تعقيدات تأشيرة شنغن تُرهق المسافرين الروس

15 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 07:51 (توقيت القدس)
يفضل الروس وجهات لا تتطلب تأشيرة مسبقة، موسكو، 29 يونيو 2024 (تيان بينغ/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تثير الحزمة 19 من العقوبات الأوروبية اهتماماً خاصاً بسبب القيود الجديدة المتوقعة على تأشيرات شنغن للمواطنين الروس، بينما حظرت التشيك دخول حاملي جوازات السفر الدبلوماسية الروسية غير المعتمدين.
- شهدت السنوات الأخيرة تبايناً في مواقف الدول الأوروبية بشأن تأشيرات شنغن للروس، حيث حصل أكثر من نصف مليون روسي على تأشيرات في عام 2024، وهو رقم أقل مقارنة بما قبل جائحة كوفيد-19.
- تراجعت السياحة الروسية إلى أوروبا بسبب تعقيدات التأشيرات وتوقف الطيران المباشر، مما دفع الروس لاختيار وجهات مثل تركيا والإمارات ومصر.

منذ بدء المرحلة الساخنة من الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، اعتاد الروس سماع الأنباء حول فرض الاتحاد الأوروبي حزمات جديدة من العقوبات على بلادهم، واحدة تلو الأخرى، إلى حد أنها لم تعد تؤثر على حياتهم اليومية بشكل مباشر. غير أن الحزمة 19 التي تعتزم بروكسل فرضها، تثير اهتماماً أكثر من سابقاتها، حيث من المنتظر أن تشمل قيوداً جديدة على إصدار التأشيرة الأوروبية الموحدة "شنغن" للمواطنين الروس.

وبموازاة ترقب تبنّي الحزمة 19 من العقوبات الأوروبية، قررت الحكومة التشيكية حظر دخول حتى حمَلة جوازات السفر الدبلوماسية الروسية غير المعتمدين في الجمهورية. وأرجع وزير الخارجية التشيكي، يان ليبافسكي، القرار إلى ما قال إنه تنامي الأنشطة التخريبية، وضرورة منع النشاط غير القانوني تحت الغطاء الدبلوماسي.

وفي السنوات الأخيرة، سادت حالة من انعدام الإجماع بين الدول الأوروبية لجهة إصدار التأشيرة للروس، حيث امتنعت بعض الدول، مثل بلجيكا والدنمارك وهولندا وبولندا وفنلندا والتشيك وجمهوريات البلطيق الثلاث (لاتفيا وليتوانيا وإستونيا)، عن منح تأشيرة شنغن للروس، بينما واصلت دول أخرى، مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا والمجر، إصدارها.

وتشير بيانات المفوضية الأوروبية إلى أن أكثر من نصف مليون مواطن روسي حصلوا على تأشيرة شنغن عام 2024، لكن هذا الرقم لا يزال أقل كثيراً، مقارنة بما قبل جائحة "كوفيد - 19" وبدء أعمال القتال في أوكرانيا، إذ جرى إصدار أكثر من 4 ملايين تأشيرة عام 2019. وفي عام 2024، جاءت إيطاليا في المرتبة الأولى بإصدارها 153 ألف تأشيرة للروس، تليها فرنسا (124 ألفاً) وإسبانيا (111 ألفاً)، بينما أصدرت اليونان 59.7 ألف تأشيرة.

ويوضح الخبير الروسي في الشؤون الأوروبية وقضايا الهجرة، فاديم تروخاتشوف، أن مسألة إجراءات منح تأشيرة شنغن للمواطنين الروس خضعت على مدى العقدين الماضيين لاعتبارات سياسية، مشكلةً انعكاساً لوضع العلاقات الروسية - الأوروبية، مشيراً إلى أن غياب السيّاح الروس يكبّد البلدان السياحية في الاتحاد الأوروبي خسائر تبلغ مليارات اليوروهات سنوياً.

توقف الطيران المباشر فاقم معاناة الراغبين بزيارة أوروبا، روسيا، 28 يوليو 2025 (تاتيانا ماكييفا/ فرانس برس)
توقف الطيران المباشر فاقم معاناة الراغبين بزيارة أوروبا، روسيا، 28 يوليو 2025 (تاتيانا ماكييفا/فرانس برس)

ويقول تروخاتشوف لـ"العربي الجديد": "تعود قضية التأشيرات بين روسيا والاتحاد الأوروبي إلى بداية القرن الـ21، حيث أثارت موجة التقارب أحاديث عن الانتقال إلى نظام الإعفاء من تأشيرات الدخول. ومنذ عام 2007، جرى تسهيل نظام استخراج التأشيرة لبعض الفئات من المسافرين، أمثال الموظفين الحكوميين ورجال الأعمال والصحافيين والرياضيين وغيرهم، بينما خُفّضت الرسوم القنصلية لبقيّة الفئات إلى 35 يورو بدلاً من 60 يورو لمواطني الدول الأخرى".

غير أن الأمور لم تذهب أبعد من ذلك وسط انعدام الإجماع بين دول الاتحاد الأوروبي في مسألة مواصلة تسهيل نظام التأشيرات مع روسيا. ومع ذلك، استمرت حركة السياحة الروسية إلى الاتحاد الأوروبي في ازدياد، إذ حصل 6.9 ملايين مواطن روسي على تأشيرة شنغن عام 2013.

ويلفت تروخاتشوف إلى أن التراجع الحاد لعدد تأشيرات شنغن الممنوحة للروس لم يبدأ مع اندلاع النزاع في أوكرانيا، إنما منذ بدء جائحة "كوفيد - 19" عام 2020، ويضيف: "بعد الجائحة تدهورت العلاقات عام 2022، وعلى أثر الحدثين تراجع عدد تأشيرات شنغن للمواطنين الروس إلى ما دون المليون سنوياً، بما يراوح بين 500 ألف و650 ألف تأشيرة تقريباً. وعلى الرغم من خسائر قطاع السياحة الأوروبي جراء ذلك، لكن الاعتبارات السياسية غلبت الاعتبارات الاقتصادية".

ومع ترقب تبنّي الحزمة 19 من العقوبات، يرجّح تروخاتشوف، الخبير الروسي، "ألا تُلغى التأشيرات بشكل كامل، لكن عملية استخراج التأشيرة ستصبح معقدة، عالية الكلفة، لدرجة تدفع أغلب السيّاح إلى الانكفاء عن السفر نحو أوروبا، ولا سيّما في ظل غياب الطيران المباشر". ويخلص إلى أنه "من وجهة النظر الإجرائية، سيصبح سفر الروس إلى دول الاتحاد الأوروبي أصعب مقارنةً حتى مع مواطني الدول الفقيرة وغير المستقرة، مثل أفغانستان واليمن والصومال والسودان".

وفي السنوات الأخيرة، لم يقتصر تراجع حركة سفر الروس إلى أوروبا على الإجراءات المعقدة لاستخراج التأشيرة فحسب، إنما أدى توقف حركة الطيران المباشر منذ عام 2022 إلى مفاقمة معاناة المسافرين الروس، ما دفع بالكثير من السيّاح إلى حسم خياراتهم لصالح وجهات لا تتطلب تأشيرة مسبقة، وتتوفر إليها رحلات طيران مباشرة، مثل تركيا والإمارات ومصر.

وتشير بيانات اتحاد الشركات السياحية الروسية عن النصف الأول من العام الحالي 2025، إلى أن تركيا تفوقت بفارق هائل على غيرها من الوجهات السياحية في مؤشر حركة السياحة الوافدة من روسيا، إذ زارها نحو 2.6 مليون سائح روسي خلال تلك الفترة، بينما جاءت الإمارات في المرتبة الثانية، بواقع 1.14 مليون سائح. تليهما الصين وتايلاند، حيث استقبلت كل منهما أكثر من مليون سائح روسي، بينما جاءت مصر في المرتبة الخامسة، باستقبالها 937 ألف سائح روسي خلال ستة أشهر.

المساهمون