بيوت إسمنتية لنازحين سوريين قبل الشتاء

بيوت إسمنتية لنازحين سوريين قبل الشتاء

13 نوفمبر 2020
مخيم للاجئين في إدلب (براك كارا/ Getty)
+ الخط -

يصف مدير مخيم قاح للاجئين في ريف إدلب في سورية، محمود الطخ، الوضع في المخيم بـ "الخطير"؛ فآلاف النازحين فروا إلى المخيم بعد استيلاء النظام السوري على قرى ومدن ريف إدلب الشرقي، في وقت توزّع آخرون على مخيمات ترمانين وكفرلوسين ومشهد روحين القريبة من الحدود التركية. في الوقت نفسه، يلفت الطخ، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى تأمّل النازحين خيراً بعد زيادة المنظمات التركية والدولية تسليم البعض مساكن إسمنتية. يضيف أن النازحين من المدن التي سيطر عليها النظام خلال هجماته الأخيرة، في شهري مارس/آذار وإبريل/نيسان الماضيين، "هم فقط من يمنحون مساكن". وكانت نحو مائة أسرة من مدينة سرمين قد تقدمت بطلب للحصول على مساكن إسمنتية، إلا أن طلبها قوبل بالرفض، باعتبار أن بلداتهم خارج منطقة سيطرة النظام. ويوضح أن العائلات النازحة من معرة النعمان وخان شيخون وسراقب بدأت تستلم هذه البيوت.

وحول كيفية تسليم هذه المساكن، يقول الطخ إنه يتم التوقيع على عقد يُبرم بين إدارة المنظمات والنازحين، لتقدم البيوت مجاناً مع خدمات إضافية، شرط عدم تأجيرها أو بيعها.

وبدأت منظمات دولية وأخرى محلية يديرها رجال أعمال سوريون، بناء مساكن للنازحين على مقربة من الحدود التركية. في هذا الإطار، تسارع عمل المنظمات بعد تخصيص ميزانية من الموازنة العامة للدولة لعام 2020، لبناء مساكن على امتداد 32 كيلومتراً مربعاً، كما تقول مصادر تركية لـ "العربي الجديد". تضيف أنّ البلاد تسعى لإيواء مليون سوري نازح في مساكن جديدة، بهدف إبعادهم عن السكن في خيم قماشية خلال الشتاء الحالي.

وأنهت جمعيتا "صدقة تاشي" و"جيهانوما" التركيتان بناء 310 منازل مؤقتة في منطقة كفرلوسين في ريف مدينة إدلب السورية، كما يقول مصطفى شان، رئيس جمعية "جيهانوما". ويلفت إلى أن معظم العائلات التي تم إسكانها في هذه المنازل لديها أطفال يتامى. من جهته، يقول رئيس جمعية "صدقة تاشي" كال أوزدال، إن الجمعية تنفذ مشاريع مختلفة في 9 مناطق في محافظة إدلب، من بينها المنازل المؤقتة، موضحاً أن جمعية "صدقة تاشي" تسعى إلى إنشاء 5000 منزل من الحجر والإسمنت في سورية.

وتأتي مساعي الجمعيات التركية الخاصة وتلك الحكومية، وفي مقدمتها وقف الديانة التركية وهيئة الإغاثة التركية "İHH"، التي أعلنت عن اكتمال بناء 5000 منزل، في إطار مشروع أطلقته لتشييد 20 ألف منزلٍ مؤقت للنازحين، تحت شعار "كن سقفاً للمظلوم".

ويقول رئيس مجلس إدارة جمعية "السلام الإنسانية" زكريا ملاحفجي، لـ "العربي الجديد": "في الوقت الحالي، تسعى العديد من المنظمات إلى بناء 3 آلاف مسكن للنازحين قبل حلول فصل الشتاء"، لافتاً إلى أن جل هذه المنظمات تركية وأوروبية، بالإضافة إلى أخرى يديرها رجال أعمال سوريون.

تسعى العديد من المنظمات إلى بناء 3 آلاف مسكن للنازحين قبل حلول فصل الشتاء

 

وفي ما يتعلق بأبرز المنظمات السورية التي تبني مساكن للنازحين، يلفت ملاحفجي إلى وجود العشرات منها، من بينها "عطاء" و"بنيان" و"نور الشام". إلا أن البيوت التي تبنيها تعدّ أصغر على صعيد المساحة وأقل كلفة، بالمقارنة مع تلك التي تبنيها منظمات دولية. ويقول إن "هدف معظم المنظمات السورية هو إنقاذ النازحين من العيش في العراء والخيم القماشية، ولو في منازل إسمنتية بمواصفات قليلة". ويلفت إلى أن الأراضي التي تُشيّد عليها هذه البيوت هي إما ملك للدولة أو تم تأمينها نتيجة تبرعات بعض السوريين المقتدرين.

يضيف ملاحفجي أن "السلام الإنسانية" أسسها مغتربون سوريون عام 2013، وتهدف إلى مساعدة النازحين وسوريي الداخل. لكن الاهتمام اليوم يتركز على إيواء النازحين في مساكن تقيهم البرد والمخاطر. ويقول لـ "العربي الجديد" إن خطة هي بناء 100 مسكن حتى نهاية العام الحالي، وقد تم الانتهاء من 40 مسكناً حتى الآن. ويرى ملاجفجي أن كل المساعي لا يمكن أن تغطي احتياجات النازحين، لكن الأولوية هي لليتامى وكبار السن والفقراء، محذراً في الوقت نفسه من تحول تلك المساكن إلى "أوطان" دائمة للنازحين، وبالتالي زيادة احتمالات التهجير والتغيير الديموغرافي في المناطق التي سيطر عليها النظام السوري.

إلى ذلك، تكشف مصادر لـ "العربي الجديد" أن قطر والكويت هما الدولتان العربيتان الوحيدتان المتبقيتان، اللتان تدعمان المنظمات المحلية لبناء مساكن للنازحين في الوقت الحالي، في وقت تكتفي الأمم المتحدة بتقديم خيام قماشية تهترئ كل عام. لكن حالياً، ونتيجة ضغوطٍ من قبل منظمات محلية، بدأت بناء ما تسميه "مساكن اقتصادية" إسمنتية، لكن بسقف من قماش.

وكانت منظمة الهلال الأحمر القطري قد أعلنت أخيراً عن الانتهاء من المراحل الأولى من مشروع بناء مدينة الهلال السكنية في مدينة الباب شمالي سورية، والذي جاء بدعم من صندوق قطر للتنمية وتنفيذ الهلال الأحمر القطري من خلال مكتبه التمثيلي في تركيا، بالتعاون مع إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، بهدف توفير مساكن لنحو 700 من اليتامى والأرامل والأشخاص المعوقين.

تضيف المصادر أن مدينة الهلال السكنية أقيمت على مساحة 20 ألف متر مربع على مقربة من مدينة الباب السورية، وتمت زراعة نحو 150 شجرة، بالإضافة إلى الاهتمام بالبنى التحتية (مياه للشرب، صرف صحي) وتشييد طرقات إسفلتية.

وتبلغ مساحة الشقة السكنية الواحدة 46 متراً مربعاً، موزعة على 29 مبنى. وفي كل مبنى 4 شقق موزعة على طابقين. والشقة الواحدة عبارة عن غرفتين مع منافعها من مياه وكهرباء وغير ذلك. ويقول مدير منظمة "عطاء" في مدينة غازي عنتاب محمد وائل دادة، لـ "العربي الجديد"، إن قطر وتركيا تقدمان التمويل الأساسي للمنظمات لبناء المساكن للنازحين، بهدف نقلهم من الواقع السيئ الذي يعيشونه في الكروم والمخيمات القماشية. ويشير إلى أن "عطاء" تحرص على بناء قرى سكنية منظمة، إذ تخطط لتوفير مدرسة لكل تجمع وجامع ومستوصف مع الاهتمام بالمساحات الخضراء من حدائق وغيرها. ويكشف أن "عطاء" أنهت بناء 520 وحدة سكنية وسلمتها للنازحين، وهي بصدد تسليم 700 وحدة تم الانتهاء منها الآن، وتخطط للبدء ببناء 470 وحدة سكنية في إطار مشروع جرابلس الجديد.

المساهمون