استمع إلى الملخص
- أثار القرار قلق اللاجئين الأفغان الذين طالبوا بمهلة أطول لترتيب أمورهم، لكن الحكومة أصرت على مغادرتهم الفورية قبل الترحيل النهائي بحلول يونيو/حزيران.
- نظم اللاجئون احتجاجات سلمية مطالبين بإعادة النظر في القرار ودعوا المجتمع الدولي للتدخل لمساعدتهم في الحصول على حقوقهم أو الوقت الكافي للعودة.
في خضم التوتر القائم بين باكستان وأفغانستان، وفي ظل موجة عنيفة من أعمال العنف والتفجيرات، قررت الحكومة الباكستانية ترحيل جميع الأفغان من أراضيها، سواء من يملكون بطاقة لجوء، أو من يعيشون في البلاد بطريقة غير مشروعة.
ووضعت إسلام أباد خطة لبدء عملية ترحيل اللاجئين الأفغان، معلنة في 18 فبراير/شباط الماضي، منح مهلة مدتها 10 أيام لمغادرة جميع الأفغان الذين يعيشون في العاصمة إسلام أباد ومدينة راولبندي المجاورة لها، على أن يشمل القرار من لديهم بطاقات اللجوء الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، باستثناء من لديهم أوراق من السفارات الأجنبية، أو ينتظرون الخروج إلى دول غربية، وهؤلاء يمكنهم البقاء حتى نهاية شهر مارس/آذار، لكن عليهم أن يسجلوا أنفسهم لدى الحكومة، وأن يقدموا أوراقاً تثبت وضعهم الحالي.
وأكدت وزارة الداخلية في بيان، أن الحكومة قررت ترحيل جميع اللاجئين الأفغان وفق خطة تم التباحث بشأنها في اجتماع ترأسه رئيس الوزراء شهباز شريف في 17 فبراير، وأن السلطات المعنية ستقدم بشكل متواصل المستجدات بشأن ترحيل الأفغان إلى مكتب رئيس الوزراء.
ويتزامن ذلك مع إعلان السلطات الباكستانية ضلوع لاجئين أفغان في أعمال العنف الأخيرة، ومقتل عدد منهم، مشيرة إلى أن لديها أدلة تؤكد أن أعداداً كبيرة من الشبان الأفغان يقاتلون إلى جانب حركة طالبان الباكستانية.
ولم تذكر الحكومة الباكستانية في بياناتها الأخيرة بشأن ترحيل اللاجئين الأفغان أي تفاصيل حول هذه القضية. لكن مراقبين يرون أنها أحد الأسباب الأساسية وراء قرارا ترحيل اللاجئين، إلى جانب سوء العلاقات القائم بين إسلام أباد وكابول خلال السنة الأخيرة، بينما في الماضي، كانت الحكومة الباكستانية تؤكد أن من يعيشون في البلاد بطريقة قانونية، أو لديهم بطاقات لجوء لا يمكن ترحيلهم.
وأثار قرار باكستان حالة من القلق في أوساط اللاجئين الأفغان الذين يعيشون في إسلام أباد وراولبندي منذ سنوات، وبعضهم منذ أكثر من عقدين، ولديهم بطاقات لجوء، وطالب الكثير من هؤلاء الحكومة بمنحهم مهلة كافية كي يرتبوا أمورهم، على الأقل حتى فصل الربيع القادم، لكن الحكومة كررت أن عليهم الخروج الفوري من إسلام أباد وراولبندي إلى أقاليم باكستانية أخرى، ليتم ترحيلهم منها حسب الخطة إلى أفغانستان قبل حلول يونيو/حزيران القادم، ما يجعل رحلة العودة إلى بلادهم مقسمة على مرحلتين.
يقول اللاجئ الأفغاني محمد حمزة نور ولي لـ"العربي الجديد": "أعيش في مدينة راولبندي منذ 25 عاماً، وأبنائي كلهم درسوا في باكستان، وتعلموا اللغة واعتادوا الثقافة، كما أن لدينا بطاقات لجوء. كنا نتوقع أنه بمرور الزمن سوف تتحول تلك البطاقات إلى هوية باكستانية، لكن الحكومة غيرت سياستها بشكل كلي، حتى بحق من يعيشون في البلاد بطريقة قانونية".
وتجمع عشرات اللاجئين الأفغان أمام مقر جمعية الصحافيين في العاصمة الباكستانية، في 26 فبراير الماضي، مطالبين الحكومة بإعادة النظر في قرارهم، ومطالبين المجتمع الدولي بألا يتركهم وحدهم.
في هذا الشأن، يقول شاه ولي الله فاروق، وهو تاجر فواكه وخضروات أفغاني في ضواحي إسلام أباد، لـ"العربي الجديد": "شاركت في الوقفة أمام مقر جمعية الصحافيين مع بعض الوجهاء من اللاجئين كي نرفع صوتنا، عل أحدا يصغي لنا. لم تكن تظاهرة، وإنما طريقة لرفع الصوت، وطلبنا من الحكومة أحد أمرين، فإما أن تسمح لنا بالعيش في أمن وأمان وتمنح أبنائنا الهوية الباكستانية بحكم أنهم ولدوا ودرسوا هنا، أو تعطينا وقتاً أطول كي نلمّ شملنا ونجمع أعمالنا ونبيع منازلنا. نحتاج على الأقل إلى عام وربما عامين كي نرتب أمورنا، فكيف تعطينا مهلة عشرة أيام أو حتى شهر كي نخرج من البلاد؟".
وحول نقلهم إلى أقاليم أخرى قبل ترحيلهم إلى أفغانستان، يؤكد فاروق: "هذا أيضاً ظلم محض، فكيف ننتقل إلى الأقاليم، ونستأجر المنازل، ونرتب الأمور، ثم بعد أشهر يتم ترحيلنا منها أيضا؟ بيع الأعمال القائمة وجمع المال من الأسواق يحتاج إلى وقت، بينما الحكومة تمهلنا أياماً فقط".