استمع إلى الملخص
- بدأت باكستان في الأشهر الأخيرة بزيادة الضغوط على اللاجئين الأفغان، بما في ذلك الاعتقالات والترحيل، مع تحديد مهلة حتى نهاية مارس لمغادرة البلاد أو الانتقال داخل الأقاليم الباكستانية.
- يعيش اللاجئون الأفغان في باكستان حالة من الخوف والقلق، مطالبين المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة الباكستانية لتخفيف الإجراءات ضدهم، حيث يعتبرون العودة إلى أفغانستان خطراً على حياتهم.
يواجه أفغان موجودون في باكستان حالياً من أجل تحقيق هدف المغادرة إلى دول أجنبية مشكلات تجدد التوتر السياسي بين البلدين، وتغيير سياسات الإدارة الأميركية الجديدة على صعيد استقبال بعضهم بعدما تولى دونالد ترامب الرئاسة
مع سيطرة حركة "طالبان" على الحكم في أفغانستان صيف عام 2021 تغيّرت الأحوال وانقلبت رأساً على عقب خاصة لمن كانوا يعملون في مؤسسات حكومية، خصوصاً تلك الحساسة، وأيضاً لأولئك الذين يشغلون وظائف في مؤسسات أجنبية ودولية وسفارات. ودفعت المشكلات الكبيرة التي واجهها بعضهم إلى محاولة الخروج إلى دول غربية أو أوروبية بحثاً عن الأمان والاستقرار.
ومنذ ذلك الحين خرج آلاف بطرق مختلفة، تارة من خلال تنسيق دول مع حكومة طالبان، وتارة أخرى عبر دول أجنبية مثل تركيا وطاجكستان وباكستان. وفي الآونة الأخيرة بات يصعب حصول الأفغان على تأشيرات من تركيا وطاجكستان، وتحوّلت باكستان إلى المحطة الوحيدة لهم تمهيداً للمغادرة إلى دول غربية أوروبية، ما جعل سفارات هذه الدول في إسلام أباد تعمل بشكل دائم على ملفاتهم.
وفي الأشهر الماضية مارست باكستان ضغوطاً من خلال اعتقال لاجئين أفغان وترحيلهم، خصوصاً أولئك الذين كانوا يعيشون بطرق غير قانونية. أما أولئك الذين كانوا ينتظرون الخروج إلى دول أجنبية عبر باكستان فكانوا في أمان إلى حد ما لأسباب عدة أهمها أنهم أتوا إلى باكستان بطرق قانونية عبر تأشيرات سفر وجوازات رسمية، كما تزودوا بأوراق من سفارات لأنهم لا يأتون عادة إلى باكستان إلا بعد التنسيق مع السفارات الأجنبية. ورغم أن كثيرين انتهت صلاحيات التأشيرات الباكستانية الممنوحة لهم، تسامحت الشرطة معهم بدرجة كبيرة، ثم تغيّرت الحال في الأيام الأخيرة، وأصبح ملف اللاجئين يخضع بشكل تام للعلاقات السياسية بين أفغانستان وباكستان، كما أن جزءاً كبيراً من هذه الشريحة ينتظرون الذهاب إلى الولايات المتحدة، ومع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم تغيّرت أيضاً سياسات الولايات المتحدة حيال اللاجئين الأفغان، واستغلت باكستان الفرصة، وأمهلت كل من يتابعون قضايا في السفارات الأجنبية حتى نهاية مارس/ آذار الجاري للخروج من البلاد أو إلى الأقاليم الباكستانية حيث يمكن أن يبقوا حتى يونيو/ حزيران المقبل، في حين منعتهم من العيش في إسلام أباد ومدينة راولبندي المجاورة. وحذرتهم من أنهم لن يستطيعوا البقاء في باكستان بعد يونيو، وأنه سيجري ترحيلهم إلى أفغانستان أو اعتقالهم والتعامل معهم باعتبارهم يعيشون بشكل غير قانوني في باكستان.
وأثار القرار حالة خوف وقلق لدى أفغان يعيشون في باكستان حالياً من أجل الخروج إلى دول أجنبية، والذين سيواجه معظمهم مخاطر أمنية كبيرة إذا عادوا إلى أفغانستان. يقول محمد سرور، أحد عناصر القوات الخاصة في الجيش الأفغاني المنهار، لـ"العربي الجديد": "الحياة صعبة جداً في باكستان، ولا نملك شيئاً. ندفع إيجار المنزل، ونوفر الاحتياجات للأسرة بأقل الإمكانيات، وحالياً لا يمكن أن نحصل على كل ما نحتاج إليه خلال شهر رمضان، ونوفر الطعام فقط للأسرة، والأهم أننا نخرج من المنزل ونعود إليه تحت وطأة الخوف والاعتقال الذي رافق أيضاً حياتنا اليومية في باكستان خلال الأشهر الماضية حين تلاحقنا الشرطة وتأخذنا إلى مراكز الأمن بهدف الحصول على بعض الأموال، أما الآن فتلاحقنا بأي ذريعة".
ومع كل المشكلات التي يواجهها يفضل سرور البقاء ومواصلة محاولة الخروج إلى أي دولة أجنبية كي يعيش بأمان مع أسرته. ويتحدث لـ"لعربي الجديد" عن أن البقاء في باكستان يعني العيش مع المشكلات والصعوبات وملاحقات الشرطة، أما العودة إلى أفغانستان فهي مثابة الموت ولا مستقبل له ولأسرته، لذا يقول: "سأبقى في باكستان مهما كانت الأحوال وحتى ولو كنت داخل السجن. أتابع طلباً قدمته إلى سفارة أجنبية (لم يسمها)، والمشكلة أن إنجازها بطيء جداً، كما أن التواصل مع السفارة صعب للغاية، إذ أبعث إليها رسالة تلو أخرى من دون أن أحصل على رد. ولا يمكن أن أخبر السفارة عن المشكلات التي أواجهها في باكستان، علماً أنه يندر أن تجيب السفارة عن هذه الرسائل، وتقول إنها تعمل بحسب آلية، وإن العملية ستأخذ فترة من الزمن".
وعلى هذا المنوال كانت نجمة محمد تعمل في إحدى السفارات الأجنبية وتعيش مع أفراد في أسرتها في إسلام أباد الآن، وذلك بأمل الخروج إلى دولة أجنبية، لكن القرار الذي اتخذته الحكومة الباكستانية مؤخراً أقلقها. تقول لـ"العربي الجديد": "تعبت كثيراً خلال هذه الرحلة الشاقة من الحياة، وصرفت كل أموالي خلال عيشي في إسلام أباد، وأواجه الآن خطر الترحيل. وهذه معضلة كبيرة بالنسبة لنا، لذا نطالب المجتمع الدولي بأن يصغي إلى صوتنا، ويضغط على الحكومة الباكستانية كي لا تتعامل معنا بهذا الشكل".