تزايد العمارات الآيلة للسقوط في ليبيا وسط تجاهل حكومي

05 مايو 2025   |  آخر تحديث: 05 مايو 2025 - 00:27 (توقيت القدس)
انهيار مبنى في بلدة جنزور غرب ليبيا، 8 نوفمبر 2024 (حمزة الأحمر/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت لجنة حصر وتقييم المباني المتضررة في بنغازي عن وجود 262 مبنى غير آمن في مناطق شرقي ليبيا، مما يشكل خطراً على حياة السكان، وسط غياب إجراءات رسمية فعالة.
- أطلقت بلدية بنغازي تحذيرات بشأن تدهور حالة المباني، مثل عمارة سيدي حسين، بسبب تسرب مياه الصرف الصحي، مع استجابة حكومية محدودة رغم المناشدات.
- يعبر الناشط الحقوقي عقيلة الأطرش عن استيائه من تجاهل الحكومات لمخاطر المباني المتهالكة، مشيراً إلى ارتباط الظاهرة بفساد المسؤولين وتجاهل الأولويات الحقيقية للمواطنين.

كشف إعلان لجنة حصر وتقييم المباني المتضرّرة في مدينة بنغازي الليبية، عن استمرار مخاطر العمارات الآيلة للسقوط في أكثر من منطقة ومدينة ليبية، من دون رصد أي إجراءات عملية أو خطوات رسمية لإنقاذ حياة قاطنيها.
وأعلنت اللجنة أخيراً، تصنيف 262 مبنى في أربع مناطق في شرقي البلاد، هي بنغازي والمرج وسلوق وأوجلة "غيرَ آمنة وتشكّل خطراً على حياة السكان". ولا يفصل هذا الإعلان سوى عدّة أشهر عن واقعة انهيار عمارة سكنية مكوّنة من ثلاثة طوابق بمنطقة جنزور غربي طرابلس، في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة عشرة آخرين من سكانها.
وفي الأسبوع ذاته أطلقت بلدية بنغازي إنذاراً بشأن عمارة سكنية مكونة من سبعة طوابق في منطقة سيدي حسين، إذ أكدت أن تسرّب مياه الصرف الصحي من المواسير المتهالكة أدى إلى تآكل الخرسانة وحديد التسليح في الأعمدة والأسقف، ما جعل المبنى خطراً محدقاً بقاطنيه.
وتقع هذه الحوادث والإعلانات ضمن سلسلة متلاحقة من التحذيرات من مخاطر المباني المتهالكة، ففي نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023، ناشدت بلديتها حكومة الوحدة الوطنية لـ"إيجاد حلول جذرية" لأزمة المباني المتهالكة في أحياء حي الظهرة وعمر المختار وميدان الشهداء وبلخير، الواقعة في وسط العاصمة، معلنة عن اكتشاف 60 عقاراً جديداً يضاف إلى 560 عقاراً جرى حصرها عام 2018. وجاء هذا الإعلان بعد عام من انهيار عمارتَين في أحياء الرشيد وبلخير في طرابلس، راح ضحية إحداهما قتيل، فيما نجا سكان الأخرى، وسط غياب أي تحرك رسمي لمنع تكرار الكارثة.
يعتبر الناشط الحقوقي والمدني عقيلة الأطرش، إعلان لجان الحصر في بنغازي عن عدد جديدة من المباني المتهالكة بأنه "سينضمّ إلى سلسلة التجاهل" التي تنتهجها حكومات البلاد، مضيفاً: "لا نحتاج لتوضيح حكومي حيال اهتمامها بأرواح سكان هذه المباني، فإمكان أي شخص أن يتجول في أحياء الظهرة وبلخير وغيرها ليتأكد من أن السكان لا يزالون في منازلهم وعماراتهم البالية رغم التحذيرات التي أعلنتها بلدية طرابلس منذ 2018".

فرق الإنقاذ تعمل على انتشال أنقاض مبنى منهار بطرابلس (الأناضول)
فرق الإنقاذ تعمل فوق أنقاض مبنى منهار في طرابلس، 8 نوفمبر 2024 (الأناضول)

ويوضح الأطرش، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ الحكومة في بنغازي ستتعامل مع الإعلان الأخير عن 262 مبنى بوصفها آيلة للسقوط، بالأسلوب نفسه والتجاهل عينه، والأمر لن يتعدى تقارير الحصر والتقييم دون الإجراء الأهم وهو الإخلاء العاجل لإنقاذ أرواح السكان. ويصف المتحدث تلك المباني المتهالكة "بمساكن الموت البطيء" ليس لأنها معرضة للسقوط في أي لحظة فحسب، بل لأن سكانها يعيشون وسط أخطار صحية تتسبب فيها نسب الرطوبة المرتفعة وتسرب مياه الصرف الصحي، ما يجعلهم عرضة لمختلف الأمراض، خاصة الأطفال منهم.
ويلفت الأطرش إلى أرقام الميزانيات التي تنفقها حكومتا البلاد في مجالات الإعمار والتنمية، مقابل تزايد أعداد المباني المتهالكة، وغياب استراتجيات حكومية للاستعداد لأي كوارث قد تنجم عن سقوط أي عمارة.
ويستشهد الأطرش بحادثة سقوط العمارة السكنية في جنزور، في نوفمبر الماضي، "حتى عمليات إسعاف المصابين قام بها جيران العمارة، وهم من وفّروا جرافات لنقل الركام بحثاً عن الناجين"، لافتاً إلى أن تصريحات الحكومة في طرابلس وقتها عزت سبب الانهيار إلى "غش في البناء"، لكنها لم تكشف عن نتائج التحقيقات في الكارثة رغم إعلانها عن عزمها ملاحقة المُقصّرين ومعاقبهم.

ويربط الأطرش بين تفشي ظاهرة العمارات الآيلة للسقوط وفساد المسؤولين، متسائلاً: "أين مشاريع الإعمار والبناء التي تعلن عنها الحكومة في بنغازي كل يوم وتنفق فيها الأموال؟ وفي المدينة ذاتها يعيش سكان عمارة سيدي حسين وسط شبح الموت". ويلفت إلى أن هذه الظاهرة تكشف عن أزمة سكن يعانيها الأهالي، وإلّا "كيف يرضى سكان هذه العمارات بالبقاء فيها والموت يهدّدهم؟ لا أعتقد أن مثل هذه الأزمة يمكن أن يحلها مسؤولون يلتفون عن الأولويات ويسعون لبناء المنشآت الضخمة لأنها تخدم سعيهم للظهور أمام الرأي العام وتسجل لهم في سجلاتهم".

المساهمون