تهميش النخبة... معاناة حاملي شهادة الدكتوراه في تونس تتواصل

تهميش النخبة... معاناة حاملي شهادة الدكتوراه في تونس تتواصل

09 سبتمبر 2021
من المسيرة الاحتجاجية الأخيرة (العربي الجديد)
+ الخط -

يمضي الحاصلون على شهادات دكتوراه في تونس في نضالاتهم المستمرة، بحثاً عن فرصة عمل بعد سنوات طويلة من الدراسة. ويجدون أنفسهم من إضراب إلى آخر ومن اعتصام إلى آخر، من دون أن تتحقق مطالبهم. وتتواصل معاناتهم التي تترجم أوضاعاً اجتماعية واقتصادية صعبة في البلاد. وأمس الأربعاء، نفّذ الدكاترة الباحثون العاطلون من العمل مسيرة حاشدة في العاصمة، مطالبين بالتشغيل وبحقّهم في الانتداب.

وتقول عضو "اتحاد الدكاترة الباحثين المعطلين عن العمل" منال السالمي لـ"العربي الجديد" إنّ "المسيرة نُظّمت بالتزامن مع تواصل الاعتصام المفتوح الذي ينّفذه الدكاترة الباحثون المعطلون في وزارة التعليم العالي منذ أكثر من عام"، موضحة أنّ "رسالة الدكاترة اليوم هي مباشرة للرئيس (قيس سعيّد) الذي يتمتّع اليوم بكل الصلاحيات والذي كان قد زارهم سابقاً في اعتصامهم أمام وزارة التعليم العالي، أي عندما كانت صلاحياته محدودة ووعدهم بحلول مؤكداً أنّ ملفهم ذو أولوية، واليوم وجب تذكيره بذلك".

وتفيد السالمي بأنّ "عدد الدكاترة المشاركين تراوح بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف، وبالتالي يمكن للدولة انتدابهم، خصوصاً أنّ وزارات عديدة في حاجة ماسة اليوم إلى الكفاءات، فيما بعضها يتخبّط في مشاكلات إذ لا يضمّ كفاءات قادرة على تشخيص الوضع وتقديم الحلول وإعطاء القيمة المضافة المرجوّة". تضيف السالمي أنّ "جامعات عديدة تعتمد على طرق تشغيل هشة في مجال البحث العلمي، فثمّة ثلاثة آلاف عقد عمل هشّ (مؤقت مع مقابل زهيد) وتُرصد لها ميزانية في حين تغيب الانتدابات الثابتة وميزانيتها".

وتتابع أنّه "لا بدّ من حلّ لبطالة الدكاترة وأن يكونوا في كل الوزارات والقطاعات، علماً أنّه لم يتحقّق أيّ شيء لهم ولا نيّة لذلك، ورئاسة الحكومة سابقاً لم تتواصل معهم ولم تستجب إلى مطالبهم، وهم يأملون اليوم أن يتواصل معهم مستشارو رئاسة الجمهورية لإيجاد حلول عملية وجذرية لهذا الملف". وتشدد السالمي على أنّ "ما يحصل وصمة عار يجب أن تُمحى في أقرب الآجال، ومن غير المقبول أن تبقى كفاءات البلاد من دون أيّ اهتمام ولا يلتفت إليها أحد".

وترى السالمي أنّه "عندما تكون النخب والكفاءات مهدرة بهذه الطريقة، فلا يمكن الحديث عن سيادة وطنية ولا عن إصلاحات أو حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية. فالكفاءات الوطنية هي التي تحمي المكتسبات وتجسّد السيادة الوطنية بالاستثمار في البحث العلمي وتطوير المؤسسات. والاستثمار في الكفاءات هو الثروة الحقيقية لتونس، ولا بدّ لعلماء البلد أن يكونوا في كلّ القطاعات لا أن يُهمّشوا. ومن غير الممكن حلّ المشكلات من دون الاستثمار في العلم والبحوث".

وتؤكد السالمي أنّ "وصول الدكاترة إلى هذه المرتبة كان بعد تضحيات منهم ومن عائلاتهم. ووصولهم إلى هذه المرتبة العلمية لم يكن سهلاً، واليوم يعيشون ظروفاً صعبة فيما مستقبلهم غامض ويعانون من تجاهل من قبل الدولة التي حرمتهم حقّهم في العمل والحياة، فصاروا عاجزين عن الحلم والعيش وإسعاد أسرهم وأبنائهم. وقد وجد كثيرون منهم أنفسهم محطمين، ثمّ نتساءل عن تفكك المجتمع وأسباب الهجرة وارتفاع العنف".

المساهمون