استمع إلى الملخص
- تتعرض الجامعات لضغوط من الحكومة الفيدرالية والكونغرس، مع تهديد بسحب التمويل إذا وُجهت انتقادات لإسرائيل، وتقديم شكاوى ضد الأكاديميين بتهمة معاداة السامية، مما يهدد مستقبلهم الأكاديمي.
- تزايدت الضغوط السياسية مع إجراءات ضد الطلاب الأجانب المتظاهرين لدعم فلسطين، واستقالة أكاديميين بارزين احتجاجًا، مما يثير مخاوف بشأن تأثيرها على سمعة الجامعات.
اشتكى أعضاء في هيئات التدريس في عدد من الجامعات الأميركية من وقائع "إرهاب فكري" ومحاولات تضييق على الحريات الأكاديمية بهدف منعهم من وصف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بأنه "إبادة جماعية"، أو توجيه انتقادات لاذعة إلى إسرائيل.
وناقش أكاديميون وباحثون في جامعات مثل كولومبيا وكورنيل وكونيكتيكت وجامعة نيويورك، خلال الأسبوع الحالي، ظهور مجموعات دورها "التجسس على محاضراتهم"، بحسب ما كشفت مصادر متعددة لـ"العربي الجديد"، كما حصلنا على خطاب أرسله عضو هيئة تدريس في جامعة كورنيل إلى زملائه، يبلغهم فيه بأنه أثناء قيامه بالتدريس فوجئ بوجود شخصين لا ينتميان إلى القسم، ما دفعه إلى سؤالهما عن سبب حضورهما، فردا بأنهما يرغبان في الحضور، غير أنه أبلغهما بأنه غير المسموح لغير الطلاب بالحضور.
وطلب عدد من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة عقد اجتماع لمناقشة الواقعة، وكشف أساتذة فيه عن متابعة خطابهم الأكاديمي داخل الفصول الدراسية التي تتناول الصراع العربي الإسرائيلي، وتكرار ذلك أكثر من مرة، وتولي أحد الحضور نقل ما يدور داخل المحاضرة إلى أشخاص خارجها، خاصة في الأقسام الخاصة بالشرق الأوسط والعلوم السياسية.
وقال عضو هيئة تدريس، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "يوجد إرهاب فكري منظم، وفي حال عدم دعمك لمواقف ضد إسرائيل يصبح التنكيل بك مباحاً. علمنا خلال الاجتماع الذي عقد في الجامعة أخيراً، أن بعض الأساتذة لاحظوا وجود طالب أو اثنين في محاضراتهم، يقومون بمهمة نقل ما يقال حال وجود أي نوع من الانتقاد لإسرائيل من أعضاء هيئة التدريس، وأن هناك من يمول ذلك. يضاف هذا إلى ما نعلمه من انحياز الحكومة الأميركية والكونغرس، وكذا إدارات الجامعات إلى إسرائيل".
ولفت إلى أنه "يتم وضع قوائم سوداء بمن يتحدثون حول حقيقة الأوضاع في فلسطين، كما يتم نقل التفاصيل إلى إدارات الجامعات المنحازة في الأساس، ويتم اعتبار أي تصريح ينتقد إسرائيل بمثابة (معاداة للسامية). الحكومة الفيدرالية والكونغرس منحازين إلى الجانب الإسرائيلي، وهم يهددون الجامعات بسحب التمويل الفيدرالي، أو إلغاء صفة أنها غير هادفة إلى الربح".
وعلى مدار العام الماضي، جرى تتبع حسابات أعضاء هيئات تدريس وباحثين في مختلف الجامعات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوجيه اتهامات إليهم بمعاداة السامية، غير أن الأمر امتد أخيراً إلى استهداف الفصول الدراسية والمقررات، وما يقوله الأساتذة خلال المحاضرات.
وتقدم مجموعات التجسس والمراقبة شكاوى ضد الباحثين وأعضاء هيئات التدريس، بحسب ما كشف أحد المصادر الأكاديمية، ما يهدد مستقبلهم الأكاديمي. وكشف عضو تدريس بجامعة كونيتكت، أنه فوجئ بـ"تحقيق غير رسمي" من قبل إدارة الكلية بسبب شكوى مقدمة ضده تعتمد على ما قاله في إحدى المحاضرات عن الصراع العربي الإسرائيلي، وأنه رد بأنه يهودي، وأنه زار إسرائيل أكثر من مرة، وبعض أفراد عائلته يعيشون هناك، ثم اشتكى من واقع وجود طلاب ينقلون ما يدرسه إلى الإدارة، مشيراً إلى أنه لاحظ محاولات إزعاج من بعضهم عندما لا توافق المادة الأكاديمية هواهم.
ووصف أكاديمي أخر ما يحدث بأنه "أزمة خطيرة، إذ لا يؤدي فقط إلى خسارة سياسية للولايات المتحدة، وإنما يتعلق بالسمعة الأخلاقية، وبالحريات الأكاديمية. يسمح لك بانتقاد الولايات المتحدة أكاديمياً، لكن ليس مسموحاً بانتقاد إسرائيل، والطبقة السياسية التي تم تشكيلها على مدار عقود ترسّخ الهيمنة الصهيونية على المؤسسات الأكاديمية الأميركية، ومن ثم تضر بمستقبل الجامعات التي تتخذ من الحريات الأكاديمية مصدر اعتزاز وفخر لها. مواصلة استخدام تهمة معاداة السامية للقمع الأكاديمي سيؤثر كثيراً على الجامعات وطلابها".
وأعلنت إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وأعضاء جمهوريين في الكونغرس أنهم سيتولون ترحيل الطلاب الأجانب الذين يتظاهرون من أجل دعم فلسطين، كما سيتم منع التمويل الفيدرالي عن الجامعات التي توجه تهماً بـ"معاداة السامية" إلى طلابها أو أعضاء هيئة التدريس فيها.
واستقال البروفيسور كورنيل ويست، المرشح الرئاسي السابق، من جامعة هارفارد في عام 2021، بسبب إذعانها للتحيز ضد فلسطين، وقالت وقتها في تصريحات، إن "الحديث عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بات قضية يحظر الحديث عنها في الأوساط الأكاديمية".
وعلى مدار العام الدراسي الماضي، ألقت الشرطة الأميركية القبض على نحو 3 آلاف طالب بسبب تظاهرهم داخل الجامعات ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كما أجبرت الاستجوابات المتتالية عدداً من رؤساء الجامعات، مثل كولومبيا وبنسلفانيا، على الاستقالة، بعد أن طالبهم أعضاء في الكونغرس بفصل طلاب وأعضاء هيئات تدريس، والتضييق على الحريات الأكاديمية.