تعويضات ضحايا انتهاكات تونس معطلة

تعويضات ضحايا انتهاكات تونس معطلة

10 يوليو 2021
احتجاج للمطالبة بتنفيذ قانون العدالة الانتقالية (العربي الجديد)
+ الخط -

في عام 2018، وُضع قيد التنفيذ قانون العدالة الانتقالية الصادر في ديسمبر/ كانون الأول 2013، من خلال إنشاء صندوق الكرامة الخاص بصرف تعويضات لضحايا النظامين السابقين خلال فترتي حكم الرئيسين الحبيب بورقيبة (1955- 1987) وزين العابدين بن علي (1987- 2011)، وضحايا الأحداث الإرهابية وجرحى وعائلات شهداء الثورة. وبحسب البند 93 من قانون المالية لسنة 2014، فقد استُحدث حساب خاص باسم "صندوق الكرامة ورد الاعتبار إلى ضحايا الاستبداد" للمساهمة في التعويض لضحايا الاستبداد وتوفير وسائل تمويله وضبطها. وأوكلت مهمة إدارة الصندوق والتصرف في حساباته إلى لجنة شكلت لهذا الغرض، وخضعت لإشراف الحكومة. لكن هذه الإجراءات لم تطلق آلية تفعيل عمل الصندوق منذ ذلك التاريخ، ولم توفر الموارد المالية الضرورية لتنفيذ مهمات منح التعويضات لمستحقيها. فقررّت لجنة التصرف في صندوق الكرامة إطلاق مبادرة لرد الاعتبار لضحايا الاستبداد، وأعدّت منذ يناير/ كانون الثاني الماضي خطة لتنظيم حملة إعلامية، وإطلاق سلسلة اتصالات داخلية وخارجية بهدف حشد دعم لتعبئة موارد الصندوق، مع تأكيدها ضرورة الإسراع في إصدار قرار يحدد النسبة المئوية لأموال الصندوق المرتبطة بميزانية الدولة، ووضع قائمة تضم أسماء كل ضحايا النظامين السابقين، مع توضيح درجة الانتهاك، وقيمة التعويض المستحق لكل ضحية.

وكانت هيئة تنفيذ القرارات التحكيمية الصادرة عن لجنة التحكيم والمصالحة (هيئة الحقيقة والكرامة) اقترحت في تقرير أصدرته في يونيو/ حزيران 2020، وسائل لتعويض ضحايا الانتهاكات، في حين نشرت الجريدة الرسمية للجمهورية التونسية بتاريخ 19 مارس/ آذار الماضي قائمة شهداء الثورة التي تضمنت أسماء 129 شهيداً، بينما أوردت قائمة المصابين 634 اسماً. وفعلياً مرّت سنة كاملة على نشر تقرير "هيئة الحقيقة والكرامة"، في حين ينص البند 70 من قانون العدالة الانتقالية على أن الحكومة يجب أن تعدّ، خلال فترة سنة من تاريخ صدور هذا التقرير، خطة وبرنامج عمل لتنفيذ التوصيات والاقتراحات التي المقدمة، وهو ما لم يحصل، ما حتّم تنفيذ آلاف من ضحايا عهود الاستبداد السابقة تحركات احتجاج شارك فيها أيضاً جرحى وعائلات شهداء الثورة، للمطالبة برد الاعتبار لهم وتعويضهم عمّا عانوه من ظلم وتعذيب داخل السجون، ومن إصابات جسدية خلال الثورة.

الصورة
لا تنفيذ للقرارات "المحقّة" في تونس (العربي الجديد)
لا تنفيذ للقرارات "المحقّة" في تونس (العربي الجديد)

يشير كاتب عام شبكة العدالة الانتقالية، وهي حركة مستقلة، في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن "لا إرادة سياسية فعلية لتفعيل مطالب العدالة الانتقالية. رغم أننا توقعنا أن يكون هذا الملف من أولويات الحكومات المتعاقبة، لكنه خضع، للأسف، لتجاذبات سياسية بين أولئك الذين يتبنون مبدأ منح تعويضات، وبين من يرفضون هذا الإجراء لأسباب مختلفة، رغم أن الحقيقة الثابتة أن غالبية الضحايا المعنيين بهذا الملف ما زالوا يعانون من تبعات الاستبداد. والآن انتهت الفترة القانونية لتقدم الحكومة برنامج عمل يحدد كيفية تفعيل توصيات هيئة الحقيقة والكرامة، وكيفية صرف التعويضات، وتعبئة موارد الصندوق الضخمة نسبياً".

الصورة
الفترة المحددة لتنفيذ القانون انقضت (العربي الجديد)
الفترة المحددة لتنفيذ القانون انقضت (العربي الجديد)

ووفق قانون العدالة الانتقالية، يجب أن تخصص الدولة 10 ملايين دولار لتمويل الصندوق، في حين تأتي باقي الموارد من هبات ومنح وتبرعات دولية غير مشروطة. وهو ما لم يحصل عبر أي مبلغ من ميزانية الحكومة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد، أو آخر خارجي في ظل وقف البحث عن مصادر تمويل أجنبية أو هبات لدعم الصندوق. 

وعقدت لجنة شهداء وجرحى الثورة وتنفيذ قانون العفو العام والعدالة الانتقالية جلسة في مايو/ أيار الماضي خصصتها لبحث كيفية مراقبة الحكومة لتنفيذ توصيات "هيئة الحقيقة والكرامة"، وإعداد برنامج عملها للفترة المقبلة، لا سيما أن احتجاجات المطالبين بالتعويضات تتكرر أمام القصر الحكومي والبرلمان. يقول عضو الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية العلمي الحضري لـ "العربي الجديد" إن "الاعتصامات التي نظِمت، وأحدها اعتصام القصبة أمام قصر الحكومة، تهدف إلى تفعيل مسار العدالة الانتقالية وصرف تعويضات ضحايا النظام السابق من تعذيب وانتهاكات وحرمان من التشغيل. لا سيما أن المسار بقي معطلاً رغم إعلان إنشاء صندوق الكرامة". 

ويتحدث أحد ضحايا النظام السابق، إسماعيل الكتاري لـ"العربي الجديد" عن "تنفيذ قرار تشغيل ضحايا كثيرين، في وقت ينتظر مئات من كبار السن الذين باتوا غير قادرين على العمل صرف تعويضات مالية لهم. أما من توفّوا فالمرجح ألا تحصل أسرهم على أي رد اعتبار أو اعتذار أو تنال أي تعويض. ونسأل تحديداً عن المدة الزمنية الذي يجب أن ينتظرها أولئك المتقدمون في السن لنيل مستحقاتهم، باعتبارهم في حاجة ماسة للحصول عليها أكثر من غيرهم". ويوضح الكتاري أنه نفذ مع معنيين آخرين بالتعويضات عدة احتجاجات أمام البرلمان والقصر الحكومي في السنوات الأخيرة للمطالبة أولاً بتفعيل مسار العدالة الانتقالية وعمل صندوق الكرامة المعني بصرف التعويضات، لكن من دون نتيجة رغم مرور سنة على إصدار "هيئة الحقيقة والكرامة" تقريرها النهائي، وتحديد أسماء المعنيين بالتعويضات.  يضيف: "امتنعت الدولة عن تنفيذ أية تحركات للبحث عن تمويل للصندوق، كما وعدت وكما نصّ قانون العدالة الانتقالية".

المساهمون