تزايد أعداد ونفوذ المليشيات الأميركية المسلحة... وترامب يدعم إحداها

تزايد أعداد ونفوذ المليشيات الأميركية المسلحة... وترامب يدعم إحداها

02 نوفمبر 2020
من مسيرة مسلحة لمليشيا "برود بويز" الأميركية العنصرية (جون رودوف/الأناضول)
+ الخط -

خلال المناظرة الانتخابية الأولى التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب وخصمه الديمقراطي جو بايدين، أشاد ترامب بجماعة "براود بويز" (الفتيان الفخورون)، وناشدها البقاء على أهبة الاستعداد، وهي مليشيا مسلحة من المجموعات العنصرية البيضاء، وتصنفها منظمات حقوقية ضمن الجماعات التي تحرض على الكراهية ضد المسلمين واليهود والعرب والسود وذوي الأصول اللاتينية والمهاجرين.

وتؤمن "براود بويز" بالعنف والتفوق العرقي للبيض من أصول أوروبية، وكشفت مؤسسة "ساوث بوفيرتي لو سنتر"، التي ترصد التطرف في الولايات المتحدة، أن الناشط اليميني الكندي، غافين ماكينز، أسس المجموعة عام 2016، وسط حملة الانتخابات الأميركية، ورصدت قائمة طويلة من تصريحات ماكينز لوسائل إعلام يمينية أميركية، ومنها قوله في مارس/آذار 2017، في برنامجه الإذاعي: "الفلسطينيون أغبياء. المسلمون أغبياء. الشيء الوحيد الذي يحترمونه حقًا هو العنف"، وفي اقتباس آخر من نفس الحلقة يقول: "لماذا لا نستعيد بيت لحم؟ لماذا لا نستعيد شمال العراق؟ لماذا لا نبدأ الحروب الصليبية؟ هذا ما كانت عليه الحروب الصليبية. لم يكونوا مجرد أشخاص هاجموا المسلمين من دون سبب، لقد قاموا بحملاتهم كرد فعل على الاستبداد الإسلامي. وقاومنا آنذاك".

وتصنف المجموعة نفسها على أنها "ذكورية وشوفينية"، ومن غير المستغرب أن تصريحات أعضائها معادية للنساء ومحرضة على العنف ضدهن، ورغم كل ذلك ناشدها الرئيس الأميركي في المناظرة البقاء على أهبة الاستعداد، في تلميح لاحتمال خسارته الانتخابات، أو حثهم بشكل غير مباشر على مضايقة الناخبين المنتمين إلى الأقليات.


ومع تولي ترامب الحكم، زادت الجماعات المسلحة والمليشيات الأميركية، وحاولت فرض وجودها في المشهد العام، إذ لم تعد تقتصر مسيراتها على استعراض القوة، بل أصبحت تحاول التأثير على مجريات الأمور، وفرض واقع على مهام يفترض أن تتولاها قوات الأمن والشرطة المحلية في الولايات والمدن التي تنشط بها، كما أن بعض الجماعات تربطها علاقات وثيقة مع بعض أفراد الشرطة، وكان هذا ملحوظا في أكثر من مسيرة.

بيد أنه من الخطأ الاعتقاد أن نشاط تلك المليشيات بدأ مع ترامب، إذ نشطت مع وصول بيل كلينتون إلى سدة الحكم، وتواصل ظهورها في عهد باراك أوباما، حين شعر كثير من البيض العنصريين بتهديد بسبب وجود رجل أسود في البيت الأبيض.

وتروج تلك المليشيات والجماعات أن السجادة تسحب من تحت أقدام البيض من أصول أوروبية في الولايات المتحدة، وأن المهاجرين والأقليات سيسيطرون على البلد، على الرغم من أن الواقع يشير إلى أن الأميركان البيض يشكلون 70 في المائة من السكان في الولايات المتحدة، ويمسكون بمقاليد الحكم، ليس في السياسة فحسب، بل في المؤسسات الاقتصادية والثقافية والإعلامية أيضا.

 الفارق أن تلقى تلك المليشيات دعما ضمنيا من الرئيس الأميركي، والذي رفض في أكثر من مناسبة إدانتها، بل أشاد ببعضها، وعندما يحاصره الصحافيون بالأسئلة حول الموضوع، يدين الجماعات التي تؤمن بالتفوق العرقي للبيض من دون أن يسمي أياً منها، ثم يمدح بعضها مدعيا أن بعض أعضائها شباب جيدون.

ولأن اقتناء السلاح وتأسيس المليشيات حق قانوني في الولايات المتحدة، مع وجود اختلافات بين الولايات، فإن محاربتها ليست صعبة فحسب، بل إن حصرها أو رصدها ليس سهلا. ورغم وجود جماعات مسلحة ومليشيات من الأقليات كـ"المليشيا السوداء"، إلا أنها لا يمكن مقارنتها بالأخرى البيضاء.

ونظمت "المليشيا السوداء" أول مسيرة علنية لها في مايو/أيار الماضي، في مدينة برونزويك بولاية جورجيا، رداً على مقتل الشاب الأسود أحمد أربيري على يد اثنين من الأميركان البيض، والذي يرجح أنه كان لأسباب عنصرية، وضمت المسيرة قرابة ألف رجل وامرأة مدججين بالسلاح، جابوا شوارع مدينة ستون ماونتين، حيث مسقط رأس المنظمة العنصرية "كو كلوس كلان"، التي أعدمت وعذبت ولاحقت آلاف الأميركيين السود، ونشطت بشكل كبير في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، إلا أن جذورها تعود إلى القرن التاسع عشر.

الصورة

وتهدف المليشيا السوداء إلى الدفاع عن السود ضد عنف الشرطة، وضد جماعات مسلحة عنصرية تستهدفهم، ونسبة كبيرة من أعضائها كانوا جنودا في الجيش، وينفي مؤسسوها أي ارتباط لهم بـ"حزب الفهود السود" الذي أسسه طلاب جامعيون في كاليفورنيا عام 1966، وكانت له فروع في عدد من الولايات الأميركية، وظل فعالا حتى 1982، وكان أحد أسباب تأسيسه حماية السود من عنف الشرطة، وتأسيس مجموعات تقوم بدوريات لمراقبة الشرطة، كما أسس عدداً من البرامج الاجتماعية.

لا توجد أرقام واضحة حول عدد أعضاء المليشيات والجماعات المسلحة اليمينية والمتطرفة، فبعضها لا يزيد عدد أفراده عن العشرات، والبعض الآخر تعداده بالآلاف، وتقدر مؤسسة "ساوث بوفيرتي لو سنتر" أن هناك 576 مجموعة متطرفة مناهضة للحكومة كانت ناشطة في عام 2019، من بينها 181 من المليشيات المسلحة. لكن عددا منها جذب الانتباه خلال السنوات الأخيرة، مثل حركة "بوغالو" التي برزت خلال السنتين الأخيرتين لمناهضة تصاعد نشاط الحركات السلمية المطالبة بوقف عنف الشرطة الأميركية ضد السود.

وحسب تحقيقات صحافية وأبحاث لمؤسسات حقوقية، فإن الشرطة الأميركية قامت في الأشهر الأخيرة بتوجيه تهم لقرابة ثلاثين شخصا ينتمون إلى "حركة بوغالو" بارتكاب جرائم، بينها قتل ضابطي أمن في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا خلال شهر مايو/أيار، في حادثين منفصلين، كما ألقت الشرطة القبض على عددٍ منهم بسبب تخطيطهم لاختطاف حاكمة ولاية ميشيغن، جريتشن ويتمير.
وفي مثال آخر، هددت مليشيا "حفظة القسم" حاكمة ولاية أوريغون بسبب محاولتها فرض قانون يحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عدد من الصناعات، واتخاذ إجراءات تحمي البيئة، وهي واحدة من المليشيات المسلحة التي لديها عشرات آلاف المؤيدين، وتدعي أنها تريد حماية الدستور الأميركي بأي طريقة، بما فيها حمل السلاح، فضلا عن إيمانها بالتفوق العرقي للبيض.

المساهمون