استمع إلى الملخص
- أطلق ناشطون حملة "زيرو كريساج" لمطالبة السلطات بالتصدي لظاهرة السرقة تحت تهديد السلاح الأبيض، من خلال زيادة الدوريات الأمنية وتفعيل تقنيات المراقبة.
- دعا رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى حوار مجتمعي شامل لمعالجة جذور العنف، مثل المخدرات والبطالة، وتحسين ظروف المؤسسات السجنية.
تتجّه حكومة المغرب نحو تشديد العقوبات لمواجهة جرائم حمل السلاح الأبيض في الشارع العام، في ظل مؤشرات مرتفعة لحالات الاعتداءات والعنف التي سُجّلت في الآونة الأخيرة. ويُنتظر، وفق وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، التشدّد في العقوبات في جرائم حمل السّلاح الأبيض في الشارع العام، لمواجهة حوادث السرقة بالعنف، واستعمال الأسلحة البيضاء التي ألقت بظلالها على العديد من مدن المغرب في الأيام الماضية.
وكان لافتاً كشف الوزير المغربي الذي كان يتحدث، مساء أمس الاثنين، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) أن مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي تُعِدّه الحكومة حالياً سيشدّد القوانين في جرائم حمل السلاح الأبيض من خلال تعديل المادة 303 مكرّر وتوسيع مفهوم السلاح وتشديد العقوبة.
وبلغة حازمة، توعّد وهبي بتشديد العقوبات في جرائم حمل السلاح الأبيض في الشارع العام بالقول "لدينا شرطي قطعت يده في أكادير وفتيات صغيرات أصبن في وجوههنّ، يجب التشدّد في هذا الموضوع"، مؤكداً أنه " لا معنى لتجول مواطن في الشارع العام يحمل معه سيفاً أو سكيناً أو أي وسيلة يمكن أن تؤذي الآخرين، يجب أن ينتهي هذا الموضوع"، وأن" توجه القضاء والنيابة العامة في هذا الإطار محمود".
وكان ناشطون مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي قد أطلقوا، مؤخراً، حملة "زيرو كريساج" لمطالبة السلطات الأمنية بالتصدي للجريمة والسرقة التي انتشرت في الفترة ما بعد شهر رمضان، من خلال استخدام السلاح الأبيض في تنفيذ عمليات سرقة واعتداءات شملت مدنا عدّة، من بينها فاس والمحمدية والرباط وسلا والدار البيضاء وتمارة وطنجة والقنيطرة والقصر الكبير، وأثرّت في إحساس المواطنين بالأمان.
وليست ظاهرة "الكريساج" أو السرقة تحت تهديد السلاح في الشارع العام وليدة اليوم، لكن أشرطة فيديو وصوراً نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وثّقت حالات سرقة مقرونة بضرب وجرح باستخدام أسلحة بيضاء (سيوف وخناجر وسواطير)، ما حولها إلى كابوس يؤرق المغاربة، ويؤكد مطلقو الحملة أنها تهدف لإيصال صوتهم إلى الجهات الأمنية المسؤولة من أجل تحفيزها على اتخاذ تدابير فعالة ضدها.
وطالب أصحاب الحملة، بإعادة الأمن إلى الشوارع والأزقة، مؤكدين الحاجة الملحة إلى تدخل المسؤولين الأمنيين وتشديد العقوبات في حقّ منفذي الاعتداءات بالسلاح الأبيض، وزيادة عدد الدوريات في الأحياء والأماكن ذات الكثافة السكانية، وكذلك إطلاق حملات تطهير واسعة تستهدف أوكار الإجرام، مع تعزيز استثمار الدولة في تقنيات المراقبة الذكية، وتفعيل الربط بين الأجهزة الأمنية والمواطنين عبر تطبيقات التبليغ الفوري.
إلى ذلك، قال رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان (غير حكومية) إدريس السدراوي، إن الرابطة تتابع بقلق بالغ تصاعد ظاهرة العنف في الفضاءات العامة، وتزايد الجرائم المرتكبة باستعمال السلاح الأبيض، التي أصبحت تشكّل تهديداً حقيقياً لأمن وسلامة المواطنات والمواطنين، وتكشف عن خلل عميق في المنظومة المجتمعية والسياسات العمومية ذات الصلة.
وأضاف السدراوي في حديث مع "العربي الجديد": "إذ نثمن إعلان وزير العدل عن التوجه نحو تشديد العقوبات ضدّ حاملي السلاح الأبيض، فإننا نؤكد أن الأمر أكبر من أن يعالج بتصريح أو مقاربة زجرية معزولة، بل يتطلب رؤية شمولية وحواراً مجتمعياً واسعاً يضم فاعلين متعددين: الدولة، الفاعلين الحقوقيين، الخبراء في علم الاجتماع، الجمعيات التربوية والثقافية، ممثلي الأسر، والشباب أنفسهم".
وأوضح أنه "لا يمكن فصل ظاهرة العنف عن واقع تفشي المخدرات، خاصة حبوب الهلوسة والمخدرات الصلبة، ولا عن انغلاق الآفاق أمام الشباب، وتفاقم البطالة والتهميش، في ظل غياب برامج حقيقية للإدماج الاجتماعي والاقتصادي"، كما لا يمكن التغاضي، وفق السدراوي، عن غياب إصلاح فعلي للمؤسّسات السجنية، التي تعاني من اكتظاظ مهول، وظروف احتجاز تفتقر لأبسط شروط الكرامة، ما يجعلها في كثير من الأحيان فضاءً لإعادة إنتاج الانحراف لا لإعادة التأهيل. وأكد رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن مواجهة هذا "الوضع المقلق تقتضي سياسة عمومية متكاملة تجمع بين الردع القانوني، والوقاية الاجتماعية، والإصلاح المؤسّساتي، والعدالة الاقتصادية، بما يضمن محاصرة جذور الجريمة لا ملاحقة مظاهرها فحسب"، ودعا إلى فتح ورش وطنيّة عاجلة لحوار مجتمعي شامل حول سبل تعزيز الأمن الإنساني، ومكافحة أسباب العنف، وبناء مجتمع يضمن الكرامة والعدالة والفرص المتساوية للمواطنات والمواطنين كافة.
وينص الفصل 507 من القانون الجنائي على أنه، "يُعاقب على السرقة بالسجن المؤبد إذا كان السارقون أو أحدهم حاملاً لسلاح، حسب مفهوم الفصل 303، سواء كان ظاهراً أو خفياً، حتى ولو ارتكب السرقة شخص واحد وبدون توفر أي ظرف آخر من الظروف المشدّدة. وتطبق العقوبة نفسها، إذا احتفظ السارقون أو احتفظ أحدهم فقط بالسلاح في الناقلة ذات المحرك التي استعملت لنقلهم إلى مكان الجريمة أو خصصت لهروبهم"، وينص الفصل 303 أنه "يعد سلاحاً في تطبيق هذا القانون، جميع الأسلحة النارية والمتفجرات 121، وجميع الأجهزة والأدوات أو الأشياء الواخزة أو الراضة أو القاطعة أو الخانقة. دون الإخلال بالعقوبات المقررة في حالة خرق النصوص المتعلقة بالأسلحة والعتاد والأدوات المفرقعة، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من 1200 إلى 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فحسب، كل من ضبط في ظروف تشكل تهديداً للأمن العام أو السلامة الأشخاص أو الأموال وهو يحمل جهازاً أو أداةً أو شيئاً واخزاً أو راضاً أو قاطعاً أو خانقاً، ما لم يكن ذلك بسبب نشاطه المهني أو لسبب مشروع".