تعذيب أهالي سجناء "جمصة" في مصر.. نساء وأطفال يسيرون حفاة على الرمال

تعذيب أهالي سجناء "جمصة" في مصر.. نساء وأطفال يسيرون حفاة على الرمال

05 اغسطس 2021
أُجبر الأهالي على المشي حفاة تحت لهيب الشمس عند زيارة ذويهم (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

أفادت منظمات حقوقية مصرية، منها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ومنظمة نجدة، بأن قوات الأمن في سجن جمصة العمومي "أجبرت زوجات المعتقلين وأطفالهم على المشي حفاةً تحت لهيب الشمس عند زيارة ذويهم، في تصعيد غير مقبول تجاه أُسَر المعتقلين".
وحسب المنظمات الحقوقية، فإن "إجبار زوجات المعتقلين وأطفالهم منذ أيام على خلع أحذيتهم، والمشي مسافة طويلة في حرارة الشمس الشديدة على الرمال الملتهبة، حتى الوصول إلى مكان الزيارة، أدى إلى إصابة طفلة بضربة شمس وسخونة شديدة، فضلاً عن تسبب هذه الممارسات الكثير من الألم النفسي، والإيذاء البدني لأهالي المعتقلين، الذين يتكبدون مشاقّ السفر لمسافات طويلة، أملاً في رؤية ذويهم لدقائق معدودة".
يشار إلى أن المسافة بين الحواجز الخارجية وبوابات سجن جمصة طويلة، وتوجد أيضاً حواجز تمنع دخول السيارات، ويضطر الأهالي إلى حمل كل متعلقات الزيارة لحين الوصول إلى بوابة المجمع، أو ركوب "طفطف" السجن، علماً أن "الطفطف" لا يكون متوافراً في كل الأوقات، وغالباً ما تكون مساحته غير كافية لجلوس الأهالي وحمل متعلقات الزيارة في وقت واحد، وخاصة بعد أن قلّصت الإدارة عدد العربات فيه من ثلاث عربات إلى عربة واحدة فيها 12 مقعداً، فيما يدفع الأهالي ثمن تذكرة الركوب بقيمة 2 جنيه للمقعد الواحد، إضافة إلى دفع قيمة تذكرة أخرى للعودة.

وحسب شهادات أُسَر السجناء والمعتقلين السياسيين، فإن الأهالي يمرون بمحطات عديدة قبل الوصول إلى قاعة الزيارة في سجن جمصة شديد الحراسة. فبعد دخولهم من باب جانبي صغير ببوابة مجمع السجون الخارجية، يمرون على سير التفتيش وغرفة التفتيش الذاتي للنساء.
 يخرج الأهالي من مرحلة التفتيش الأولى هذه إلى ساحة موصلة إلى قاعة انتظار مغلقة لزائري سجني ليمان جمصة وجمصة شديد الحراسة، وفي تلك القاعة مخرجان يوصل كل منهما إلى أحد السجنين، حيث توجد في قاعة الانتظار "دكك" إسمنتية، وفيها مراوح سقف عالية، لكنها لا تكفي لتهوية المكان، خاصة في أيام الازدحام.
توجد شبابيك سلك عالية في الغرفة، وتوجد فيها كانتين وغرفتان صغيرتان على يمين  القاعة ويسارها يجلس فيها أمناء الشرطة المسؤولون عن تسجيل أسماء الزائرين، حيث يدفع الأهالي مبلغ 15 جنيهاً في الزيارات الاستثنائية، وقد يضطرون في أحيان قليلة إلى دفع ما يفوق ذلك المبلغ لموظفي السجن.
توجد في القاعة أربع أو خمس دورات مياه، إحداها فقط مرحاض كرسي "إفرنجي"، لكنه دوماً مغلق أو يخصص فقط للعاملة المسؤولة عن تنظيف الحمام، فيما لا يتمكن الأهالي في أغلب الأوقات من استعمال دورات المياه بسبب مشاكل في الصيانة أو طفح في مياه الصرف الصحي، طبقاً لشهادات زوار السجناء.
وتقع منطقة سجون جمصة في محافظة الدقهلية، وتضم سجنين هما ليمان جمصة وسجن جمصة العمومي شديد الحراسة، وقد أنشئ السجنان بموجب قرار وزير الداخلية رقم 1750 لسنة 2013، الصادر في 21 أغسطس/آب، الذي نص على أن ينشأ في دائرة مديرية أمن الدقهلية "ليمان جمصة" ليودع فيه الرجال المحكوم عليهم بعقوبتي السجن المؤبد والسجن المشدد، و"سجن شديد الحراسة"، حيث يودع به الأشخاص المذكورون بالمادة الثالثة من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956.

وحسب ما تنشر وزارة الداخلية، تحوي منطقة السجون مستشفى عالي التجهيز ومكتبة ومدرسة تقدم خدمات محو الأمية، إضافة إلى ورش النجارة ومعرض للمنتجات الزخرفية، بينما تؤكد جهات حقوقية مصرية، من بينها الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، على انتشار ادعاءات بالتعذيب وسوء المعاملة والتكدير داخل سجن جمصة، خاصة لمن يجري تغريبهم إلى السجن من سجون أخرى.
وحسب الجبهة أيضاً "يشكو السجناء عدم نظافة وجبات التعيين وقلة الطعام المقدم فيها ورداءته، ويعتمدون أساساً على الطعام الذي يحضره الأهالي في الزيارات"، كذلك يعاني السجناء ارتفاع أسعار المواد المتوافرة بكانتين السجن، فضلاً عن أن الكانتين لا يفتح إلا لفترات قصيرة لا يتاح لكل السجناء خلالها الشراء.
ولا تلتزم الإدارة المدة المحددة يومياً للتريض، ولا يتاح التريض للسجناء إلا لدقائق معدودة، حسب معلومات وردت للجبهة المصرية من المحادثات، وحتى المساحة المتاحة للتريض تكون مغطاة من الأعلى بسلك يعوق دخول الشمس مباشرةً، ولا يتاح للسجناء "السياسيين" العمل داخل السجن، سواء للتكسب أو لملء وقت الفراغ.
ويوجد طبيب في عيادة السجن، لكنه غالباً ما يتغيب عن الحضور، كذلك فإن المستشفى يخلو من التجهيزات الضرورية للتدخل الطبي، فيما يواجه المحتجزون صعوبة في الحصول على كشف أمام طبيب السجن، ويعتمدون أساساً (باتفاق مع الإدارة) على الأطباء المحتجزين معهم، فيتولى هؤلاء مسؤولية الكشف على المرضى وكتابة الوصفات الطبية لكل نزلاء السجن، ولأعضاء إدارة السجن أحياناً.
وحسب المعلومات التي وثقتها الجبهة المصرية، فإنّ من غير المعلوم ما إذا كان يوجد في السجن طبيب أو اختصاصي نفسي أو اجتماعي، مشيرة إلى أنه في حالة إصابة أحد المحتجزين باضطراب نفسي، تكتفي الإدارة بوضعه في قسم خاص داخل السجن.
وكان من أبرز حالات الإهمال الطبي إصابة المحتجز أحمد مسعود بدوي بشلل نصفي نتيجة امتناع إدارة السجن عن تقديم العلاج اللازم له، ما أدى إلى اضطراره إلى الخروج للزيارات على كرسي متحرك. 
واشتهرت كذلك حالة المحتجز سعد أحمد ضياء الدين، الذي تقدمت المفوضية المصرية للحقوق والحريات ببلاغ نيابة عنه ضد مأمور السجن بسبب ما يلقاه من إهمال طبي، رغم إصابته بأمراض في القلب والتهاب بالمفاصل وارتفاع في ضغط الدم والسكر. 
ولا يزال العديد من المحتجزين يعانون الإهمال الطبي الشديد داخل السجن، فيما كانت الجبهة المصرية أخيراً قد سلطت الضوء على حالة عبد الناصر مسعود سالم، أستاذ الرياضيات في كلية العلوم بجامعة طنطا، الذي يحتاج لإجراء عملية لتركيب دعامات بالقلب، ويعاني أيضاً من فقدان متكرر للوعي.
وقد حدثت عدة حالات وفاة بالإهمال الطبي داخل سجن جمصة شديد الحراسة، إما بسبب صعوبة دخول علاجات الأمراض المزمنة وتدهور الحالة الصحية نتيجة لذلك، وإما بسبب أمراض أصيب بها السجناء بعد احتجازهم.

المساهمون