تونس: أمل تشريعي للعمالة المنزلية

تونس: أمل تشريعي للعمالة المنزلية

06 يوليو 2021
عاملو القطاعات الهشة بحاجة إلى قوانين تحميهم (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

 

أقرّ البرلمان التونسي في 30 يونيو/ حزيران الماضي قانوناً جديداً لتنظيم العمل المنزلي يهدف إلى ضمان حقوق العمل اللائق للعاملات والعاملين (معظمهم نساء)، وحمايتهم من الاستغلال والتمييز والمعاملة غير الإنسانية. لكنّ كثيرين يتخوفون من أن تظل بنوده حبراً على ورق.

في هذا الإطار، علّقت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة في تونس إيمان هويمل على مصادقة البرلمان على القانون، في الجلسة التي شهدت فوضى وعنفاً، بالقول: "جرى تمرير القانون في ظروف استثنائية وصعبة، لكنّ الأهم أنّه مكسب لتونس لأنّه ينسجم مع الحقوق الدستورية والمواثيق والمعاهدات الدولية، لذا سيقدم بالتأكيد ضمانات عدة تصب في مصلحة العاملات والعاملين في المنازل الذين يعتبرون من الفئات الاجتماعية الهشة، وتوفر الحماية القانونية والاجتماعية لهم، وتحقق المساواة مع العاملين في القطاع العام، خصوصاً في ما يتعلق بالمرأة الحامل، وحالات ما بعد الولادة". 

تحدد وزارة المرأة والأسرة عدد عاملات المنازل بـ 40 ألفاً، في حين تقول منظمات نسائية حقوقية إنّ عددهن الحقيقي يتجاوز هذا الرقم بكثير، باعتبارهن لا يعملن في قطاع منظم. وتوضح نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (غير حكومية) أميمة جبنون لـ"العربي الجديد" أنّ "تطوير الإطار التشريعي وتعزيزه لحماية العاملين في المنازل يعد مكسباً وخطوة إيجابية رغم النواقص التي يتضمنها القانون الجديد في صيغته النهائية، ونرى أنّ القوانين المكرسة لحمايتهم وضمان حقوقهم مهمة جداً، وننتظر بذل السلطة التنفيذية الجهود المناسبة لتفعيلها وتطبيقها، وتولي السلطات الرقابية مهمات الإشراف عليها ومتابعتها". تضيف: "لا شك في أنّ بنود القانون تحتاج إلى متابعة قضائية صارمة لحماية الضحايا، وتطبيقها على الجميع بلا تمييز، وكذلك من هيئات العمل الرقابي ومسؤولي وزارة الشؤون الاجتماعية ومن المجتمع المدني أيضاً. والقوانين التي لا تطبق وتبقى حبراً على ورق لا فائدة منها".

واللافت أنّ تونس سجلت خروقات عدة تتعلق بتشغيل قصّر، واستغلال عاملات منزليات، وتوجيه إهانات لهن، وصولاً إلى حدّ المتاجرة بأشخاص وبيع قاصرات من عائلات فقيرة جلبهن وسطاء من مناطق داخلية وقرى نائية للعمل في أحياء راقية بالعاصمة والمدن الكبرى. وترافق ذلك مع سلسلة حوادث مروعة بينها وفيات وإهانات واستغلال تعرض لها عمال وعاملات منزليون، من دول أفريقيا جنوب الصحراء، يتواجدون في البلاد كمهاجرين سريين. 

وطالبت جمعية النساء الديمقراطيات (غير حكومية) بحماية المهاجرين العاملين في البيوت التونسية من الانتهاكات الإنسانية التي طاولت عدداً كبيراً منهم. وتحدثت عن تعرضهم لاستغلال اقتصادي وعنف ومسّ بكرامتهم، إلى جانب حجز وثائقهم من أجل السماح لهم بالعمل في البيوت. وكشف استطلاع للرأي أجرته الجمعية على 102 عاملة منزل في إقليم العاصمة الكبرى، الذي يضم محافظات تونس وأريانة ومنوبة وبن عروس، غياب ظروف العمل اللائق في هذا القطاع الهش، إذ تعمل نسبة 97 في المائة من عاملات المنازل بلا عقود، وبلا نظام رعاية اجتماعية أو تأمين، ما يثبت عجز القانون الصادر عام 2002 عن ضمان هذه الحقوق لعاملات المنازل. وأظهر الاستطلاع أيضاً أنّ معظم عاملات المنازل لا يتمتعن بعطلة أسبوعية أو عطلة سنوية مدفوعة الأجر، ما يجعلهن غالباً يعملن أكثر من طاقتهن من أجل تحصيل مبلغ يكفي لتأمين مستلزمات العيش ونفقات أسرهن.

الصورة
مهمات شاقة لعاملات المنزل (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
مهمات شاقة لعاملات المنازل (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

كما أشار الاستطلاع إلى أنّ مستوى الأجور بنظام التأجير الشهري لدى 40 في المائة من عاملات المنزل لا يتجاوز 150 دولاراً أميركياً، أي أقلّ من الحد الأدنى للأجور في تونس (200 دولار). أما بالنسبة إلى نظام الأجر اليومي فيتراوح بين 7 و10 دولارات في أكثر من نصف الحالات. وأورد الاستطلاع أيضاً أنّ نحو ثلث النساء العاملات في المنازل بدأن العمل قبل بلوغهن 16 عاماً، وأنّ نسبة 10 في المائة منهن بدأن العمل قبل بلوغهن عشرة أعوام. 

يهدف القانون الجديد الذي أقرّه البرلمان إلى تنظيم علاقة العمل بين أصحاب البيوت والعمال، سواء كانوا من عاملات المنازل أو السائقين المنزليين أو البستانيين. ويضمن توفير رقابة الأجهزة الرسمية على الأعمال، وآليات التدقيق للاطلاع على درجة الحفاظ على كرامة العمال، ومدى احترام حقوقهم المهنية وكراماتهم الإنسانية. ويمنع القانون تشغيل الأطفال في المنازل، أو التوسّط في تشغيلهم. ويعاقب كلّ من يرتكب هذا الفعل بالسجن وبدفع غرامات مالية باعتباره اتجاراً بالبشر. كما يحظر القانون استغلال أصحاب العمل للأجراء وسوء معاملتهم، ويعاقب كلّ من يحجز وثائق هوية للعاملين المنزليين لأيّ سبب. 

المرأة
التحديثات الحية

ويحدد القانون عدد ساعات العمل الأسبوعية بـ 48، مع إمكانية العمل ساعات إضافية شرط ألّا يتجاوز عددها العشر في اليوم الواحد. ويطلب منح يوم واحد راحة أسبوعية، مع فترة راحة سنوية لا تقلّ عن أسبوعين. كما يضمن حقوق العمال في إجازات المرض والحالات الاستثنائية. ويفرض القانون توفير ظروف عمل لائقة وأدوات العمل الضرورية للعامل المنزلي، وإقامته في مكان مناسب. ويحدد إطار مهمات مراقبي وزارة الشؤون الاجتماعية في تفقد سير العمل والتأكد من احترام شروط سلامة وحماية العاملين في المنازل، في حين يفرض بغرامة مالية تصل إلى ألف دينار (360 دولاراً) على كلّ من يعطل عملهم.

المساهمون