انتقادات ليبية تبرز تداعيات قرار وقف التوظيف الحكومي

02 فبراير 2025
البطالة متفشية بين الشباب الليبي. 22 مايو 2024 (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدرت هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا قرارًا بوقف التعيينات في الجهات الحكومية بسبب الزيادة الكبيرة في أعداد الموظفين وارتفاع تكاليف الرواتب، مما أثار جدلاً واسعًا.
- المحامي إبراهيم الناجح يدعم القرار لمكافحة الفساد، بينما تنتقده الباحثة حسنية الشيخ وتعتبره تهربًا من المسؤولية، محذرة من انضمام الشباب للمليشيات.
- عبد الحكيم ضو، معلم، يبرز تأثير القرار على التعليم ومستقبل الخريجين، محذرًا من ارتفاع الجريمة والهجرة بسبب غياب بدائل التوظيف.

في منتصف شهر يناير/كانون الثاني الماضي، أصدرت هيئة الرقابة الإدارية، وهي أعلى جهة رقابية في الدولة الليبية، قراراً بوقف إجراءات "التعيين والتعاقد" لشغل الوظائف بالجهات الحكومية إلى حين إعادة النظر في التعيينات والتعاقدات السابقة، والتي يؤكد القرار أنها تمت بأعداد كبيرة ووفق إجراءات عشوائية، ما أدى إلى تزايد كبير في أعداد موظفي القطاع العام، وصولاً إلى مليونين و99 ألف موظف، ما ترتب عليه ارتفاع كلفة الرواتب الشهرية.
ورغم انقسام الرأي العام الليبي بين مؤيد ومعترض حيال القرار، إلا أن جانب المنتقدين كان الغالب كما تظهر التدوينات والتعليقات الساخطة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع لزوم هيئة الرقابة الإدارية الصمت، وعدم خروجها بتطمينات للمواطنين الذين عبروا عن مخاوفهم حيال أوضاعهم الوظيفية. 
يقول المحامي الليبي إبراهيم الناجح، إن القرار يتعلق بمحاولة السيطرة على الفساد المستشري في ملف التعاقد والتعيين، إذ أرهقت الكثرة من الجهات الحكومية موازنة الدولة بإضافة أعداد كبيرة من الموظفين، وبحجم يفوق حاجتها من الموظفين، بل ويخالف التشريعات التي تقضي بأن يكون التوظيف حسب دراسة تبين الحاجة.
ويضيف الناجح لـ "العربي الجديد"، أن "القرار متعلق بعدم قدرة هيئة الرقابة الإدارية على متابعة الشكاوى التي انهالت عليها من قبل أعداد من الموظفين الجدد الذين يطالبون بمستحقاتهم المالية، فالدولة لم تتمكن من إضافة أسماء الموظفين الجدد إلى قوائم الرواتب الشهرية لوجود مخالفات كبيرة في إجراءات التعيين والتعاقد".
من جانبها، تؤكد الباحثة في الشأن الاجتماعي، حسنية الشيخ، أن ذلك لا يبرر للسلطات وقف التعيين والتعاقد، وأن القرار يعكس التهرب من المسؤولية وليس التصدي للفساد. موضحة لـ"العربي الجديد"، أن "القرار مضطرب، فهو يتحدث عن أرقام الموظفين الذين تدفع لهم الدولة رواتبهم، ثم يؤسس على هذا الرقم، ليلقي بالنتيجة على الشرائح التي لا يوجد لها مصدر دخل سوى وظائف القطاع العام".
وتقترح الشيخ "إعادة النظر في أعداد الموظفين الحاليين عبر تحديد مواقع الفساد بدلاً من وقف التعاقد والتعيين. لتنظر هيئة الرقابة في القطاعات التي يتلقى موظفوها أكبر الرواتب، أو يحدث فيه التعاقد العشوائي، والرأي العام يعرف أنها وزارة الداخلية، وهذا يعني المليشيات بأعدادها التي تزيد كل شهر، إذ يدرج المسلحون ضمن كوادر الوزارة، فهل لدى هيئة الرقابة الشجاعة الكافية لتقول إن المليشيات هم السبب؟ أو أن على الوزارة التوقف عن تعيينهم؟ بسبب خوف السلطات من سطوة المليشيات قامت بضم كل شرائح الليبيين لتعاقبهم بجريرة المسلحين بالمخالفة للتشريعات".

يقبل شباب ليبيا على الهجرة بسبب البطالة. 16 مارس 2024 (سيمون بوكاشيو/Getty)
يقبل شباب ليبيا على الهجرة بسبب البطالة. 16 مارس 2024 (سيمون بوكاشيو/Getty)

تتابع: "لا يمكن تمرير هذه الإجراءات بينما تغض السلطات نظرها عن سبب تضخم أعداد الموظفين، كما أن قفل باب التوظيف سيزيد من إقبال الشباب الجدد على الانخراط في المليشيات، لأن ذلك سيكون الطريق الأسرع، أو الوحيد للحصول على الرواتب. لا يمكن في الوقت ذاته تجاهل مخاطر قرار وقف التعاقد على الشباب المحتاجين إلى الوظائف، والأجدر هو معالجة السلطات للأوضاع الاقتصادية بما يسمح باستيعاب شرائح واسعة من الليبيين ضمن أعمال وأنشطة حرفية وغير حرفية للحصول على مصدر للعيش".
من جانبه، يلفت المعلم عبد الحكيم ضو، من طرابلس، إلى جانب آخر يتصل بتداعيات قرار وقف التوظيف على التعليم، وهو أن أغلب المعلمين تم توظيفهم خلال السنوات الماضية بطريقتين، وهما التنسيب تمهيداً للتعاقد، أو التوظيف، مؤكداً اعتماد أغلب المدارس على أعداد كبيرة من المعلمين المنتسبين. ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "المدارس ستعاني من أزمة معلمين كبيرة لاعتماد الكثير منها على المنتسبين الذين سيتركون مهامهم، فالقرار الجديد يعني بالتبعية فقدانهم أمل التوظيف".

ولم تعلن أي من حكومتي البلاد، في طرابلس وفي بنغازي، موقفها حيال قرار الرقابة الإدارية بوقف التوظيف في القطاعات العامة، خاصة في قطاع التعليم الذي يعتمد بشكل أساسي على التعاقد لسد العجز في المعلمين.
ويتساءل عبد الحكيم ضو عن مصير الآلاف ممن سيتخرجون من الجامعات والمعاهد، ويقول: "إلى أين سيذهب هؤلاء؟ هل فتحت الدولة مجالات أخرى غير التوظيف؟ ألم تفكر هيئة الرقابة وغيرها من أركان السلطة في شريحة الشباب قبل أن تصدر قراراً يسد أمامهم التطلع للمستقبل؟ نخشى حالياً من ارتفاع مؤشرات الجريمة والهجرة، لا سيما وأن الرقابة الإدارية أصدرت قرارها من دون أن تحدد موعد انتهاء العمل به".

المساهمون