تقديرات متباينة لتأثير كورونا على استهلاك الكحول في روسيا

تقديرات متباينة لتأثير كورونا على استهلاك الكحول في روسيا

26 مارس 2021
لم يتوقّف الروس عن شراء الكحول وسط الأزمة (كيريل كودريافتسيف/ فرانس برس)
+ الخط -

 

بعد أكثر من عام على بدء جائحة كورونا والإجراءات المفروضة في هذا السياق، ومنها العزل الذاتي، تتباين تقديرات الدراسات والخبراء في روسيا حول تأثير الأمر على تزايد معدلات استهلاك الكحول في البلاد، لا سيّما مع ملازمة السكان منازلهم لفترات طويلة.

أظهرت دراسة حديثة أعدّتها مجموعة من الأطباء أنّ معدل استهلاك الكحول ازداد بين ثلاثة في المائة من السكان في خلال فترة الحجر الصحي، فيما أشارت بيانات مركز بحوث أسواق الكحول الفدرالية والإقليمية إلى أنّ استهلاك الفودكا في روسيا ارتفع بنسبة اثنين في المائة في العام الماضي مقارنة بعام 2019، لتبلغ حصة الفرد من استهلاك هذا المشروب التقليدي الروسي 4.9 لترات.

وفي السنوات التي سبقت تفشي فيروس كورونا الجديد، شهدت روسيا تراجعاً كبيراً في استهلاك الكحول، ما أثار إشادة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية التي استشهدت أخيراً بأرقام بيّنت أنّ حصة الفرد في استهلاك الكحول في روسيا تراجعت من 15.8 لتراً من الكحول الصافي في عام 2008 إلى 9.7 لترات في عام 2017. مع ذلك، يقلل مدير مركز بحوث أسواق الكحول الفدرالية والإقليمية، فاديم دروبيز، من أهمية الدراسات التي تظهر زيادة أو تراجعاً في معدلات استهلاك الكحول، فهذا الاستهلاك بالنسبة إليه مستقر ولم يتأثر بأزمة كورونا. ويقول دروبيز في حديث لـ"العربي الجديد": "لم تؤدّ جائحة كورونا إلى تزايد استهلاك الكحول، بل تحوّل مكان التناول من الحانات والمطاعم المغلقة في الربع الثاني من العام الماضي إلى المنازل، ما أسفر عن ارتفاع المبيعات في متاجر التجزئة".

وحول عوامل أخرى قد تكون أدّت إلى ارتفاع استهلاك الكحول، يشرح دروبيز أنّ "نحو 30 مليوناً من الطبقة الوسطى كانوا يسافرون إلى الخارج مرة أو مرتين سنوياً وكانوا يزيدون استهلاكهم من الكحول أثناء العطل، ولكنّهم حُرموا من السفر أثناء الجائحة، فصار الاستهلاك الخارجي مسجلاً في داخل روسيا". يُذكر أنّ فنادق تركية ومصرية عديدة تعتمد نظام الإقامة الشاملة (أي الفطور والغداء والعشاء والمشروبات)، وبات السياح الروس معروفين فيها بكثرة تناولهم المشروبات الروحية.  وعن تأثير تراجع استهلاك الروس الكحول في خارج البلاد، يقول دروبيز إنّه "نتيجة لذلك، سجّلت الخمور والمشروبات الغالية مثل الويسكي والتيكيلا والروم زيادة أكبر في معدل الاستهلاك في داخل روسيا كونها مشروبات الطبقة الوسطى، فيما سجلت الفودكا زيادة أقل كونها مشروب الفقراء الذين لا يسافرون إلى الخارج أساساً. أمّا الجعة، فسجلت زيادة بنسبة 4.4 في المائة كونها مشروباً خفيفاً مناسباً للجميع".

كوفيد-19
التحديثات الحية

ورداً على سؤال حول دقة التقديرات بشأن التوجه نحو تراجع استهلاك الكحول في روسيا، يوضح دروبيز أنّ "معدل استهلاك الكحول في روسيا لا يزيد ولا يتراجع. وما يتغير هو هيكل هرم السكان في ظل تراجع نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 عاماً و30 في مقابل زيادة عدد المسنين فوق 60 عاماً، وهم الفئة الأقل استهلاكاً للكحول. فمن يفرط في تناول الكحول لا يعيش حتى هذا العمر في أغلب الأحيان. وللأسف، لا يبدو أنّ الشباب يسعون إلى اتباع نمط حياة صحي على الرغم من الدعاية له". ويخلص دروبيز إلى أنّه "لو شملت الدراسة السكان ما بين 18 عاماً و55، لظلّ معدل استهلاك الكحول ثابتاً من عام إلى آخر".

ويُعرَف الروس تاريخياً بإقبالهم على الكحول منذ قرون، ليتحوّل ذلك إلى جزء راسخ من ثقافة بلادهم وتاريخها. فهو حاضر دائماً في لقاءات الشباب واجتماعات الأسر. وخير شاهد على ذلك هو الكمّ الهائل من النكات الشعبية والأفلام الكوميدية التي يعيش أبطالها مغامرات طريفة على أثر تناولهم كميات كبيرة من المشروبات الروحية.

في سياق متصل، عُرِف الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين بإفراطه في تناول الكحول، ليظهر ذات مرّة في حالة سكر أمام الجمهور في ألمانيا في عام 1994، في حين يُظهر الرئيس الحالي فلاديمير بوتين نفسه كشخص يحافظ على لياقته البدنية ويتّبع نمط حياة صحياً، الأمر الذي زاد من شعبيته بين الروس.

كوفيد-19
التحديثات الحية

وتتّخذ السلطات الروسية مجموعة من الإجراءات للحدّ من إدمان الكحول، من قبيل حظر بيعه ليلاً وتغريم من يتناوله في الأماكن العامة ورفع الرسوم المفروضة على الشركات المنتجة للكحول. وكانت السلطات السوفييتية قد شنّت في السابق حملات عدّة لمكافحة الكحول، آخرها في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، وأتت ببعض النتائج الإيجابية. ولكنّها ألحقت كذلك ضرراً كبيراً بميزانية الدولة وخسائر فادحة بقطاع الصناعات الغذائية، وأسفرت عن ازدهار السوق السوداء للمنتجات الكحولية المغشوشة.