تعليق العام الدراسي في سورية

تعليق العام الدراسي في سورية

09 ابريل 2021
مشاكل عديدة تواجه التعليم في سورية (سيرجي بوبيليف / Getty)
+ الخط -

تشعر عائلات العديد من الطلاب السوريين في مرحلة التعليم الأساسي بالقلق على مستقبل أبنائها، في ظل قرار وزارة التربية التابعة للنظام، إنهاء الفصل الدراسي للتعليم الأساسي، وتعليق دوام الحلقة الثانية لحين تقديم الامتحانات نهاية الشهر الجاري، جراء ازدياد الفاقد التعليمي (الغيابات) إضافة إلى طول فترة الانقطاع عن الدراسة.  
وتحول الفاقد التعليمي إلى تهديد لمستقبل الطلاب، بحسب أم قتيبة العيد، التي قالت في حديثها لـ "العربي الجديد": "يُعتبر ابني من الطلاب المجتهدين، لكن بسبب الإجازة الطويلة العام الماضي، يجد هذا العام صعوبة في فهم العديد من دروسه، وخصوصاً المواد العلمية، مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء، ما أثر بمستواه الأكاديمي، إذ بدأ بالتراجع جراء تراكم الدروس، في حين أنّ بعض الأساتذة لا يقدرون الوضع، والطلاب لم يحصلوا على قسم كبير من مناهجهم".
وأضافت: "لا يمكننا تكرار مشكلة العام الماضي، نتيجة إهمال ما سقط من المنهاج، لذا سجلت ابني في معهد خاص، حتى يتمكن من إنهاء منهجه الدراسي، بالرغم من التكلفة المادية المرتفعة، المترافقة مع أسوأ واقع اقتصادي تشهده البلاد".

بدوره، اعتبر أبو جمال القنواتي (42 عاماً)، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "النظام يسنُّ القرارات دون درس تأثيرها في الطلاب. قد نكون الدولة الوحيدة في العالم التي حذفت وحدات دراسية من مناهجها التعليمية. وبرغم تأثر معظم دول العالم بجائحة كورونا، إلا أنّها وجدت سبلاً أخرى للتعليم، أكان عبر التعليم المدمج، أم عن بعد، أم تخصيص برنامج لتعويض ما فات التلاميذ. لكن في سورية، ما حُكي عن برنامج تعويض الفاقد للعام الماضي، لم يطبق بجدية، ليفقد الطلاب حماستهم للدراسة".
وشرح القنواتي كيف حلّت المعاهد والدروس الخصوصية مكان المدرسة، إذ وجدت العائلات تلك الوسيلة طريقة مناسبة لتغطية النقص الحاصل، في حين أنّ النسبة الأكبر من الطلاب انقطعت عن الدراسة، إما لفقدان حماستها، أو بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
بدوره، اعتبر الأستاذ في المرحلة الأساسية، إبراهيم م. (35 عاماً)، أنّ قرارات الحكومة تتخبط بشكل واضح، فقبل قرار إغلاق المدارس، كان حديث وزير التربية، دارم طباع، عن استمرار العملية التعليمية، ودون أي مقدمات تصدر قرارات معاكسة، مشيراً إلى أنّ "الوزارة كانت مصرة على إكمال العام الدراسي في ذروة انتشار فيروس كورونا".

محطات الوقود في سورية (لؤي بشارة / Getty)
تعيش البلاد أزمة محروقات خانقة (لؤي بشارة / Getty)

وبحسب إبراهيم، الطلاب هم من يدفعون الضريبة الأكبر، جراء تلك الإجراءات، وقد "لاحظنا خلال العام الدراسي الفائت تراجع مستويات طلابنا عن الأعوام السابقة، بسبب التخبط الدائم بين فتح المدارس وعدمها". ولفت إلى أنّ "تعويض الفاقد بحاجة إلى دروس صيفية، عبر برامج خاصة. أما اليوم، فالمنهج المدرسي لا يسمح لنا بتعويض الطلاب ما فاتهم".
وأرجع إبراهيم إغلاق المدارس إلى أزمة المحروقات الخانقة التي تعيشها سورية، لا إلى أزمة كورونا، إذ تعطلت غالبية وسائل النقل، فيما ارتفعت أجرة النقل العام، فأصبح الوصول إلى المدرسة مكلفاً مادياً، على الطلاب والكادر التعليمي، معتبراً أنّ الحل يكون بتوفير الوقود، وهو أمر صعب على النظام، والحل يكون بإيجاد حل سياسي ينهي الأزمة السورية".
من جانبه، قال صاحب إحدى حضانات الأطفال في دمشق، علاء إسماعيل، إنّ "الوضع الاقتصادي لا يسمح لنا بإغلاق المنشآت التعليمية أو الاقتصادية، وبقرارات كهذه ستفقد عائلات كثيرة مصدر رزقها، فالمسألة لا تتعلق بفيروس كورونا، خصوصاً بعد تراجع الموجة الأخيرة من الوباء، ومع تحسن الوضع الصحي في البلاد تُعلَّق الدروس". 

وأرجع إسماعيل تعليق الدراسة إلى أزمة المحروقات "فالنظام يريد تغطية عجزه بتأمين الوقود بفيروس كورونا، إذ كان الأفضل تأمين الوقود، لأن البلاد في حالة انهيار تامة، بينما عجلة الاقتصاد تكاد تتوقف، وأبرز وجوهها شلل قطاع النقل، وارتفاع أسعاره خلال الأيام الأخيرة".
وتابع إسماعيل: "المشكلة الكبيرة تقع على عاتق الأطفال الذين يتحضرون لدخول المدرسة، إذ سيواجهون نقصاً في المواد، ما سيعرضهم لمشاكل كثيرة، وغالباً لن يجدوا من يساعدهم على تجاوز مشكلتهم، والأمثلة كثيرة في تعويض الفاقد في العام الماضي".
يشار إلى أن وزارة التربية كانت قد أعلنت إنهاء دوام مرحلة رياض الأطفال وصفوف مرحلة التعليم الأساسي من الصف الأول حتى الرابع الأساسي بدءاً من يوم الاثنين الفائت، مع اعتماد نتائج الفصل الدراسي الأول مع أعمال الفصل الدراسي الثاني (المذاكرات والشفهي) معياراً للنجاح أو الرسوب. كذلك علقت دوام صفوف مرحلة التعليم الأساسي من الصف الخامس حتى الثامن الأساسي من التاريخ نفسه، على أن تجري امتحاناتهم خلال الفترة من 25 حتى 29 إبريل / نيسان 2021. 
وفي ما يخص الصفوف الأخرى، قررت الوزارة استمرار دوام طلاب الصف التاسع الأساسي والمرحلة الثانوية في جميع فروعها وفق الخطة الدراسية، على أن تُجرى الامتحانات الانتقالية لصفي الأول والثاني الثانوي بمختلف الفروع خلال الفترة من 25 حتى 29 إبريل/ نيسان.

المساهمون