تحدّيات تواجه قطاع الصحة شمال حمص.. مشفى مدمر وعيادات ضعيفة

16 يناير 2025
غالبية مستشفيات سورية متهالكة. 12 فبراير 2023 (كريم صاحب/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني القطاع الصحي في ريف حمص الشمالي من تدهور كبير بسبب تدمير البنى التحتية، مما أدى إلى خروج مستشفيات كبرى عن الخدمة واضطرار السكان للسفر لمسافات طويلة للعلاج.
- تسعى الجهود المحلية لإعادة بناء القطاع الصحي من خلال مشاريع مثل مستشفى شام الصغير وخطط لإعادة تأهيل مستشفى الدكتور محمد عبد القادر جورية، لكن هذه الجهود مكلفة وتحتاج إلى دعم كبير.
- في تلبيسة، يعتمد السكان على مشفى تخصصي مأجور وعيادات مكلفة، مع اقتراحات لإنشاء عيادات مجانية تواجه تحديات بسبب نقص التجاوب.

يُعاني القطاع الصحي في ريف حمص الشمالي من صعوبات وتحدّيات كبيرة في الوقت الحالي، أبرزها التدمير والخراب الذي حدث للبنى التحتية، ما تسبب في خروج كبرى مستشفيات المنطقة عن الخدمة، الأمر الذي أضعف القطاع إلى درجة كبيرة. ومن المستشفيات التي تعرضت للتدمير والنهب، مستشفى الدكتور محمد عبد القادر جورية الحكومي في مدينة تلدو ضمن المنطقة، إذ حولته قوات النظام المخلوع إلى ثكنة عسكرية في عام 2012، وتمركزت فيه حتى سقوط النظام. وعملت على نهب معداته الطبية خلال فترة تمركزها، إضافة إلى تدمير البنية التحتية فيه، متجاهلة أنه مستشفى حكومي، وبقي مبناه شاهداً على حجم الخراب الذي تعرّض له هذا القطاع في المنطقة.

وحول سبل النهوض بالقطاع الصحي ضمن المنطقة، قال رئيس فرع نقابة التمريض والمهنية الطبية في مدينة حمص، عمار العلي، لـ"العربي الجديد" إن الدولة تعترف بالمشافي الحكومية التي كانت قائمة قبل الثورة، مضيفاً: "مستشفى الدكتور محمد عبد القادر جورية أو مشفى تلدو الوطني، هو المرفق الوطني الوحيد في المنطقة، وكان يخدم ما يزيد على 160 ألف شخص، لكنه خرج عن الخدمة بعد المجزرة التي وقعت في عام 2012، وتحول إلى ثكنة عسكرية، أما القرى القريبة، فلديها مراكز صحية فقط".

وأضاف العلي: "المستشفى خرج عن الخدمة وسُرقت كل أجهزته، حتى بلاط أرضياته نُهب". وبيّن أن الحل لإعادة الوضع الطبي ليخدم السكان، هيكلة أو بناء مستشفى جديد في تلدو، نظراً لكون الموقع مثالياً من حيث المساحة، وهو مشيد على أرض مملوكة للدولة، و"إعادة تأهيله تُعَدّ الحل الأمثل، ولكنه مكلف". وتابع: "نحن نعمل على مشفى شام، وهو صغير نسبياً، لكن الأفضل والأسرع حالياً، بمساحة 500 متر مربع، بالتوازي مع تأهيل مستشفى الدكتور محمد عبد القادر جورية". وأردف: "إن دخول مشفى شام للخدمة يغطي منطقة الحولة بنسبة 20 إلى 30 بالمائة، مع ضرورة إعادة إعمار مستشفى الشهيد عبد القادر جورية الوطني الذي لا يمكن الاستغناء عنه مطلقاً".

وفي منطقة تلبيسة لا يقل الواقع الصحي سوءاً عن منطقة الحولة، وفق ما يبين الدكتور أحمد جمعة لـ"العربي الجديد"، موضحاً أنه في مدينة تلبيسة والمنطقة المحيطة بها، هناك مشفى تخصصي واحد مأجور وعدد من العيادات.

وتابع جمعة: "سابقاً لم يكن هناك مشفى وطني، بل فقط ميداني يغطي المنطقة كلها، وحالياً الوضع صعب للغاية، الأهالي في حالة ضيق وجمود، وصبر على المرض. يحاولون الذهاب إلى العيادات الموجودة، لكنها مكلفة ولا تضم كل التجهيزات المطلوبة". أما الحل الإسعافي للمنطقة، وفق جمعة، فهو أن يعود المشفى الوطني، بمساعدة مديرية الصحة وقد طُرح الأمر عليها، لكن لم يكن هناك تجاوب، لا بالنفي ولا بالقبول حتى الآن. وقال جمعة: "بإمكاننا البدء بعيادات مجانية ونقطة إسعاف سريعة دون عمليات جراحية، أو نعود إلى المشفى الميداني الأساسي ونرتب الأمور على أساسه".

وفي الوقت الحالي يجد سكان المنطقة صعوبة في الوصول إلى الخدمات الصحية، وهذا ما أشار إليه المواطن محمد عمار عبارة المنحدر من المنطقة، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، مبيناً أن بعض المرضى يجبرون على قطع مسافة تصل إلى 20 كيلومتراً للوصول إلى مشافي مدينة حمص، التي تعاني نقصاً في الخدمات والكوادر، خصوصاً الحكومية، لافتاً إلى أنهم يضطرون إلى الذهاب إلى مدينة دمشق بهدف الحصول على العلاج.

وتشير إحصائيات ما قبل عام 2011 إلى أن عدد سكان ريف حمص الشمالي يبلغ نحو 400 ألف نسمة، موزعين على مناطق الرستن وتلبيسة والحولة، وكانت الإصلاحات الصحية في المنطقة جزئية نفذتها منظمات تابعة للأمم المتحدة بعد عام 2018، منها تأهيل مستوصف في مدينة تلدو، إضافة إلى مشفى ميداني في مدينة تلبيسة.

ويشهد نظام الرعاية الصحية بسورية تدهوراً منذ فترة طويلة، كذلك فإن العديد من مرافقه تعمل دون المستوى، في غياب المعدات والمواد الطبية، ما يثقل كاهل المرضى ويدفعهم إلى تكاليف إضافية بغرض العلاج. ووفق تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية، هناك أكثر من 15 مليون شخص في سورية بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية، ومن بينهم ملايين السوريين النازحين داخلياً، مشيرة إلى تعرّض معظم المرافق الصحية لأضرار، وتجاوز قدرتها على استقبال المرضى، بالإضافة إلى نقص التمويل.

المساهمون