انقلاب السيسي: أكبر عدد من الإعدامات في تاريخ مصر

انقلاب السيسي: أكبر عدد من الإعدامات في تاريخ مصر

03 يوليو 2021
يبكون أقارب لهم حُكم عليهم بالإعدام (فرانس برس)
+ الخط -

توسّع القضاة المصريون في إصدار أحكام الإعدام في حقّ معارضي انقلاب الثالث من يوليو/ تموز 2013، محاباة منهم لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي بات يحكم قبضته على السلطة القضائية برمّتها، وذلك بموجب تعديل الدستور في عام 2019، الأمر الذي أثار ردود فعل دولية غاضبة على مدى الأعوام الثمانية الماضية من جرّاء إصدار أحكام نهائية بإعدام مئات من قيادات وأعضاء جماعة "الإخوان" المعارضة. وقد دعت منظمات حقوقية دولية سلطة الانقلاب في مصر إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، ولو بصورة مؤقتة، نتيجة غياب ضمانات العدالة في المحاكمات ذات الطبيعة السياسية، وما تشهده البلاد من انتشار واسع لانتهاكات حقوق الإنسان، وسط اتهامات للقضاء بالتورّط في أكثر الخروقات جسامةً للإجراءات الأساسية في تاريخ مصر الحديث.
ومنذ تولي السيسي الحكم في منتصف عام 2014، أصدر القضاء المصري أحكاماً جماعية بالإعدام، وصفتها جهات دولية بأنّها "تفتقر إلى ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة الأساسية"، فضلاً عن تعرّض المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام لانتهاكات عديدة، منها الإخفاء القسري والتعذيب وغيرها من ضروب المعاملة القاسية وانتهاك الحق في الدفاع وإغفال مبدأ أنّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

وفي 14 يونيو/ حزيران الماضي، أصدرت محكمة النقض المصرية حكماً باتاً في قضية اعتصام "رابعة العدوية"، بتأييد إعدام 12 من قيادات وأعضاء جماعة "الإخوان" المحبوسين، وهم عبد الرحمن البر وصفوت حجازي ومحمد البلتاجي وأسامة ياسين وأحمد عارف ومحمد الفرماوي ومصطفى الفرماوي وأحمد فاروق وهيثم العربي ومحمد الزناتي وعبد الرحمن عطية وإيهاب وجدي. وخلت قائمة الاتهام في القضية من رجال الشرطة والجيش الذين نفّذوا عملية فض الاعتصام في 14 أغسطس/ آب من عام 2014، والتي خلّفت أكثر من ألف قتيل من المعتصمين السلميين. فاقتصرت بذلك القائمة على أعضاء وأنصار الجماعة المسجونين في مصر، باﻹضافة إلى بعض قياداتها في الخارج، على الرغم من كون المتّهَمين معتدى عليهم في الأصل.
من جهتها، قضت محكمة جنايات دمنهور بإحالة 16 متهماً في القضية المعروفة إعلامياً بـ"تفجير أتوبيس الشرطة" في مركز رشيد في عام 2015 إلى مفتي الديار المصرية، لإبداء الرأي الشرعي في إعدامهم. ونفّذت السلطات حكم الإعدام بالفعل في حق 15 مدنياً على ذمّة ثلاث قضايا في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2020، في حين ما زال 68 مدنياً آخر على أقلّ تقدير رهن الإعدام في البلاد في قضايا ذات طابع سياسي.

الصورة
تحرك في لندن ضد الإعدام في مصر (لوريدانا سانجوليانو/ Getty)
تحرك في لندن ضد الإعدام في مصر (لوريدانا سانجوليانو/ Getty)

ورصدت مؤسسة "كوميتي فور جستس" الحقوقية إصدار المحاكم المصرية 2595 حكماً بالإعدام منذ وقوع الانقلاب، وهو الرقم الأكبر من الإعدامات في تاريخ مصر، إذ يزيد عن ضعفَي عدد أحكام الإعدام طوال 30 عاماً حَكَم فيها الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك البلاد. وبيّنت المؤسسة أنّ أحكام الإعدام الجماعية في عهد السيسي صدرت عن محاكم غير طبيعية واستثنائية، اختير أعضاؤها بطريقة انتقائية ومخالفة لاستقلال القضاء المنصوص عليه في الدستور والقانون.
وهذا التوسّع في إصدار أحكام الإعدام فسّرته "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" بأنّه "راجع إلى العمل بدوائر الإرهاب المشكّلة في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2013، وفقاً لقرار محكمة الاستئناف القاضي بتشكيل دوائر بعينها مكوّنة من قضاة بعينهم". وأصدرت هذه الدوائر أكبر عدد من أحكام الإعدام منذ إنشائها، مقارنة بالمحاكم الأخرى في الفترة نفسها. وأصدر السيسي قراراً يقضي بتغيير إجراءات الطعن على الأحكام في إبريل/ نيسان من عام 2017، والذي بموجبه يُنظر في القضايا التي صدر فيها حكم بالإعدام مرّة واحدة أمام محكمة الجنايات عقب استطلاع رأي المفتي الاستشاري، ثمّ تتصدّى محكمة النقض للطعن على حكم الدرجة الأولى كمحكمة موضوع، ويكون الحكم الصادر عنها واجب النفاذ بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه.

وقد وثّق "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" إصدار القضاة في مصر 1565 حكماً بالإعدام في قضايا سياسية بين عامَي 2013 و2021، نُفّذ منها حكم الإعدام في حقّ 97 متهماً. وأفادت منظمة العفو الدولية في الثاني من يناير/ كانون الثاني الماضي، بأنّ "الارتفاع المروّع في تنفيذ أحكام الإعدام في عهد السيسي يكشف عن عمق أزمة حقوق الإنسان في مصر". أضافت المنظمة في تقرير لها أنّ السلطات المصرية عمدت إلى قمع منظمات حقوق الإنسان العاملة في مجال مناهضة عقوبة الإعدام، فاعتقلت موظفين في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2020، واستجوبتهم بشأن عملهم في مجال العدالة الجنائية. ودعت المنظمة المجتمع الدولي، بما في ذلك هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إلى حثّ القاهرة علانية لوضع حدّ لعمليات الإعدام وإنشاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة آلية للرصد والإبلاغ عن وضع حقوق الإنسان في مصر.

المساهمون