تعاون صحي تركي في حلب ومشروع طبي لدعم شمال غرب سورية

19 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 20:06 (توقيت القدس)
وزير الصحة السوري ونظيره التركي خلال توقيع الاتفاقية، 19 يونيو 2025 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وقّعت وزارة الصحة السورية اتفاقية مع تركيا لدعم وتشغيل منشآت صحية في سوريا، تشمل تشغيل مستشفى الأورام في حلب ومستشفى دمر لجراحة القلب في دمشق، بهدف تحسين الخدمات الصحية.

- تشغيل مستشفى الأورام في حلب يخفف الأعباء عن المرضى الذين كانوا يعتمدون على العلاج في تركيا، ويوفر فرص علاج متساوية، مما يقلل الأعباء النفسية والمالية على المرضى وعائلاتهم.

- أطلقت منظمة "يداً بيد للإغاثة والتنمية" ومنظمة الصحة العالمية مشروعاً بقيمة 5 ملايين دولار لدعم القطاع الصحي في شمال غرب سوريا، بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة، لتوريد أدوية ومستلزمات طبية لأكثر من 50 مرفقاً صحياً.

كشفت وزارة الصحة السورية عن اتفاقية تعاون مشترك وقّعها وزير الصحة مصطفى العلي ونظيره التركي كمال ميمش أوغلو، تهدف إلى دعم عدد من المنشآت الصحية الحيوية وتشغيلها في سورية. وقالت الوزارة، اليوم الخميس، إن الاتفاقية التي وقعت الأربعاء في العاصمة التركية أنقرة تأتي ضمن خطة وزارة الصحة لتأهيل المستشفيات وتجهيزها وتطوير بنيتها التحتية بهدف الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المُقدّمة للمواطنين، مشيرة إلى أنها تتضمن "تشغيل مستشفى الأورام في مدينة حلب، بسعة 150 سريراً، منها 25 سرير عناية مشددة، على أن يستكمل تجهيزه بالكامل خلال مدة لا تتجاوز 180 يوماً".

تشمل الاتفاقية، وفق ما أوضحت الوزارة، دعم مستشفى دمر لجراحة القلب في دمشق، وتجهيزه، الذي يضم 310 أسرّة و68 سرير عناية مركزة، إذ سيزود بأحدث الأجهزة الطبية، إلى جانب دعم الكوادر المتخصصة، بما يسهم في تقديم خدمات نوعية وشاملة في مجال جراحة القلب والرعاية القلبية.

وأوضح مسؤول المكتب الإعلامي في مديرية صحة حلب وريفها، منير المحمد لـ"العربي الجديد"، أن مستشفى الأورام في حلب بناؤه موجود، لكنه في حاجة إلى استكماله، مشيراً إلى أن المشفى لم يكن يعمل في السابق أو يقدم الخدمات إلى المواطنين، غير أنه سيُسهم بعد تفعيله في التخفيف عن المرضى في محافظة حلب، إضافة إلى مناطق سورية أخرى، لأنه سيكون مستشفى تخصصياً بإمكانات متطورة.

ويترقب السوريون نقلة في القطاع الصحي، خصوصاً في أمراض السرطان والقلب وعلاج الأمراض المزمنة، ولا سيما مناطق شمال سورية وشمال غربها، التي كان المرضى من مصابي السرطان فيها يعتمدون بشكل شبه رئيسي على تلقي العلاج في المشافي التركية، بعد الحصول على تحويلات صحية.

ولفت علي إبراهيم الخمسيني المقيم في مدينة حلب، إلى أنه خسر الكثير من أملاكه خلال السنوات الماضية خلال رحلة علاج مرض السرطان. وذكر في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه ينحدر من بلدة راجو في عفرين، وقد ظهرت لديه كتلة على الدماغ وبدأت رحلة العلاج قبل نحو 3 سنوات "عانيت كثيراً التكاليفَ الباهظة للعلاج، وفي الوقت الحالي أرجو أن يتاح لنا مكان في المشفى التخصصي، وهذا قد يُسهم في التخفيف من الأعباء عني وعن عائلتي".

بدورها، قالت فريال الفريج، التي تنحدر من ريف حلب الجنوبي لـ"العربي الجديد": "أنا مريضة بسرطان القولون من مدينة حلب، وأتحدث إليكم ليس فقط بلسان حالي، بل باسم مئات المرضى الذين يعانون في صمت ويخوضون معركة يومية مع الألم والخوف وتكاليف العلاج". وأضافت الفريج: "حين يُشخّص أحدنا بالسرطان، لا يكون المرض وحده هو الصدمة، بل تبدأ رحلة قاسية من البحث عن العلاج في مدن بعيدة، في دمشق أو خارج البلاد، حيث يصبح التنقل عبئاً إضافياً مادياً ونفسياً وجسدياً. كثيرون منا لا يستطيعون تحمل تكاليف السفر أو الإقامة، فكيف لهم أن يستكملوا العلاج كما يجب؟".

وأوضحت الفريج أن وجود مشفى متخصص في علاج السرطان في حلب لم يعد خياراً، بل ضرورة إنسانية ملحة، لكونه سيوفر فرصاً متساوية للعلاج لكل مريض بغض النظر عن وضعه المادي، وتخفيفاً كبيراً من الأعباء النفسية والجسدية الناتجة من السفر المتكرر، ودعماً نفسياً واجتماعياً للمرضى وعائلاتهم من خلال طواقم مؤهلة، وتسريعاً في تقديم العلاج، ما يزيد من فرص الشفاء. وأردفت: "نحن لا نطلب المستحيل، بل فقط الحق في العلاج بمدينتنا، بين أهلنا، وبكرامة، وأتمنى من كل قلبي أن يصل صوتي إلى من يستطيع إحداث هذا الفرق، لأن كل يوم تأخير هو فرصة شفاء تُفقد، وروح تُرهق، وعائلة تثقلها الهموم".

ووقّع الطرفان، السوري والتركي، الاتفاقية بعد زيارة رسمية قام بها وزير الصحة السوري للعاصمة التركية أنقرة، ناقش خلالها مع نظيره التركي التجربة التركية في مجال التحول الرقمي في القطاع الصحي، كذلك اطلع العلي على "أبرز الأنظمة الرقمية التي طُبِّقَت في تركيا، مثل نظام السجل الصحي الإلكتروني، وآليات عملها وتأثيرها  بتحسين كفاءة الخدمات الصحية". كذلك بحث الطرفان إمكانية التعاون والاستفادة من التجربة التركية في سورية، لدعم تحول القطاع الصحي في سورية إلى الرقمنة وتطوير البنى التحتية للمعلومات الصحية للتماشي مع التوجهات الحديثة.

مشروع طبي بقيمة 5 ملايين دولار لدعم القطاع الصحي 

في خطوة نوعية لدعم القطاع الصحي في شمال غرب سورية، أعلنت منظمة "يداً بيد للإغاثة والتنمية" و"منظمة الصحة العالمية " تنفيذ مشروع مشترك يهدف إلى توريد أدوية ومستهلكات طبية بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، تصل قيمته الإجمالية إلى 5 ملايين دولار أميركي.

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال الدكتور أحمد الأقرع، مدير العمليات في منظمة "يداً بيد"، إن الشراكة مع مركز الملك سلمان ليست وليدة اليوم، مشيراً إلى أنها بدأت منذ عام 2017 بتمويل مشفى كفرنبل الجراحي، وهو مشفى محصن ضد القصف تحت الأرض وكان يقدم خدمات صحية حيوية لأهالي جبل الزاوية. وأوضح أن المشروع الحالي يركز على تطوير سلسلة توريد الأدوية والمستهلكات الصحية، مؤكداً أن الشحنة الأخيرة التي وصلت إلى مستودعات المنظمة بلغت 20 ألف طن، وستتبعها شحنات إضافية قد تصل إلى 60 ألف طن. وأضاف: "عدد الشحنات سيكون كبيراً، وعدد المستفيدين منها في المرحلة الأولى لن يقل عن 150 ألف مريض".

الشحنة الأخيرة التي وصلت إلى مستودعات المنظمة بلغت 20 ألف طن (العربي الجديد)
الشحنة الأخيرة التي وصلت إلى مستودعات المنظمة بلغت 20 ألف طن (العربي الجديد)

من جانبها، عبّرت الدكتورة روزا كريستاني، قائدة فريق منظمة الصحة العالمية في مكتب غازي عنتاب، والمسؤولة عن عمليات العبور إلى شمال غرب سورية، عن سعادتها بوصول الشحنة الجديدة، قائلة لـ"العربي الجديد": "نحن اليوم في مستودع تابع لمنظمة يداً بيد، أحد شركائنا في شمال غرب سورية. وقد وصلت منذ يومين شحنة كبيرة من الإمدادات الطبية بوزن 20 طناً، وهي جزء من شراكتنا مع مركز الملك سلمان للإغاثة".

وأضافت كريستاني: "هذه الشحنة ستدعم أكثر من 50 مرفقاً صحياً في شمال غرب سورية، تحتوي على مستلزمات طبية أساسية وأدوية ومضادات حيوية مخصصة للمستشفيات والمراكز التي تعاني من نقص حاد في الإمدادات". وأشارت إلى أن هذا الدعم ليس الأول، ولن يكون الأخير، موضحة أن الشحنة الأخيرة مكّنت منظمة الصحة العالمية من تلبية احتياجات مرضى غسل الكلى عبر توفير 30 ألف وحدة، ما يشكّل خطوة مهمة في ضمان استمرار الرعاية الصحية في مناطق تعاني من هشاشة الوضع الإنساني.

وفي السياق، قال الدكتور عبد الباقي محمود، مدير النظم الصحية في مكتب منظمة الصحة العالمية بتركيا: "نحن اليوم في مستودعات منظمة يداً بيد، حيث وصلت شحنة بوزن 20 طناً من المساعدات الطبية بقيمة تقارب 100 ألف دولار، وهي جزء من سلسلة شحنات يتجاوز مجموعها 700 ألف دولار أميركي، وستتوالى تباعاً لتصل إلى المستودعات، ومن ثم إلى أكثر من 50 مرفقاً صحياً في مناطق شمال غرب سورية".

وأضاف لـ"العربي الجديد": "وجود مثل هذا المخزون في مستودعات الشركاء الموثوقين كمنظمة يداً بيد، ولتي تعمل مع منظمة الصحة العالمية منذ سنوات، يضمن الحفاظ على الأدوية في ظروف ملائمة وتوزيعها بشكل فعال على المنشآت المحتاجة".

في أحد المراكز الصحية المستفيدة من المشروع في إدلب، عبّر محمد الرشاد، وهو مريض مزمن يعاني من ارتفاع ضغط الدم، عن امتنانه لهذا الدعم، قائلاً: "منذ أكثر من عامين، أواجه صعوبة في شراء الأدوية بسبب ارتفاع أسعارها. كثير من المرضى مثلنا كنا نضطر أحياناً لتقليل الجرعات أو التوقف عن العلاج بسبب العجز المالي". وأضاف بحزن ممزوج بالامتنان: "حين أخبرني الطبيب أن الدواء سيصل مجاناً عبر منظمة يداً بيد، لم أصدق. هذه الأدوية المجانية ليست فقط علاجاً لنا، بل هي أمل في الاستمرار بالحياة دون تهديد مستمر بسبب المرض، هذا إن وُزِّعَت بشكل عادل ولمحتاجيها الأساسيين".

المساهمون