ترامب يجسّد مفهوماً ذكورياً للسلطة الأميركية

16 فبراير 2025
ترامب محاطاً بالنساء عند توقيع مرسوم، الولايات المتحدة الأميركية، 5 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تبنى الرئيس ترامب نهجاً ذكورياً في إدارته، مدعوماً من إيلون ماسك، حيث حظر وجود المتحولين جنسياً في الإدارات والرياضات النسائية، مما يعكس تعزيز الذكورية التقليدية.
- أستاذة التواصل كارين إندرسون تشير إلى أن تركيز ترامب على النوع الاجتماعي يعكس مجتمعاً أبويّاً، مع تغييرات في التسميات وتعيين وزير الدفاع بيت هيغسيث المتهم بالتعدي الجنسي.
- إدارة ترامب تقترن بالتديّن، حيث يطرح نفسه كقائد مرسل من الله، مع فريق يهيمن عليه الرجال، لكنه يشمل نساء في مناصب استراتيجية لتحقيق توازن.

بعد اتّهامه في خلال الحملة الانتخابية بنشر "رجوليّة سامّة"، اعتمد الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية نهجاً ذكورياً في إدارة شؤون الولايات المتحدة الأميركية والعالم، مدعوماً في ذلك من مساعده المقرّب إيلون ماسك. وأعرب رئيس شركتَي "تيسلا" و"سبيس إكس" علناً، يوم الأربعاء الماضي، عن مخاوف حيال تهديدات قال إنّها تحاصر الرجال بسبب سياسات ترقية النساء ومكافحة التمييز على أساس النوع الاجتماعي.

وقال ماسك، في مداخلة عبر اتصال بتقنية الفيديو، إنّه "في حال جرت برمجة ذكاء اصطناعي للترويج للتنوّع بأيّ ثمن، فقد يقرّر أنّ ثمّة عدداً أكبر ممّا ينبغي من الرجال في السلطة، ويعدمهم". وينشر الملياردير الأميركي، الذي يشنّ لحساب ترامب حملة شرسة على هيئات الإدارة الفيدرالية في الولايات المتحدة الأميركية وموظفيها، رسائل على موقعه إكس من نوع "لن أكذب، التستوستيرون (الهرمون الأساسي عند الذكور) أمر رائع".

ومنذ عودته إلى السلطة في ولاية رئاسية ثانية، في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، وضع ترامب حداً لوجود المتحوّلين جنسياً في إدارات الولايات المتحدة الأميركية، بعدما تودّد تحديداً في خلال الحملة إلى الناخبين الشبّان والذكور، كما وقّع الرئيس الملياردير، البالغ من العمر 78 عاماً الذي وعد بـ"حماية" النساء، مرسوماً يحظّر على المتحولين جنسياً المشاركة في مباريات رياضية نسائية، علماً أنّه حرص في خلال مراسم التوقيع على إحاطة نفسه بنساء من كلّ الأعمار.

"رجال الجوّ" و"ذكور ألفا"

ورأت أستاذة التواصل في جامعة "كولورادو" الأميركية الرسمية كارين إندرسون أنّ "التركيز على مفهوم متصلّب وثنائيّ للنوع الاجتماعي يكشف عن مجتمع أبويّ يحنّ إلى زمن مضى، ويريد العودة إلى مفهوم من منتصف القرن العشرين، حين كان الرجال البيض الخمسينيون غير المثليّين يتربّعون في أعلى هرمية الهوية" الجنسية، وقد تكيّفت إدارة ترامب مع هذا المفهوم حتى في التسميات، فبدلت على سبيل المثال اسم نظام الإخطار للطيّارين من "إنذار لمهمّات الجوّ" إلى "إنذار لرجال الجوّ".

وقد نشر وزير الدفاع الأميركي الجديد بيت هيغسيث الذي تتّهمه امرأة بالتعدّي عليها جنسياً في عام 2017، والذي انتقد وجود نساء في صفوف القوات المسلحة الأميركية، صوراً يظهر فيها وهو يمارس الرياضة مع عسكريين وسط الثلوج في بولندا، أوّل من أمس الجمعة، وتبجّح هيغسيث بأنّه أنجز خمس سلاسل من 47 تمرين ضغط، في إشارة إلى ترامب الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأميركية.

من جهته، أعطى أحد مستشاري البيت الأبيض الأكثر نفوذاً ستيفن ميلر، عبر قناة فوكس نيوز الإخبارية، نصائح غرامية قبل الانتخابات، مشجّعاً الشبّان على المجاهرة بدعمهم للمرشّح الجمهوري دونالد ترامب، وقال: "أظهروا أنّكم رجال حقيقيون. أظهروا أنّكم لستم ذكورَ بيتا"، في تسمية تشير إلى الرجال الخاضِعين مقارنة بـ"الذكور ألفا" المسيطِرين.

وتقترن هذه الذكورية بالتديّن، إذ لا يتردّد دونالد ترامب، في هذا المجال، في طرح نفسه "قائداً مرسلاً من الله"، ووصفَه وزير الصحة الأميركية الجديد روبرت إف كينيدي جونيور، يوم الخميس الماضي، بأنّه "رجل على حصانه الأبيض" يأتي لإنقاذ الولايات المتحدة الأميركية.

ذكورية ترامب "سليمة" 

في سياق متصل، كتب رئيس منظمة "فوكوس أون فاميلي" (التركيز على العائلة) الإنجيلية المحافظة جيم دالي، في موقع "واشنطن إكزامينر" الإعلاميّ المحافظ، أواخر يناير الماضي، أنّ "إحياء الذكورية الأميركية من أمسّ حاجات أمّتنا"، ورأى دالي، في مقاله، أنّ ترامب يجسّد "ذكورية سليمة" تذكّر بسلفه الجمهوري رونالد ريغان الذي علّق الرئيسُ الحالي صورة له أخيراً في المكتب البيضاوي.

وأخيراً، يجلس ترامب على مرأى من الممثّل السابق لأفلام الغرب الأميركي (ويسترن) ويوقّع عشرات المراسيم التي تثبت، بحسب رأي أستاذة التواصل في جامعة "كولورادو"، مفهومه للسلطة المبنيّ على القوة، وأوضحت إندرسون أنّه "بالتفافه على الكونغرس وتجاهله التوازن الدستوري بين السلطات، فإنّ ترامب (يختار) سلطة ذكورية بدلاً من نهج تعاوني ديمقراطي".

وشكّل الرئيس الجمهوري للولايات المتحدة الأميركية، الذي حُكم عليه في عام 2023 بدفع مليون دولار أميركي من التعويضات لكاتبة بعد إدانته بالتعدّي عليها جنسياً، فريقاً يهيمن عليه الرجال. لكنّه أحاط نفسه في المقابل بعدد من النساء، يفوق عدد النساء اللواتي عملن معه خلال ولايته الأولى (2017-2021)، بعضهنّ في مناصب استراتيجية رفيعة المستوى. يُذكر أنّ في طليعة نساء فريق ترامب الحالي كبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز التي يلقّبها بـ"السيّدة الجليد" بسبب هدوئها وسطوتها، وهي المرأة الأولى التي تتولّى هذا المنصب.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون