تزايد تهريب المهاجرين عبر ليبيا بسبب الفوضى في الجنوب

تزايد تهريب المهاجرين عبر ليبيا بسبب الفوضى في الجنوب

27 مايو 2021
تكرر إنقاذ المهاجرين قبالة السواحل الليبية (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

سببت الأحداث الأخيرة التي عاشتها تشاد، جارة ليبيا الجنوبية، عاملاً إضافياً في تدفق المهاجرين السريين، وتوسع نشاط نقاط التهريب على الساحل الليبي.

أعلنت قوات البحرية الليبية مؤخراً عن تمكنها من إنقاذ 195 مهاجراً سرياً ينتمون إلى جنسيات مختلفة، غالبيتهم أفارقة، بعد إحباط محاولتين منفصلتين لتهريبهم عبر قوارب في نقاط التهريب بالساحل الغربي للبلاد.

وقال بيان للبحرية الليبية، إن زورقاً تابعاً لحرس السواحل "تمكن من إنقاذ 114 شخصاً ينتمون لجنسيات أفريقية وعربية، كانوا في طريقهم نحو الشواطئ الأوروبية على متن زورق مطاطي، وذلك بعد تلقي نداء استغاثة بهذا الشأن". وأضاف البيان أن زورقاً آخر تمكن في عملية منفصلة، من إنقاذ 81 مهاجراً "أثناء محاولتهم التوجه نحو الشواطئ الأوروبية على متن زورق مطاطي".

ومن دون أن تحدد البحرية الليبية نقاط إحباط عمليات الهجرة، قال البيان إنه "تم إنزال المهاجرين في قاعدة طرابلس البحرية، قبل نقلهم إلى مقر إيواء تابع لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، والذي سيتابع رعايتهم، وإتمام إجراءات ترحيلهم إلى بلدانهم".

وقبل نحو أسبوعين، أعلن الناطق باسم القوات البحرية، إبراهيم عبد الصمد، إنقاذ 151 مهاجراً سرياً في عرض البحر المتوسط، بينما كانوا في طريقهم إلى الشواطئ الأوروبية على متن زورقين مطاطيين، وإعادتهم إلى العاصمة طرابلس، في عمليتين منفصلتين في منطقة المسؤولية الليبية بمياه البحر المتوسط. وأوضح عبد الصمد، عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، أن "عملية الإنقاذ الأولى جرى خلالها إنقاذ 51 مهاجراً من جنسيات أفريقية، من بينهم 10 من مالي، و9 من الكاميرون، و14 من كوت ديفوار، و8 من غينيا، وواحد من السنغال، و5 من سيراليون، و2 من نيجيريا، و2 من بنين".

وحول العملية الثانية، أوضح أنه "تم إنقاذ 100 مهاجر خلالها، وكلهم من جنسيات أفريقية، ونقلهم إلى قاعدة طرابلس البحرية"، لافتاً إلى أن المهاجرين في العمليتين تم نقلهم إلى مراكز إيواء لـ"رعايتهم، وإتمام إجراءات ترحيلهم إلى بلدانهم سالمين".

يقول الضابط في "جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية"، رمضان الشيباني، لـ"العربي الجديد"، إن النشاط المتزايد لحركة تهريب المهاجرين السريين لافت في توقيته، ويعكس وجود أسباب جديدة حدت بالمهاجرين إلى الإقبال على نقاط التهريب، مرجحاً أن يكون لتلك الأسباب علاقة بالتوتر الذي عاشته منطقة شمال تشاد مؤخراً.

وتعتبر الحدود التشادية من بين أنشط الممرات التي يعبر من خلالها المهاجرون القادمون من دول أفريقية عدة إلى الجنوب الليبي، حيث تنتشر عشرات الأماكن التي أقامتها عصابات تهريب البشر لتجميع المهاجرين. وحسب معلومات الشيباني، فإن "التوتر في شمال تشاد خلق مخاوف لدى المهاجرين، حتى القادمين من خطوط تهريب أخرى لا تمر عبر تشاد"، مؤكداً أن "مخاوف المهاجرين خلقت مخاوف مماثلة لدى المهربين، والذين باتوا يخشون من خروج المهاجرين في أماكن التجميع عن سيطرتهم، ولذا يسارعون بنقلهم إلى نقاط العبور في الشمال".

الصورة
مراكز إيواء المهاجرين الليبية غير إنسانية (محمود تركية/فرانس برس)
مراكز إيواء المهاجرين الليبية غير إنسانية (محمود تركية/فرانس برس)

ولا تبدو الإحصائيات الليبية الرسمية معبرة عن كامل النشاط الذي تشهده نقاط التهريب، ففي مطلع مايو/ أيار الجاري، نقلت وسائل إعلام غربية عن منظمات إنسانية أنباء عن إنقاذ أكثر من 600 مهاجر قبالة سواحل ليبيا الغربية بواسطة سفن الإنقاذ الدولية، مشيرة إلى أن عملية إنقاذهم تمت خلال ثلاث عمليات منفصلة جرت خلال يومين، وأن شهادات الناجين أكدت أن 11 مهاجراً من زملائهم قضوا غرقاً.

وفي أنباء أخرى، أكدت وسائل إعلام غربية، فقدان أكثر من 20 مهاجرا وإنقاذ 42 آخرين، بعد انقلاب قارب كانوا على متنه قبالة ليبيا يوم العاشر من مايو/ أيار الجاري.

من جهته، يلفت الناشط المدني من سبها (جنوب)، السنوسي عز الدين، إلى أسباب أخرى قد ينظر إليها على أنها جددت نشاط طرق التهريب، تتعلق بمشاركة عناصر من حركات التمرد في تشاد في تجارة البشر، وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "مسلحين من حركات التمرد الذين شاركوا في أحداث تشاد الأخيرة، لديهم معرفة بالمسارب الصحراوية، ولذا فقد شاركوا في تجارة البشر كونها تشكل مصدراً مهماً لتمويل نشاطهم"، معبراً عن اعتقاده بأن "فوضى المنطقة، وإمكانية انجراف الجنوب الليبي في الصراع، تسبب في خوف كثير من المهاجرين، وحدا بهم إلى سرعة الهرب إلى مناطق الشمال".

وأعربت منظمات دولية وأممية مراراً عن قلقها من عمليات إعادة المهاجرين قسراً إلى ليبيا، مشيرةً إلى أن مراكز الإيواء في البلاد لا تتوفر فيها ظروف إقامة ملائمة، ولا تمكنهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية، وأنها تزيد من معاناتهم القائمة.

المساهمون