تداعيات ارتفاع ضغط الدم لدى الشباب

تداعيات ارتفاع ضغط الدم لدى الشباب

15 مايو 2022
ضرورة علاج ارتفاع ضغط الدم لدى الشباب مبكراً (Getty)
+ الخط -

كشفت نتائج دراسة عرضت في مؤتمر دولي، نظمته الجمعية الأميركية للسكتة الدماغية في فبراير/ شباط الماضي، عن ارتباط وثيق بين ارتفاع ضغط الدم لدى الأفراد الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و40 سنة، وبين تغيرات إدراكية يعرفونها في منتصف العمر.
فحصت الدراسة، التي شملت 142 مشاركاً، آثار ارتفاع ضغط الدم على الدماغ لدى جميع الأعمار، ووجدت أنه يرتبط بتغير بنية الدماغ ووظائف الأوعية الدموية الدماغية، كما أن له تأثيراً على القدرات المعرفية، وأكدت النتائج أن ارتفاع ضغط الدم قد يزيد من خطر التدهور المعرفي، وأوصت بضرورة علاج الشباب المصابين به في مرحلة مبكرة لوقايتهم من تدهور حالة أدمغتهم في المستقبل.
وعلى الرغم من عدم وجود أدلة كافية لشرح نمط العجز الدماغي المرتبط بارتفاع ضغط الدم، لكن الدراسة تؤكد ضرورة التدخل المبكر، وأنه قد يساعد في الحفاظ على قيام المخ بوظائفه بالشكل الأمثل، حسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية. 

وأثارت الدراسة مخاوف داخل المجتمع الطبي الأميركي، اعتماداً على أن ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال تضاعفت نسبته في الولايات المتحدة أربعة مرات خلال الثلاثين عاماً الماضية، وفق موقع "جونز هوبكنز"، كما أن واحداً من كل 25 أميركياً تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 19 سنة يعاني من ارتفاع ضغط الدم، فيما أكدت بيانات مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن شخصاً واحداً من كل 10 شبان يعاني من هذا المرض.
تقول كريستينا لاينباك، المؤلفة الرئيسية للدراسة وزميلة طب الأعصاب الوعائية في مستشفى "نورث وسترن ميموريال" في شيكاغو، إن "مناطق الدماغ التي قمنا بقياسها هي هياكل مهمة مسؤولة عن تكوين الذاكرة، وقد بدت أكثر عرضة لتداعيات أمراض ضغط الدم. ارتفاع ضغط الدم يمكن أن يؤثر في قدرات المصابين، بما في ذلك القدرة على المشي، وعلى الإدراك، وحتى التعبير عن العواطف. إذا قمنا بالتحكم بشكل أفضل في ضغط الدم لدى الشباب، فستكون هناك تغيرات سلبية أقل في الدماغ بمرور الوقت".
ولا يستبعد أخصائي الطب العام حسين عياش أن يكون لارتفاع ضغط الدم تأثيرات على البنية المعرفية للأشخاص، على اعتبار أنه يصيب الأوعية الدقيقة في الدماغ، ما يؤدي إلى إحداث تأثيرات مباشرة على كثير من الوظائف الدماغية.
يقول عياش لـ"العربي الجديد": "يستمد الدماغ الأوكسجين من خلال تدفق الدم في الشرايين، وقد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى انسداد الشرايين الصغيرة، ما يمنع تدفق الأوكسجين بالشكل المطلوب. في بعض الأحيان، يؤدي نقص تدفق الأوكسجين إلى تصلب الشرايين، أو حدوث الجلطات الدموية، والمصابون بارتفاع ضغط الدم عادة ما يطلب منهم إجراء فحوص دورية للتأكد من نسب تدفق الدم إلى الدماغ، لأن تصلب الشرايين قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض عقلية، منها الخرف".

الصورة
فحص ضغط الدم لدى الشباب لم يعد رفاهية (Getty)
فحص ضغط الدم لدى الشباب لم يعد رفاهية (Getty)

ويرى أستاذ علم الأعصاب في مركز إيرفينغ الطبي بجامعة كولومبيا، ميتش إلكيند، أن التداعيات على الدماغ الناتجة عن أمراض ضغط الدم تبدأ بشكل مبكر، حتى قبل أن يلحظ المصاب ذلك"، ويشير إلى أن هناك المزيد من الأدلة على أن التغيرات المبكرة في صحة الإنسان تؤثر على صحة الدماغ، وقد تؤدي لاحقاً إلى حصول السكتات الدماغية، أو تلف المادة البيضاء في الدماغ، فضلا عن الضعف الإدراكي.
لكن ماذا لو أصيب الأطفال بأمراض ارتفاع ضغط الدم؟ ماهي التأثيرات؟
يحاول أستاذ علم الأعصاب في جامعة بيتسبرغ،  آلان سفيد، الذي شارك في كتابة مراجعة عام 2020 حول ارتفاع ضغط الدم، الإجابة عن هذه التساؤلات من خلال الإشارة إلى أنه "من غير المستبعد أن يصاب الأطفال بأمراض ضغط الدم، ما يعني أنه ستكون هناك تأثيرات سلبية على قدراتهم المعرفية. يمكن أن تساعد مراقبة ضغط الدم في الأعمار الصغيرة، والانتباه إلى ارتفاعه في مرحلة الطفولة، في تقليل المشكلات طويلة الأمد، والتداعيات في الأعمار الأكبر".
ويمكن أن يساهم نمط الحياة المحمل بالضغط العصبي في ارتفاع ضغط الدم لدى الشباب، ولذا لابد من إجراء فحوص دورية، سواء اختبارات الدم أوتحليل البول، أما بالنسبة للأطفال، فيمكن تشخيص الإصابة من خلال مراقبة قياس ضغط الدم خلال ثلاث زيارات متتالية إلى الطبيب، حسب تقرير لموقع "مايو كلينيك" الأميركي الطبي.
بعد التشخيص، تأتي مرحلة تحديد نوع ارتفاع ضغط الدم، إن كان أوليا أو ثانويا، وتعود أسباب ارتفاع ضغط الدم الأولي إلى عوامل بيئية أو وراثية، في حين يكون ارتفاع ضغط الدم الثانوي نتيجة حالة طبية أخرى.

وبالنسبة إلى العلاجات، فهي تتنوع بين تغيير نمط الحياة، والاعتماد على النظام الصحي المتوازن، أو بعض الأدوية، حسب ما يقول أخصائي أمراض الدم والطب العام الدكتور ربيع دندشي لـ"العربي الجديد"، مؤكداً أن علاج ضغط الدم قد يكون صعباً من الناحية العملية، وبالتالي، فإن الوقاية من العوامل المسببة له تظل الوسيلة الأنجع لتفادي حدوث مشكلات صحية في المستقبل. ويوضح دندشي أن "مخاطر أمراض ضغط الدم ليست محصورة في تأثيراتها على الدماغ، بل لها تداعيات تطاول صحة القلب، وتؤدي إلى عدد من الأمراض الباطنية".

المساهمون