تأخر الزواج في ليبيا... أوساط علمية ودينية تبحث عن حلّ

تأخر الزواج في ليبيا... أوساط علمية ودينية تبحث عن حلّ

18 مايو 2021
الظاهرة ترتبط بالجنسين على حدّ سواء (بولنت إرديجر/ الأناضول)
+ الخط -

تعتبر ظاهرة تأخر الزواج في ليبيا، من القضايا التي يعاني منها الشباب، وتتجه بعض الأوساط العلمية في البلاد إلى البحث عن أسباب التأخر، وتقديم اقتراحات لحلّ المشكلة، خصوصاً أنّ الأعباء الاقتصادية وغلاء المهر، من الأسباب المباشرة لتأخر الزواج، بينما تحولت الحرب الأهلية لأحد أبرز الأسباب التي منعت الأفراح في البلاد.
تلك الظاهرة حاولت بعض المبادرات الاجتماعية الإضاءة عليها والبحث عن حلول لها، فقد نظمت كلية القانون في مدينة بني وليد، شرق طرابلس، مؤخراً ندوة تحت عنوان "الإشكاليات النظرية والعملية في وثيقة عقد الزواج" ضمت رئيس المحكمة في المدينة، وجمعاً من رجال الدين والمأذونين الشرعيين فيها. وبحثت الندوة في محاور عدة، من بينها ضبط المصطلحات في وثيقة الزواج، وموعد تقديم المهر، أو تخفيضه نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة. ورصدت الندوة، ارتفاع نسبة الطلاق، بسبب اضطرار الزوج للعيش مع أهله، إضافةً إلى التأخر في الإنجاب بسبب التقدم في سنّ الزوجين، وغيرها من المشاكل اليومية التي تواجه العائلات.
وقال أستاذ علم الاجتماع سليم الخازمي، إنّ "الندوة ركزت على قضية غلاء المهر، وقد خرجت بتوصيات كتأجيله، أو تقسيمه على مراحل، لتشجيع الشباب على الزواج". وأضاف أنّ تأخر الزواج أصبح ظاهرة اجتماعية، إذ رصد على الأقل 12 محاضرة أو ندوة جامعية، تحدثت عن الموضوع. لكنّه يرى أنّ العوامل السابقه تبقى ثانوية أمام الحرب التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة والتي دمرت البشر والحجر. وعدد الخازمي الآثار المجتمعية التي تفرضها التقاليد والعادات على المتأخرين في الزواج، مثل "النظرة التمييزية من المجتمع للمتأخرين بالزواج من كلا الجنسين، ما يمكن أن يتسبب بمشاكل نفسية للشبان والشابات".

قضايا وناس
التحديثات الحية

من جهتها، حذرت الباحثة الاجتماعية، حسنية الشيخ، من التأثيرات الاجتماعية والنفسية لتأخر الزواج عند الشباب، مشيرةً إلى أنّها "ظاهرة لا تخص ليبيا فقط، والبلاد خرجت لتوها من الحرب الأهلية، كما أنّ الوضع الاقتصادي الصعب فاقم الأمور" مشددة على أنّ أبرز جوانب معالجة تلك الظاهرة، هو توجه السلطات لإنعاش الاقتصاد لتخفيف الأعباء ومحاربة البطالة.
وترى الشيخ وجوب التنبه إلى أنّ "مؤسسة الزواج لا تتوقف عند حدّ الإنجاب وبناء الأسر، بل يتوجب على المجتمع الوعي بأهمية المصاهرات والترابط في ظلّ المرحلة الحالية التي تتوجه فيها الجهود لعمليات المصالحة الاجتماعية وردم الهوة التي خلقها تفكيك النسيج الاجتماعي، نتيجة الحرب في السنوات الأخيرة".

في السياق، يتحدث الأربعيني حمزة التركاوي عن العقبات التي أخّرت زواجه، قائلاً: "المشاكل التي تعترض زواجي كثيرة وليس أقلها المهر والسكن. هذان العاملان الرئيسيان ليسا السبب الوحيد في تأخر زواجي، إذ اضطررت للنزوح مع عائلة والدي لأشهر عدة من جراء الحرب التي طاولت أحياء جنوب طرابلس"، مضيفاً أنّ الأمر لا يتعلق بالاستعداد النفسي والمالي للتفكير ببناء عائلة جديدة فحسب، "خصوصاً بعدما لمست معاناة أقاربي الذين سبقوني إلى هذه الخطوة".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وتبنت السلطات الليبية، منذ عام 2012، مشروع صندوق دعم الزواج، الذي يقول رئيسه محمد مسعود لـ"العربي الجديد" إنّه تمكن من تزويج أكثر من 12 ألف شاب وشابة، من خلال أعراس جماعية عدة، مضيفاً أنّ "دعم الصندوق لا يقتصر على إقامة الأفراح الجماعية بل تقديم مساعدات عينية، كدعم العائلات المتزوجة حديثاً، بالأثاث وأغراض المنزل، أو حتى تقديم مساعدات مالية". لكنّه يشير إلى أنّ "تلك المساعدات لم تعد تكفي فهي في نهاية الأمر مساعدات مرحلية، ولا تحلّ مشكلة تأخر الزواج".
بالعودة إلى الشيخ، فإنّها تعتبر أنّ "اهتمام السلطات بإنشاء هذه المشاريع هو اعتراف ضمني بخطورة الظاهرة والسعي إلى حلّها".

المساهمون