انخفاض منسوب نهر الفرات يهدّد شرق سورية بكارثة إنسانية وبيئية

انخفاض منسوب نهر الفرات يهدّد شرق سورية بكارثة إنسانية وبيئية

30 ابريل 2021
تحذير من كارثة أخرى تتعلق بالزراعة (باولو كوش/Getty)
+ الخط -

حذّرت إدارة السدود التابعة لـ"الإدارة الذاتية" في شمال وشرق سورية من "كارثة إنسانية حقيقية كبيرة" بسبب التلوث في نهر الفرات، نتيجة انخفاض منسوب مياهه إلى الحدّ الأدنى، بسبب قرار تركيا خفض منسوب مياه النهر المتدفقة إلى سورية منذ أكثر من شهرين ونصف الشهر.
وذكرت الإدارة أنّ الوارد المائي المتدفق عبر نهر الفرات من الأراضي التركية إلى الأراضي السورية انخفض من 500 متر مكعب إلى 200 متر مكعب في الثانية منذ 27 يناير/ كانون الثاني الماضي.
 ونقلت وكالة أنباء "هاوار"، المقربة من الإدارة، عن محمد طربوش، من "إدارة السدود في شمال وشرق سورية"، تحذيره من تلوث مياه الشرب وظهور الأمراض الخطيرة جراء انخفاض منسوب المياه بنسبة كبيرة.
وأضاف طربوش: "نحن أمام كارثة حقيقية في ما يتعلق بمياه الشرب، لأنّ انخفاض منسوب النهر أدى إلى تلوث المياه، وتدفق الطحالب والصدف التي تؤدي إلى ظهور الأمراض الخطيرة مثل الكوليرا، التي تظهر عادة في فصل الصيف الذي نحن مقبلون عليه، وأغلب المدن الكبرى في شمال وشرق سورية تعتمد على مياه نهر الفرات في تأمين مياه الشرب".
كما حذّر طربوش من كارثة أخرى في ما يتعلق بالزراعة، لأنّ آلاف الهكتارات من الأراضي المزروعة بالقمح المروي تعتمد بشكل أساسي على نهر الفرات في الرقة والطبقة ودير الزور، وتحتاج إلى مياه الري خصوصاً مع الجفاف الذي تعيشه المنطقة نتيجة نقص معدل الأمطار هذا العام.
ولفت طربوش إلى أنّ انخفاض منسوب نهر الفرات أثّر بشكل سلبي على الطاقة الكهربائية، داعياً الأهالي إلى ترشيد استهلاك الكهرباء. وأوضح أنهم يقومون "بتجميع المياه في السدود لمدة 16 ساعة، لنمد بعدها مناطقنا بالكهرباء لـ8 ساعات في اليوم، ولم يعد للسدود قدرة على تحمّل الانخفاض أكثر من هذا، لذا سنضطر لإيقاف السدود وقطع الكهرباء عن المنطقة إذا استمرّ الحال لأسابيع قليلة أخرى، لأن مياه الشرب وسقاية الأراضي هي أولى من الطاقة الكهرباء".

 وفي هذا الإطار، يضيف طربوش أنه جرى إيقاف سدّ تشرين عن العمل، حيث استخدمت المياه المجمّعة فيه لتغذية المنطقة بمياه الشرب وسقاية الأراضي الزراعية، و"لكن هذا الأمر لن يطول أكثر من يومين، وسوف يتوقف عن الخدمة إذا استمرّت تركيا بحبس تدفق المياه إلى سورية".
وأوضح أنهم يعتمدون الآن على سدّ الفرات، لأنّ مخزون بحيرته يصل إلى 14 مليار متر مكعب، وقمنا بتصريف أكثر من 8 مليارات متر مكعب منه وبقي فيه نحو 6 مليارات متر مكعب، سوف تُستخدم في الفترة المقبلة لمياه الشرب.
كما اتهم الرئيس المشارك لـ"مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، رياض درار، تركيا باستخدام المياه سلاحاً لتصبح المنطقة تحت طوعها، وحذّر من تداعيات مخيفة في حال استمرّ حبس مياه نهر الفرات، وكشف أنهم سيطالبون فرنسا والدول الأوروبية بالضغط على تركيا.
وقال درار لوكالة "هاوار"، اليوم الجمعة، إنّ تركيا تكرّر منذ فترة حجز مياه نهر الفرات، وهذا الأمر مقصودة به الإساءة لكل المنطقة حسب تعبيره، محملاً المسؤولية أيضاً للحكومة السورية "التي لا تفكر إلاّ بوجودها واستمرارها وبقائها في المواقع التي هي فيها، دون رعاية حقيقية لشعبها".
ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن مصادر في حكومة النظام السوري، أنّ التيار الكهربائي انقطع عن محافظة الحسكة بشكل شبه تام منذ فجر أمس الخميس، بسبب توقف العمل في عنفات توليد الطاقة الكهربائية في سدّي تشرين بريف حلب، والفرات بريف الرقة، بسبب انخفاض منسوب نهر الفرات.
وأوضحت المصادر أنّ عمل عنفات توليد الكهرباء يقتصر حالياً على عنفة واحدة، من أجل تغذية مطاحن الحبوب ومحطات ضخّ مياه الشرب فقط.
من جهته، ذكر الناشط محمد عواد لـ"العربي الجديد" أنّ الفلاحين ينتابهم بالفعل القلق من تدني كمية المياه في نهر الفرات، باعتبار أنها المصدر الوحيد لسقاية أراضيهم، مشيراً إلى انخفاض منسوب النهر عدة أمتار، وكذلك بحيرة سد الفرات.
 ويخضع تقاسم مياه نهر الفرات إلى تفاهمات بين تركيا من جهة وسورية والعراق من جهة أخرى، عام 1987، تقضي بتمرير تركيا 500 متر مكعب في الثانية إلى الأراضي السورية، فيما يحصل العراق على نحو 60% من هذه الكمية.

المساهمون