بريطانيا: فتيات ضحايا مواد مخدرة في نوادٍ ليلية

بريطانيا: فتيات ضحايا مواد مخدرة في نوادٍ ليلية

16 نوفمبر 2021
فتيات بريطانيات أمام ملهى ليلي (كريس إيدس/Getty)
+ الخط -

تحقق الشرطة البريطانية في عشرات التقارير حول تعرّض شبان وشابات للحقن بمواد مخدّرة في عدد من الحانات والنوادي الليلية، وخلّفت هذه التقارير نقاشاً واسعاً على مستوى البلاد حول انتشار تلك الوقائع.
وقاطعت آلاف الفتيات النوادي الليلية والحانات في أنحاء بريطانيا، يوم الأربعاء 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضمن حملة بعنوان "Girls Night In". كما طالبت آلاف الفتيات باتخاذ تدابير أكثر صرامة، وأعربن عن احتجاجهنّ عبر البقاء في المنزل بدلاً من الخروج للسهر في أكثر من 45 مدينة، بما في ذلك لندن، وإدنبرة، وبريستول، ومانشستر، وليدز، وبورتموث، بالإضافة إلى نوتنغهام.
وتهدف الحملة النسائية إلى تمكين الفتيات والسيدات من العمل معاً للمطالبة بالعدالة، واتخاذ الإجراءات المناسبة من قبل الحكومة، وتم إنشاء عريضة تواقيع إلكترونية تطالب حكومة المملكة المتحدة بإجراء عمليات بحث شاملة لكل شخص يدخل النوادي الليلية، وتجاوز عدد التوقيعات 170 ألف توقيع.
في ضوء ذلك، من المتوقع أن يطرح البرلمان القضية للنقاش، لأنّ القانون يفرض عليه النظر في جميع الالتماسات التي تحصل على أكثر من 100 ألف توقيع.

تواصلت "العربي الجديد" مع عدد من طالبات الجامعات اللواتي أعربن عن مخاوفهنّ من الوقوع ضحية هذه الجرائم التي قد تؤدي إلى الوفاة. وقالت الطالبة دانيالا (20 سنة) إنّ آخر ما كانت تتوقعه أن يحدث ذلك في نوادي الجامعات، لكنّها سمعت عن عدد من الحالات، وعن فتيات فقدن الوعي فجأة، ونقلن إلى المستشفى بسبب التلاعب بمشروبهنّ. وتستنكر الشابة البريطانية أن يعتقد البعض أنّ تلك الفعلة مجرد دعابة، مطالبة بضرورة رفع مستوى الوعي بالأضرار الجسيمة التي قد تلحق بالضحايا، فضلاً عن الرعب الذي تعيشه الفتيات حالياً، وتتابع: "الاحتجاج على هذه المسألة عبر البقاء في المنزل لا يمثّل حلاً جذرياً للمشكلة، ونحن كطلاب جلّ ما نستطيع القيام به هو الإبلاغ عن هذه الجريمة، وإيصال أصواتنا إلى الحكومة على أمل أن تضع قوانين تحمينا".
في السياق، قال رئيس مجلس رؤساء الشرطة الوطنية، جيسون هاروين، إنّهم حصلوا على ردود من جميع القوات في جميع أنحاء المملكة المتحدة في ما يتعلق بالحوادث التي تنطوي على شكل من أشكال الحقن، وإنّه حتى تاريخ 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان مجلس قيادة الشرطة الوطنية قد جمع 198 بلاغاً عن دسّ مواد في المشروبات الكحولية، بالإضافة إلى 56 تقريراً عن حوادث تتضمن الحقن بإبرة.
وحسب موقع "فول فاكتس" (الحقائق الكاملة) المتخصّص في محاربة المعلومات المزيفة، فإنّ من الصعب وصف مدى انتشار هذه الحوادث بشكل قاطع، نظراً لظهور قصص عديدة، وانتشارها بوتيرة سريعة عبر وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي. "لكن يُعتقد أن أول حالة من هذا النوع وقعت في ملهى ليلي في نوتنغهام، في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

الصورة
تخشى الفتيات من دس المخدر في مشروباتهن بالملاهي الليلية (Getty)
تخشى الفتيات من دس المخدر في مشروباتهن بالملاهي الليلية (Getty)

وقالت الشرطة حينها، إنها تحقق في 15 حادثة منفصلة تم الإبلاغ عنها في أقل من شهر، وتعرضت فيها شابات وشبان للحقن بـ"شيء حاد".
ورغم أن دس مواد مخدرة في المشروبات الكحولية يمثل مشكلة متنامية منذ فترة طويلة في المملكة المتحدة، فقد أخبرت مؤسسات خيرية وناشطون صحيفة "ذا إندبندنت" أن الحوادث المستقلة غالباً ما يتم تجاهلها من قبل الشرطة وخدمات الصحة الوطنية، والتي لا تجري عموماً اختبارات الدم أو البول للتحقق مما إذا كان الضحايا قد تعرّضوا للحقن.
ومع بدء ظهور تقارير عن ارتفاع مفاجئ لحالات الحقن بالإبر عبر الإنترنت، بدأت تنتشر أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي مزاعم حول ضحايا أصيبوا بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الإيدز) في وقت لاحق، كما حذرت رسائل من مؤسسات رسمية، مثل شرطة ويست يوركشاير، من أن الحقن بإبرة غير معقمة قد يعرّض الشخص للإصابة بفيروس نقص المناعة. وفي حين أن من الممكن الإصابة بفيروس الإيدز من خلال إبرة مستعملة، قال الصندوق الوطني للإيدز إن هذا "نادر للغاية"، ووصف منشورات وسائل التواصل الاجتماعي بأنها "خاطئة بشكل واضح"، نظراً لحقيقة أن الاختبار والتشخيص يستغرق أسابيع، وليس أياماً كما تظهر تلك المنشورات.
ومع استمرار التحقيقات في هذه الحوادث، وظهور تقارير جديدة بشكل متكرر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، انقسم الخبراء إلى قسمين في ما يتعلّق بحقن شخص بإبرة من دون أن يلاحظ ذلك، فقال بعضهم إنه من غير المحتمل أن يحدث ذلك على نطاق واسع، وإن حقن المشروبات الكحولية هو الذي يمثل مشكلة أكثر إلحاحاً.
ورغم صعوبة الحصول على صورة واضحة لقياس مدى تزايد حالات دسّ المواد المخدرة في المشروبات، لأنه لا توجد بيانات حديثة أو شاملة متاحة للجمهور حول عدد الحالات المبلغ عنها، فإن البعض اعتبر العدد الكبير من التقارير التي تتحّدث عن الحقن بالإبر، أو دس المخدر بالمشروبات، "وباء" بسبب الارتفاع المفاجئ.

إلى ذلك، وجدت طلبات حرية المعلومات التي جمعتها شبكة "سكاي نيوز"، ونشرت في عام 2018، أن حوادث دس المخدر في المشروبات المبلغ عنها قد تضاعفت في غضون ثلاث سنوات، وأكدت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في عام 2019، ارتفاع عدد تلك الحالات، وأنه تم الإبلاغ عن 2600 حادث في إنكلترا وويلز منذ عام 2015.

المساهمون