استمع إلى الملخص
- تعدد المناهج التعليمية في سوريا يمثل تحدياً كبيراً، حيث تختلف المناهج بين المناطق، مما يعيق توحيد الامتحانات وإصدار شهادة تعليمية موحدة، حيث تقوم كل مديرية تربية بإجراء اختبارات خاصة بها.
- أصدرت وزارة التربية خطوات لتحسين الخدمة التعليمية، مثل تسهيل نقل الطلاب وتسوية أوضاع العاملين، مع الحفاظ على مركزية الإدارة في دمشق، بهدف تحسين الأداء المؤسسي ومعالجة مشكلة الأمية.
تختلف المناهج التعليمية في سورية باختلاف المناطق الجغرافية، واستمر هذا التعدد حتى بعد سقوط نظام بشار الأسد، ما يستدعي إيجاد حلول مناسبة تضمن استمرار العملية التعليمية حتى نهاية العام الدراسي، مع الحفاظ على الاستقرار القائم. وفي هذا السياق، اتخذت وزارة التربية مؤخراً خطوة تهدف إلى تبسيط الإجراءات ومنح مديريات التربية صلاحيات أوسع، في إطار تعزيز اللامركزية الإدارية وتيسير تنفيذ العمليات المتكررة بما يتماشى مع خصوصية كل منطقة وظروفها.
وأكد المدرس مصطفى سميسم من ريف محافظة إدلب شمال سورية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن أهمية هذه القرارات تكمن في أنها جاءت استجابة لظرف يستدعيها، مشدداً على ضرورة المتابعة الميدانية بأسرع وقت ممكن. وأوضح أن الصلاحيات الجديدة التي منحها وزير التربية لمديريات التربية تتيح حل المشكلات داخل كل مديرية بشكل مباشر، حيث باتت صلاحيات المدير مماثلة لصلاحيات الوزير، ما يسرّع عملية المعالجة ويوفر حلولاً فورية.
وتابع سميسم: "في هذه المرحلة، من الطبيعي أن تكون لكل منطقة خصوصيتها ونهجها في العمل، خاصة أن المؤسسات التعليمية اعتادت على نمط محدد طوال سنوات، ومن الصعب فرض أساليب جديدة طُبّقت في مناطق تختلف عنها من حيث الظروف والإمكانات". وأضاف: "حالياً، الصلاحيات الواسعة التي منحها الوزير لمديريات التربية تتيح لها اتخاذ قرارات مستقلة دون الحاجة إلى الرجوع إلى الوزارة، وتنفيذ ما تراه مناسباً وفقاً لمتطلبات كل منطقة".
وأشار سميسم إلى التحديات التي يفرضها تعدد المناهج التعليمية حالياً في سورية، موضحاً أن هناك عدة مناهج معتمدة في مختلف المناطق، من بينها المنهج القديم (النظامي سابقاً)، والمنهج الحكومي المؤقت المعتمد في شمال غرب البلاد، ومنهج المجالس المحلية المعتمد في ريف حلب الشمالي، بالإضافة إلى منهج "الإدارة الذاتية" المعتمد في شمال شرق سورية. وقال: "نواجه تعددية في المناهج، وإذا أردنا إصدار شهادة تعليمية موحدة على مستوى سورية، نواجه إشكالية في توحيد الامتحانات، لأن كل مديرية تربية ستُجري اختبارات خاصة بها، وفق المنهج المعتمد في منطقتها".
وأصدرت وزارة التربية والتعليم في 5 مايو/ أيار الجاري، بياناً صحافياً، تضمن اتخاذ خطوات تضمن مرونة في إجراء المعاملات اليومية مثل نقل الطلاب والإعارة الداخلية والإجازة وتسوية أوضاع العاملين، وطلبات الندبة والاستقالة، وذلك ضمن نطاق محدد بما ينسجم مع الغاية. وذلك في إطار جملة من التفويضات الإدارية لتنظيم العمل التربوي وتحسين الخدمة العام، والالتزام بتطوير الأداء المؤسسي وتسيير الإجراءات الإدارية بما ينعكس إيجاباً مع التربية والتعليم. مع الإبقاء على مركزية الإدارة في العاصمة دمشق.
وقالت المدرسة خديجة عفش من ريف حلب الغربي لـ"العربي الجديد"، إن القرار جيد بالمجمل وهو مناسب في الوقت الحالي لأن المديريات على اطلاع أكبر بالواقع الجغرافي وما يلزم لخدمة التعليم وأي اعتراضات ستتم معالجتها بما يوافق ويخدم العملية التعليمية.
وبينت عفش أن سنوات النزوح خلفت جيلاً أمياً، يجب الاهتمام به، مؤكدة أيضاً أنه يتطلب العمل أيضاً على مشكلة محو الأمية وفق خطة عاجلة دون العودة إلى العاصمة. وقالت: "في الشعبة الواحدة نرى اختلافات كبيرة وفروقات واضحة، حتى أصبحنا بحاجة إلى تطوير المعلم والمعلومات".
بدوره، قال المدرس أنس العبدو، المنحدر من محافظة حمص، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن منح صلاحيات أوسع لمديريات التربية والمجمعات التربوية من شأنه التخفيف من الأعباء الملقاة على كاهل المدرسين والطلاب على حد سواء. وأضاف: "عملت في مجال التعليم شمال سورية قبل سقوط النظام، وكانت الإجراءات ضمن نطاق عملي أكثر بساطة. لكن بعد سقوط النظام، واطلاعي على أوضاع المحافظات الأخرى، لاحظت أن البيروقراطية ما زالت قائمة، باستخدام الطوابع الورقية والروتين ذاته المعتمد قبل 20 عاماً".
وتابع العبدو، "اليوم تعتمد معظم الدول على المعاملات الإلكترونية، دون الحاجة إلى الأوراق. لا أرى مبرراً لأن يضطر مدرس، مثلاً، إلى مراجعة مديرية التربية في محافظة أخرى لإتمام طلب نقل، وسط إجراءات قد تستغرق وقتاً طويلاً. الأمر ذاته ينطبق على قضايا المناهج والطلاب، لذلك فإننا بحاجة إلى مرونة مؤقتة، إلى حين تأسيس نظام عمل أكثر توافقاً مع الواقع الراهن".