تحذيرات دولية: سورية ليست آمنة لعودة اللاجئين

تحذيرات دولية: سورية ليست آمنة لعودة اللاجئين

15 سبتمبر 2022
أمنستي وهيومن رايتس ووتش تؤكدان أن سورية غير ملائمة لعودة اللاجئين(عز الدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -

بعد أكثر من 10 سنوات على بدء نزوح السوريين إلى خارج بلادهم بسبب التعامل العنيف لنظام بشار الأسد مع الاحتجاجات الشعبية والمعارضة المسلحة، بدأت تتصاعد جهود ودعوات داخل الدول المضيفة للاجئين من أجل إعادتهم إلى بلدهم، بدعوى أنه بات آمناً، خاصة إلى مناطق سيطرة النظام السوري.

ويحاول النظام السوري استغلال هذه الأجواء مبدياً ترحيباً مزعوماً بعودة اللاجئين، على أمل أن يرافق ذلك تدفق للمساعدات الدولية بحجة إعادة تأهيل مناطق المهجرين، إضافة إلى الانفتاح السياسي الدولي على النظامغير أن العديد من الجهات الدولية لا تنفك تحذر من أن سورية ليست بلداً آمناً لعودة اللاجئين، وخاصة مناطق سيطرة نظام الأسد.

وفي هذا السياق، دعت منظمات حقوقية دولية رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إلى وقف برنامج العودة إلى سورية، وذلك تزامناً مع زيارة يجريها المفوض الأممي إلى العاصمة دمشق

وجاء في الرسالة التي وجهتها منظمات العفو الدولية "أمنستي" و"هيومن رايتس ووتش" و"مراقبة حماية اللاجئين"، إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن "سورية غير آمنة للعودة"، داعية الأمم المتحدة إلى "وقف البرامج التي يمكن أن تحفز العودة المبكرة وغير الآمنة". 

وذكرت الرسالة أن "ظروف العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين السوريين لا تزال بعيدة المنال"، مشيرة إلى مجموعة من المخاطر واجهها أولئك الذين عادوا طواعية، مثل "الاعتقال والاحتجاز التعسفيين والاختفاء القسري والاختطاف والتعذيب والعنف الجنسي والإعدام خارج نطاق القضاء".

ولفتت الرسالة إلى "تناقض سياسات الأمم المتحدة في هذا السياق، حيث تشدد استراتيجية المفوضية السامية المعلنة على استيفاء قائمة من الشروط من أجل العودة، لكن في المقابل كان هناك تركيز لافت على برامج العودة إلى سورية ضمن الأمم المتحدة في الأشهر الأخيرة، دون التدقيق الجدي في هذه الشروط"

وتتزامن الرسالة مع زيارة وفد من الأمم المتحدة برئاسة غراندي إلى سورية، حيث التقى وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، الذي أطلعه على الإجراءات التي يتخذها النظام لتسهيل عودة اللاجئين، وفق وكالة "سانا" التابعة للنظام.

وذكر بيان نُشر على موقع "المفوضية" التابعة للأمم المتحدة، الأربعاء، أن المفوض السامي حث في ختام زيارته إلى سورية على "تقديم المزيد من الدعم لتلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة في سورية"، لافتاً إلى 14.6 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدة إنسانية في سورية، بما في ذلك أكثر من 6.9 ملايين نازح داخلي، حيث يعيش حوالي 90 بالمائة من السوريين تحت خط الفقر، وقد نزح أكثر من 13 مليون شخص في السنوات الـ11 الماضية، فيما تتم استضافة 5.5 ملايين لاجئ في خمسة بلدان مجاورة، وفق البيان.

وإضافة إلى لقاءاته في دمشق، زار المسؤول الدولي مدينة حلب شمالي البلاد، والتقى بعض اللاجئين، ودعا من هناك "الجهات المانحة لمواصلة توفير الدعم من أجل تقديم المساعدة الإنسانية للشعب السوري، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء".

وأضاف غراندي أن المفوضية مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات غير الحكومية والشركاء المحليين، يعملون على تقديم المساعدة اللازمة، كون "الوضع السياسي والأمني في سورية والمنطقة لا يزال معقداً، ويجب ألا تكون جهود الاستجابة الإنسانية مشروطة باعتبارات سياسية"، وفق قوله.

وأوضح أنه "من أجل مواصلة تقديم المساعدة للنازحين واللاجئين في سورية والدول المضيفة المجاورة حتى نهاية العام، تحتاج المفوضية بشكل عاجل للحصول على مبلغ 271 مليون دولار، والتي بدونها ستضطر إلى تقليص حجم المساعدات الأساسية والحيوية".

756 مليون دولار مساعدات أميركية لسورية  

وعلى صعيد متصل، أعلنت الولايات المتحدة تخصيص 756 مليون دولار للمساعدات الإنسانية في سورية.

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، خلال إحاطة لمجلس الأمن حول سورية أمس الأربعاء، إن هذا المبلغ يؤكد التزام بلادها بالسعي لتطبيق القرار 2642.

ويقضي القرار المذكور الذي تبناه مجلس الأمن في يوليو/تموز الماضي، بتمديد تفويض إيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سورية عبر الحدود لمدة ستة أشهر فقط.

ورأت المندوبة الأميركية أن هذا المبلغ سوف يسهم في "توفير المياه النظيفة والغذاء وإمدادات النظافة والمأوى وخدمات الحماية والمساعدة الصحية والتغذوية وسيشمل دعم برامج "التعافي المبكر" في جميع أنحاء البلاد".

وطالبت غرينفيلد الدول الأعضاء بالالتزام بواجباتها تجاه الشعب السوري وتقديم المزيد من الدعم له، مشددة على رفض ضغط الدول المضيفة للاجئين لإعادتهم إلى بلادهم. وأضافت: "هذه ليست بيئة ترحيبية، إلى أن يتم كشف مصير جميع المفقودين أو المحتجزين بشكل تعسفي، لن نلتزم الصمت، ولن يعود النازحون واللاجئون إلى ديارهم طالما أنهم يخشون على سلامتهم وسلامة أحبائهم".

معارضة أوروبية  

وكان الاتحاد الأوروبي قال في بيان له، الثلاثاء، إن شروط العودة "الآمنة والطوعية والكريمة للسوريين لم تتحقق بعد". 

وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي في سورية، عبر "تويتر"، إن رئيس البعثة دان ستوينيسك التقى المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في دمشق، مؤكدة "دعم الاتحاد لجميع أعمال المفوضية السامية للأمم المتحدة بشأن اللاجئين في سورية، بما في ذلك العودة الطوعية، لكن شروط هذه العودة لم تتحقق بعد".

وشدد البيان على أن "المطلوب أولاً هو تهيئة ظروف العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين، والنازحين في الداخل السوري، وفقاً للقانون الدولي ومبدأ عدم الإعادة القسرية"، مشيراً إلى أن "الاتحاد الأوروبي سيدعم عمليات العودة التي تسهلها الأمم المتحدة بمجرد أن تسمح الظروف بذلك".

وتقول المفوضية الأوروبية إن بعثة الاتحاد التي تم إجلاؤها إلى بيروت بسبب الحرب في سورية، تعمل أيضاً من مبناها في دمشق التي يزورها ستوينيسك بشكل منتظمويعلن الاتحاد الأوروبي بشكل متكرر التزامه بالحل السياسي في سورية، وربطه التطبيع مع نظام بشار الأسد وإعادة إعمار سورية ورفع العقوبات، بالوصول إلى هذا الحل.

تحذير من رحلات الهجرة الجماعية  

من جهة أخرى، حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تركيا من المشاركة في الحملات الأخيرة التي تدعو إلى الهجرة الجماعية من تركيا نحو دول الاتحاد الأوروبي.

وقالت المفوضية في بيان نشرته أمس عبر موقعها الرسمي، إن "هناك معلومات تشير إلى مخططات عن حركة منظمة متوجهة نحو الحدود التركية اليونانية البلغارية"، وأكدت أن المفوضية والمنظمات الشريكة لها لا "تشارك أو تشجع على السفر غير القانوني من تركيا إلى اليونان بلغاريا أو الدول الأُخرى".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وشددت على أن طرق السفر المذكورة، سواء كان عن طريق البر أم البحر، تنطوي على "مجازفة وخطر، وغالباً ما تفشل محاولات عبور الحدود بشكل غير قانوني، ويمكن أن تحمل عواقب وخيمة، بما في ذلك الاعتقال والاحتجاز والانفصال الأسري وحتى الموت".

 ويأتي هذا التحذير تزامناً مع جهود يقوم بها ناشطون في تركيا لتنظيم رحلة لجوء جماعية باتجاه أوروبا مماثلة لرحلات على 2015، تضم عشرات آلاف طالبي اللجوء السوريين، وذلك بعد المضايقات الكثيرة التي يتعرضون لها في تركيا، بدوافع عنصرية في بعض الأحيان.

المساهمون