤكدين ضرورة توفير أكبر عدد من الرحلات لتسهيل نقل التلاميذ بحسب موعد التحاقهم بمقاعد الدراسة.

انتظار طويل
ويشير عبد الرحمان، أحد أهالي منطقة الجهة لـ"العربي الجديد"، إلى أن تلاميذ كُثراً يضطرون إلى البقاء أمام المعاهد والمدارس حتى موعد الرحلة المسائية الأخيرة في الساعة السادسة مساء لنقلهم إلى منازلهم، بغض النظر عن ساعة انتهاء دروسهم، ما يجبر عدداً منهم على البقاء ساعات طويلة تفوق الثلاث أحياناً أمام المعهد في انتظار قدوم الباص، بعد خفض عدد الرحلات اليومية ذهاباً وإياباً. وقد يعرّض ذلك حياة تلاميذ إلى خطر بسبب انتظارهم في الشارع لوقت طويل. 

ومعلوم أن وزارة التربية لا توفر النقل المدرسي للتلاميذ في كل المناطق، ما يحتم استخدام التلاميذ وسائل النقل العمومي، ما يؤرق التلاميذ والمواطنين معاً، إذ يتذمر التلميذ من تأخر الباصات عن مواعيدها، ما يؤدي إلى غيابهم عن بعض الفصول، في حين يشتكي المواطنون من اكتظاظ النقل العمومي.
وتؤكد وزارة التربية أنّ أزمة النقل المدرسي قديمة وعميقة في بعض المناطق، خصوصاً تلك النائية، وتشدد على محاولتها حل مشاكل النقل بالتعاون مع كل الفاعلين في القطاع التربوي، وبالتنسيق خصوصاً مع إدارات التربية في كل المحافظات. 

المساهمون